اقتصاد

الـ”بوز” و”الأخبار الزائفة”.. هل باتت تشكل خطرا على الاقتصاد المغربي؟

الـ”بوز” و”الأخبار الزائفة”.. هل باتت تشكل خطرا على الاقتصاد المغربي؟

الانتشار السريع لظاهرة “المؤثرين” المتصيدين للـ”بوز” (Buzz) سعياً وراء مداخيل المنصات الاجتماعية، وإن ببث أخبار أو معلومات زائفة ومضللة، بات إشكالية يصعب تجاهلها، لاسيما بالنظر للتهديد الذي تشكله على الاقتصاد الوطني من خلال حث المواطنين على اتخاذ بعض القرارات الاستهلاكية المضرة بالدورة الاقتصادية.

ولعل آخر تجلٍ لما سلف سوء الفهم الذي نجم عن دورية المديرية العامة للضرائب، بخصوص التسوية الطوعية للوضعية الجبائية للأشخاص الذاتيين، والتي أفادت بأن “الأشخاص الذين لم يصرحوا سابقا بدخولهم أو ممتلكاتهم، مُلزَمون بتسوية أوضاعهم عبر التصريح وأداء 5 في المئة من قيمة الأموال أو الممتلكات غير المصرح بها”.

تناسلت منذ ذلك الحين على شتى وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات من “مؤثرين” تحذر المواطنين من خضوع كل الحسابات البنكية بدون استثناء لاقتطاع قدره 5 في المئة، مما أثار حالة ذعر وارتباك في صفوف ماسكي الحسابات البنكية.

وكانت “مدار21” تواصلت مع مصادرها في القطاع البنكي التي أكدت عدم صحة الخبر، واشتكت في الوقت ذاته من تداعيات تلك الأخبار التي دفعت العديد من ذوي الحسابات البنكية إلى سحب مبالغ كبيرة من البنوك في ظرفية وجيزة.

وفي هذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي بدر زاهر الأزرق، أن هذا النوع من الشائعات ينطوي على تداعيات وخيمة على الاقتصاد الوطني، بحيث من شأنها أن “تدفع عددا من المعنيين للإحجام عن التصريح بممتلكاته ومدخراتهم، وهو ما قد يؤدي لتفاقم تداول الكاش، الذي يعد سلبيا جدا للدورة الاقتصادية، والمحتاجة لضخ السيولة عبر المدخرات البنكية”.

وتبذل السلطات المالية المغربية جهودا جبارة للتصدي لـ”تغول” الكاش، إذ كان والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، صرح في وقت سابق بأن نسبة تداول النقد بالمغرب تعد من بين الأعلى في العالم، إذ تجاوزت وفق أحدث الأرقام 400 مليار درهم.

ويرى الخبراء أن هذا الاتجاه يعزى إلى انتشار الاقتصاد غير المهيكل وضعف الثقة في البنوك، ما يدفع الكثير من الأسر إلى تفضيل الاحتفاظ بأموالها خارج النظام المصرفي.

من جهة ثانية نبه الأزرق، في تصريح لصحيفة “مدار 21″، إلى أن هذا النوع من الأخبار والمعلومات الزائفة قد يشجع التهرب الضريبي ما من شأنه إفقاد الخزينة موارد هامة.

هذه القراءة تعززها الأرقام التي كشفت عنها عملية التسوية الضريبية نفسها، والتي أكدت تسجيل المصالح الجبائية ما مقداره 100 مليار درهم، تم التصريح بها في غضون ساعات قليلة على إثر هذه العملية.

لا يرى الأزرق أن المشكلة الحقيقية تكمن في الإشاعات والتأويلات المجانبة للصواب التي تعج بها المنصات الاجتماعية “هذا أمر مألوف ويُعتبر عادياً؛ غير العادي هو غياب مواكبة إعلامية رسمية للموضوع”.

وأضاف المتحدث أنه “حين تكتفي مديرية الضرائب بإصدار دورية يتيمة، دون التفصيل فيها، ودون الاستعانة بالإعلام الرسمي لتقديم توضيحات حول الموضوع، ما دفع وسائل الإعلام للاستعانة بتأويلات وتوضيحات من أساتذة جامعيين وخبراء اقتصاديين يفتقرون لصلة مباشرة بمنبع المعلومات الرسمية، فنحن أمام مشكلة تواصلية”.

واعتبر أن العملية، بالنظر لحجمها، المتجلي في المبالغ المالية الضخمة التي ضختها في خزينة الدولة، كان يفترض على الأقل أن تواكبها حملة تحسيسية وتواصلية ترقى لأهميتها.

“حتى على المستوى الزمني، فهذا الإجراء منصوص عليه في قانون المالية لسنة 2024، ومن غير المنطقي إصدار تلك الدورية حتى الربع الأخير من السنة، وبشكل مباغت ودون مواكبة إعلامية” يخلص الخبير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News