الحكومة تراهن على “موّاد مسؤولة بيئيا” لخفض انبعاثات قطاع البناء

لم يعد مفهوم “الاستدامة” غريباً عن أي قطاع اقتصادي، أو مُتجاهلاً في أي من السياسات العمومية بالمغرب، لا سيما وأن المملكة بدأت تستشعر تداعيات الأزمة المناخية العالمية، على شكل جفاف وكوارث بيئية مختلفة. ولا يشذ قطاع البناء والأشغال العمومية عن هذا التوجه، خاصة وأن دراسات جادة حملته مسؤولية 21 في المئة من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري في العالم.
ووضعت الوزارات المعنية، وفي مقدمتها وزارة التجهيز والماء، سلسلة من التدابير لنقل قطاع البناء والأشغال العمومية إلى نمط مستدام، استجابة لتحديات التغير المناخي وخاصة الإجهاد المائي، فضلاً عن الحاجة للاقتصاد في استنزاف المواد، ما يحث على إعادة التفكير في أساليب ووسائل البناء بالمغرب.
وفي هذا الصدد، أكد مدير الشؤون الإدارية والقانونية بوزارة التجهيز والماء، لحسن معزيزي، أن الوزارة تدعم اعتماد “مواد البناء المسؤولة بيئيا”، كاستجابة فعالة لرهانات البناء المستدام، إذ تتيح هذه المواد خفض البصمة الإيكولوجية وتحسين النجاعة الطاقية للمباني، بل حتى تحسين تجربة عيش السكان.
وأضاف المسؤول، خلال كلمة له برسم ندوة حول “البناء المستدام: المواد المسؤولة بيئيا، مقاربات وحلول مبتكرة” أن الوزارة اتخذت سلسلة من المبادرات في هذا الصدد، في مقدمتها إدراج هذه المواد الإيكولوجية في الأوراش العمومية، وتحسين الاستهلاك الطاقي للبنيات التحتية، فضلا عن خفض البصمة الكربونية لأوراش البناء.
ولفت في هذا السياق إلى توقيع اتفاقية إطار في سنة 2022 بين الوزارة والوكالة الوطنية للتجهيزات العامة، تحدد سبل النهوض بالنجاعة الطاقية والتنمية المستدامة في المنشآت والبنايات العمومية، إضافة إلى إرساء علامة “إيكو-بنايات”، التي باتت مرجعية وطنية في النجاعة الطاقية والبيئية للبنايات العمومية.
وتم إطلاق العلامة الوطنية “إيكو بنايات” في سنة 2020، وهي عبارة عن نهج تطوعي لفائدة حاملي مشاريع البناء والمنعشين العقاريين، بهدف تحسين جودة الطاقة والبيئة في المباني. وتهدف إلى تسليط الضوء على الممارسات الجيدة بهدف تحريك قطاع البناء نحو الاستدامة وتوفير للطاقة.
و”لدعم هذا التحول، أطلقت الوزارة كذلك دورات ومؤتمرات وندوات بالتعاون مع المؤسسات الأكاديمية والشركات النشطة في القطاع، على غرار المعارض الجهوية للماء، والتي مكنت من تسليط الضوء على حلول مبتكرة لإدارة أكثر استدامة لهذا المورد الأساسي للبناء” يضيف معزيزي.
وعلاوة على ذلك، “هناك مشاريع نموذجية جارية لإظهار جدوى وفوائد البناء المستدام. وتشكل محطات تحلية مياه البحر الكبرى، على سبيل المثال، جزءا من هذه الدينامية، من خلال المساهمة في التنمية التي تحترم مواردنا الطبيعية”.
وأضاف كذلك: “تشجع الوزارة التآزر بين القطاعين العام والخاص لتمويل مشاريع البنية التحتية المستدامة، مع التركيز على نماذج التمويل المبتكرة، وتشجيع المستثمرين على التحول إلى فاعلين رئيسيين في هذا التحول”.
ولفت إلى أن “البناء المستدام” يعتمد على ثلاثة ركائز أساسية؛ “استدامة المواد والبنية التحتية والقدرة على الصمود في مواجهة تحديات المناخ والحد من البصمة البيئية في جميع مراحل دورة حياة المبنى”.
وخلص إلى أن الابتكار التكنولوجي يمثل بدوره رافعة للحد من التأثير البيئي للقطاع، خاصة من خلال استخدام مواد الجيل الجديد وأنظمة الطاقة المتجددة. “فاليوم لدينا فرصة فريدة لوضع فعل البناء المستدام في قلب استراتيجيتنا الوطنية للتنمية”.