اقتصاد

منجم سياحي.. هل يُفلح المغرب في استقطاب نصف مليون سائح صيني؟

منجم سياحي.. هل يُفلح المغرب في استقطاب نصف مليون سائح صيني؟

طردت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ الأخيرة للمغرب أشباح تدهور العلاقات الاقتصادية بين البلدين، لا سيما بعد التقارب المغربي-الفرنسي الأخير في ظل التنافس المحتدم بين القوتين العظميين. الأمر الذي أعاد آفاق التعاون الاقتصادي بين الرباط وبكين إلى مستوياتها الواعدة، وخاصة في القطاع السياحي، حيث يعول المغرب على استقطاب نصف مليون سائح صيني في الأفق المنظور.

هذا الطموح كشف عنه السفير المغربي بجمهورية الصين الشعبية، عبد القادر الأنصاري، في تصريح حديث لصحيفة صينية حول كون المغرب يطمح لبلوغ نصف مليون سائح صيني في غضون السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة، وهو الطموح الذي يتقاسمه مع المكتب الوطني المغربي للسياحة.

أما الوزارة الوصية فطموحها أكبر، إذ تراهن خارطة الطريق التي أعدتها على جلب 750 ألف سائح من الصين. وكان ذلك محور مباحثات أجرتها الوزيرة، فاطمة الزهراء عمور، مع راو تشوان نائب وزير الثقافة والسياحة الصيني خلال لقاء جمع الطرفين بالرباط منتصف هذا العام.

وكشف الأنصاري عن تضاعف عدد السياح الصينيين المتجهين إلى المغرب منذ أقدمت المملكة على إعفاء المواطنين الصينيين من التأشيرة في سنة 2019، لينتقل عددهم بفضل هذا التدبير من حوالي 15 ألف زائر صيني سنويا إلى 200 ألف.

وبغض النظر عن تمتين العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين، فاستهداف المغرب رفعَ حصته من سوق السياحة الصينية يُعدّ توجها براغماتيا، تمليه عدة اعتبارات في مقدمتها كون الصين تتوفر على ثاني أكبر تِعداد سكاني في العالم بـ1.41 مليار نسمة، كما تعد من أكبر الأسواق المصدرة للسياح بحوالي 130 مليون سائح صيني في سنة 2024.

ولا يقتصر الأمر على “الكم”، بل أيضا “نوعية” السائح الصيني، إذ أبرز تقرير صادر عن منظمة السياحة العالمية أن إنفاق السياح الصينيين على السفر نحو الخارج بلغ 196,5 مليار دولار أمريكي في سنة 2023، متقدمين على الأمريكيين (150 مليار دولار) والألمان (112 مليار دولار) والبريطانيين (110 مليار دولار) والفرنسيين (49 مليار دولار).

وكشف المصدر ذاته عن كون السائح الصيني الواحد يتمتع بقدرة إنفاق كبيرة، إذ ينفق في المعدل حوالي مرتين أكثر مما ينفقه السائح الأمريكي خارج بلده.

ومن جانبها، أظهرت وكالة “SiteMinder” الأسترالية المتخصصة في القطاع الفندقي، أن من خصائص السياح الصينيين كونهم يسافرون على مدار العام؛ “على عكس السياح من بعض المناطق الذين يُسافرون موسميا، يتمتع المسافرون الصينيون بفترات ذروة سفر متعددة على مدار العام”.

وأضاف المصدر نفسه أن للصينيين كذلك تأثيرا عالميا؛ بحيث يعمدون غالبا لمشاركة تجارب سفرهم على منصات التواصل الاجتماعي، مما يؤثر على الأصدقاء والعائلة والمتابعين، ويساهم في زيادة الجاذبية السياحية للوجهة في صفوف جمهور أوسع.

بيد أن استغلال هذا “المنجم السياحي” يتطلب تدابير عدة، وفقا لرئيس جمعية الصداقة والتعاون المغربية الصينية، محمد خليل، الذي أكد في تصريح لـ”مدار21″، أن بإمكان المغرب تحقيق أهدافه السياحية إزاء السوق الصينية، بل تجاوزها، شريطة تعزيز مؤهلاته من الأطر السياحية المتمكنة من اللغة والمنفتحة على الثقافة الصينيتين.

وما زال المغرب مفتقرا لمرشدين سياحيين مؤهلين للتعامل مع السياح الصينيين لغويا وثقافيا، إذ إن السائح الصيني، وفقا لخليل، يتميز بكونه “سائحا ثقافيا بامتياز”، ومن ذلك حاجته لمرشدين سياحيين ملمين بتاريخ المغرب وتراثه لتعريفه بالمنطقة التي يسافر إليها.

كما لفت إلى الارتباط الشديد الذي يميز السائح الصيني بثقافته الأم، إذ يميل الصينيون على سبيل المثال لشرب الماء ساخناً، فإذا توفر لدى المؤسسات الفندقية مثلاً إطار ملم باللغة والثقافة الصينيتين فسيمكنها ذلك من التواصل بشكل أفضل مع الزبون وإرضائه، وبالتالي إغراؤه بالعودة بل واقتراح الوجهة المغربية على محيطه”.

تجدر الإشارة إلى أن المكتب الوطني المغربي للسياحة باشر، حسب بلاغ له، العمل مع الفاعلين السياحيين المغاربة وأرباب وكالات الأسفار والفنادق، إجراء مشاورات مع نظرائهم الصينيين بهدف “وضع أسس تعاون تجاري مثمر ومربح لكافة الأطراف”.

وتراهن المملكة على استقطاب 17.5 مليون سائح بحلول سنة 2026، لا سيما في سياق استعدادها لتنظيم فعاليات رياضية ومؤتمرات دولية كبرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News