التشريع والذكاء الاصطناعي بين الحاجة للتنظيم وواقع التحديات الأخلاقية

استحضرت ندوة حول “التشريع والذكاء الاصطناعي: التحديات والفرص” التحديات والفرص التي تطرحها التطورات المتسارعة للذكاء الاصطناعي بالنسبة للتشريعات الوطنية.
وفي هذا الصدد فتحت الأمانة العامة للحكومة في ندوة تحت عنوان “التشريع والذكاء الاصطناعي: التحديات والفرص”، مساء الجمعة، في قاعة “حوار” باب النقاش في هذا الموضوع من خلال التطرق إلى كيفية تطوير الأطر القانونية اللازمة لتنظيم استخدام التقنيات المتطورة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والتفكير في حلول تشريعية توازن بين مواكبة التحولات التقنية والاعتبارات القانونية والأخلاقية، من قبل نهى العبودي، وهي مستشارة قانونية للإدارات بالأمانة، ومحسن الرفاعي، بصفته مستشارا قانونيا للإدارات بالأمانة العامة أيضا.
وقال الرفاعي في حديثه خلال الندوة إن هذه التحولات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي تتطلب مواكبته من قبل المشرع، في تنظيم الحياة الاجتماعية، مبرزا التحديات الكبرى التي تُطرح في هذا الصدد تتعلق بالجوانب الأخلاقية والقانونية، من خلال تحديد مفهوم المسؤولية وقواعد هذه الأخيرة.
ووصفت نهى العبودي في كلمتها خلال الندوة إن “الذكاء الاصطناعي” بثورة تكنولوجية أصبحت تفرض على الدول اللحاق بقطاره، مبرزة أن “هذه التقنية شهدت تطورات كبيرة بفضل استخدام خوارزميات حديثة وأصبحت تطلع بدور كبير في التنمية السوسيو اقتصادية من حيث الآفاق والفرص الواهدة، التي تحملها في ميادين الابتكار والإنتاجية، إذ يُتوقع أن تحقق زيادة قد تصل إلى 14 في المسءة من الناتج الداخلي الإجمالي العالمي بحلول 2030”.
وفي الجانب التشريعي، تحدثت نهى عن المسؤولية الجنائية تسقط عن الذكاء الاصطناعي الذي لا يتميز بالعقل السليم بحسب هذا القانون، مما يقود إلى استحضار الاعتراف بالشخصية القانونية للربوتات حتى يتسنى مساءلتها جنائيا ومدنيا، خاصة وأنها تطورت حتى صارت بديلا للإنسان، بحسبها.
وتطرقت إلى المسؤولية التقصيرية فيما يتعلق بالربوتات، إذ أكدت أنه من الصعب ربطه بالمسؤولية عن الأشياء التي توجد في حيازة الأشخاص أو الحراس وفقا للقانون، مشيرة إلى أنه يصعب توقيع عقوبات في هذا الصدد.
وفي تصريح لجريدة “مدار21” قالت المستشارة نهى العبودي إن الذكاء الاصطناعي اليوم بات يفرض تحديات أخلاقية وقانونية عدة، مما اقتضى تسليط الضوء على بعض الجوانب التي تهم المنظومة القانونية للمملكة في علاقتها بخصوصية الذكاء الاصطناعي.
وأكدت العبودي أنه “يجب تحديث هذه المنظومة لكي تستوعب كافة هذه الخصوصيات ومن أجل أيضا ضمان الحريات والحقوق الأساسية في ظل الاكتساح السريع للتكنولوجيا الحديثة وخاصة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على التعلم الذاتي واتخاذ قرارات بشكل مستقل تماما عن أي تدخل بشري”.
وعما إذا كان المغرب قادرا على التفاعل مع التطورات الحاصلة في مجال لاتكنولوجيا وضمنها الذكاء الاصطناعي، تشدد العبودي في حديثها للجريدة أنه “من الناحية القانونية فتشريعنا يمكن أن يواكب هذه التحديات، فقط يجب تحديث هذه المنظومة”.
وتشير المتحدثة ذاتها إلى أن هذا التحدي لا يُطرح بالنسبة للمغرب فقط، بل يطرح أيضا على مستوى أغلبية الدول لأن تطبيقات الذكاء الاصناعي مازالت تثير العديد من المشاكل في العديد من البلدان.