المخرجات الأولية للحوار الاجتماعي تُحبِط المتقاعدين المتشبثين برفع المعاشات

لم ترُق المخرجات الأولية للقاءات الحكومة مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيليةً فئة المتقاعدين التي رفضت بشكل قاطع تغييب ملفها عن القضايا التي شملها تداول الحوار الاجتماعي بين الحكومة وشركائها، مستحضرةً “تردي القدرة الشرائية في صفوف المتقاعدين الذي يهدد العيش الكريم”.
وتطالب شبكة هيآت المتقاعدين، ضمن المذكرة الترافعية التي واجهت بها مخرجات لقاءات الحكومة والنقابية حول الحوار الاجتماعي، بـ”إعادة تقييم المعاشات بشكل دوري لمواكبة ارتفاع تكاليف المعيش باعتماد السلم المتحرك للمعاشات ومراجعة القانون الذي يحرم معاشات المتقاعدين من الزيادة إثر كل زيادة عامة في أجور الموظفين المزاولين”.
وتتشبث الشبكة التي تضم هيئآت متعددة لتمثيل المتقاعدين في محتلف القطاعات أن الأصل هو ألا يقل المعاش المدني عن الحد الأدنى للأجور (SMIG)، مشددةً على أهمية الزيادة الصافية في المعاشات بما لا يقل عن 2000 درهما للحفاظ على القدرة الشرائية للمتقاعدة وتلبية الحاجيات المتزايدة.
وبحكم الحيف الذي تتعرض له الأرامل في السياق الحالي، تضيف الوثيقة التي اطلعت عليها الجريدة، أنه لابد من التفكير في الحفاظ على معاش الأرملة كاملاً بعد وفاة المتقاعد المعني مباشرة بهذا المعاش، مؤكدةً ضرورة رفع التعويضات عن التطبيب والأدوية إلى 100 في المئة وتمكين المتقاعدين وذوي الحقوق والأرامل من الاستفادة من التخفيضات في النقل والخدمات العمومية”.
وتأسفت الهيئات ذاتها من “التجاهل المقصود” الذي تعامل به الحكومة مع مطالب هذه الفئة التي أفنت عمرها في خدمة المرفق والصالح العام، مشيرةً إلى أنه كل مكونات الشبكة عبرت عن قلقها البالغ إزاء التدهور المستمر في القدرة الشرائية لفئة المتقاعدين وذوي الحقوق والأرامل والتي باتت تعاني من تبعات الغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار وتردي الخدمات الصحية والاجتماعية.
واستغرب المصدر ذاته تفرج الحكومة على هذه “الأوضاع المزرية” التي يعيش على وقعها المتقاعد المغربي، منتقدا “غياب أي إرادة حقيقية في تحسين المداخيل أو المراجعة العادلة للمعاشات التي استمر تجميدها منذ 1996 إلى الآن مما أفقدها قيمتها الشرائية وقدرتها على الاستجابة لمتطلبات الحياة المعيشية الضرورية والمتزايدة”.
ويطالب المتقاعدون المغاربة بـ”رفع تمثيلية المتقاعدات والمتقاعدين في المجالس الإدارية لصناديق التقاعد
وتجويد الخدمات الاجتماعية والصحية والمعنوية والإدماجية للمتقاعدين والمسنين مع تمتيعهم بامتيازات
تفضيلية لا تقل عن 50 في المئة فيما يتعلق بمجموعة من الخدمات النقل / الفنادق / الترفيه، …”.
وقبل أسبوع، استبقت هيآت المتقاعدين بدأ الحكومة لقاءتها مع المركزيات النقابية تمهيداً لتوقيع الاتفاق الاجتماعي بالدعوة للاحتجاج على الأوضاع “المتردية” للمتقاعد المغربي، رافضين تجميد المعاشات لمدة تفوق 20 سنة في الوقت الذي ترتفع فيه تكاليف المعيش اليومي.
المصطفى البويهي، منسق “فيدرالية المتقاعدين بالمغرب” العضو المؤسس لشبكة هيآت المتقاعدين بالمغرب قال إن “المتقاعدين ليسوا هواة للاحتجاج وإنما اضطروا إلى ذلك بسبب تجاهل مطالب شيوخ الوظيفة، سواء في القطاع العام أو الخاص، والإشارات التي لطالما بعثناها عبر نضالاتنا”، مبرزاً أن “البيان الأخير هو امتداد لصرخة المتقاعد المغربي من المعاناة التي يتحملها منذ عقود”.
وانتقد البويهي، في تصريح سابق لجريدة “مدار21” الإلكترونية، تعامل الحكومة “الباهت” مع هذا الملف الاجتماعي المهم، مشيرا إلى أن “هذه الوقفة الاحتجاجية التي سنخوضها هي تذكير للحكومة بملفنا المطلبي العادل قبل توقيع الحكومة للاتفاق الاجتماعي مع المركزيات النقابية”.
وأشار النقابي ذاته إلى أن “الشبكة المغربية لهيآت المتقاعدين بالمغرب سبق أن راسلت رئاسة الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ومؤسسة وسيط المملكة بالإضافة إلى المركزيات النقابية”، مشدداً على أن “السياق الاجتماعي والاقتصادي الذي تأتي فيه جولة أبريل من الحوار الاجتماعي يجعل الاهتمام بتحسين وضعية المتقاعدين مهمة أكثر من أي وقت مضى”.
ورداً على دفوعات الحكومة بأنها أقرت إجراءات مهمة لتحسين الوضعية المادية للمتقاعد وفي مقدمتها إعفاء المعاشات من الضريبة على الدخل، أورد المصدر ذاته أن “يمكن أن نسمي هذا الإجراء بـ(ضحكة أبريل) بحكم أنه لم ولن يمس 98 في المئة من المتقاعدين”، متسائلاً “كم هو عدد المتقاعدين الذين يفوق معاشهم 6 آلاف درهم؟”.
ولم يستسغ النقابي عينه ما سمَّاه “عبث ومكر” الحكومة في ملف المتقاعدين بغطاء الإعفاء الضريبي للمعاشات، مُسجلاً أن “الأساسي اليوم والمستعجل هو تحسين وضعية متقاعدين ما يزالون يتقاضون معاشات لا تتجاوز ألف درهم شهرياً ولا تفوق 3 آلاف درهم”.