اقتصاد

“إعادة توطين الاستثمار” فرصة المغرب في “حرب” ترامب الجمركية

“إعادة توطين الاستثمار” فرصة المغرب في “حرب” ترامب الجمركية

لا قدرة في الوقت الراهن للصادرات المغربية على استغلال حرب ترامب الجمركية ضد الصين وأوروبا، وبالتالي فالرسم “التفضيلي” الذي خص به الرئيس الأمريكي المملكة لن يكون ذا نفع اقتصادي مباشر، وعلى المدى القريب، لكن الفرصة الذهبية تكمن في مكان آخر، وفق تحليل اقتصادي حديث.

يتعلق الأمر، وفقاً لمركز أبحاث “بي إم سي إي كابيتال غلوبال ريسرش” (BKGR) في “فرصة غير مباشرة وعلى المدى البعيد”، إذ يَرى المحللون أنه في حال استمرار سياسة ترامب الحمائية المتشددة ضد شركاء أمريكا التجاريين الكبار أمداً طويلاً، فسوف يؤدي ذلك إلى تفكير عدد لا يستهان به من الشركات العالمية في إعادة توطين مصانعها وسلاسل إنتاجها خارج البلدان المتضررة من رسوم ترامب المرتفعة.

وفي مقال سابق؛ أوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، علي بوطيبة، لـ”مدار21″، كيف أنّ الرئيس الأمريكي يستهدف بسياسته الجمركية هذه حث رأس المال الأمريكي الموطّن خارج بلاد العم سام على العودة أدراجه من البلدان التي تستحوذ عليه، سعياً وراء زيادة النمو الاقتصادي وفرص الشغل داخل الولايات المتحدة.

لكن المغرب وضع نفسه منذ فترة معينة لاعباً كبيراً في مباراة “إعادة توطين سلاسل القيمة العالمية”، التي اندلعت منذ أزمة “كوفيد19” وبعدها الحرب الروسية-الأوكرانية، بحيث يعرف العالم حركية كبيرة لرؤوس الأموال التي تبحث لنفسها عن “جنّات اقتصادية جديدة”.

وبلغة الأرقام، تكشف المعطيات المتاحة على كون المغرب يبدو مستفيدا من حركة إعادة التوطين الجارية على الصعيد الدولي، مُستقبلا المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ولاسيما في القطاعات الصناعية.

واستنادا للأرقام التي عرضها البنك الدولي في تقرير حديث مخصص للاقتصاد الوطني، فإن تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر نحو المغرب سجل ارتفاعا بنسبة 22 في المئة في سنة 2022، ليبلغ 2,9 في المئة من الناتج المحلي الخام.

ووفقا للمصدر ذاته، شهدت مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة المعلن عنها في المملكة ارتفاعا هائلا، منتقلة من 3,8 مليار دولار في سنة 2021 إلى 15,3 مليار دولار في 2022 ثم 38 مليار دولار في 2023.

وبالعودة إلى تحليل “Strategy” الصادر عن مركز (BKGR) برسم شهر أبريل الجاري، فإنه “وإن كانت إعادة توزيع أوراق التجارة العالمية تبدو للوهلة الأولى عبارة عن تهديد، فبإمكانها تشكيل فرصة للمملكة”، مضيفاً أن ضعف الرسوم المفروضة على المغرب مقارنة بعدد من البلدان المنافسة من شأنه تمكين الصادرات المغربية نحو الولايات المتحدة من كسب بعض التنافسية، رغم أن حصة هذه الأخيرة تظل إلى غاية الآن متواضعة، في حدود 12,5 مليار درهم في 2023.

“لكن وعلى المدى الأطول، وفي حال استمرار هذا المشهد الدولي لوقت طويل، فبإمكان المقاولات الأجنبية التفكير في إعادة توطين أنشطتها بالمغرب، و/أو استخدامه كمركز عالمي لتفادي القيود المفروضة من طرف الولايات المتحدة على مراكز أخرى” يضيف المحللون.

لكن، وفي الجهة المقابلة، حذر التحليل من أن شبح الركود الاقتصادي العالمي يخيم على الآفاق نتيجة الحرب الجمركية الجارية، “فإذا كانت المملكة على الأرجح لن تتضرر بشكل مباشر بقواعد اللعبة الجديدة، إلا أن الطالب الخارجي الموجه للمغرب، من شأنه أن يتأثر”.

كما لفت مركز الأبحاث إلى أن خطر عودة التضخم، ولاسيما المستورد منه، بات محتملاً كذلك، خاصة مع الارتفاع المتوقع لتكاليف الإنتاج عالمياً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News