الحرمان من التمويل والصفقات العمومية يدفع المقاولات الصغرى نحو القطاع غير المهيكل

ما زالت عدة مقاولات صغيرة جدا وصغرى ومتوسطة تفضل الاشتغال في القطاع غير المهيكل، وذلك رغم الجهود التي تبذلها الحكومة للتحكم في زحف هذا القطاع ودمج المقاولات والفاعلين في إطار مقنن غير أن ذلك يصطدم بمشاكل الحرمان من التمويل واستمرار الجمود في تفعيل آلية تخصيص جزء من الصفقات العمومية لفائدتها.
وفي هذا السياق، أكد رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، عبد الله الفركي، أنه يُلاحظ نزوح متزايد للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة نحو القطاع غير المهيكل منذ سنة 2020، لا سيما بعد أزمة “كوفيد 19” وما تلاها من أزمات متعلقة بالتضخم والجفاف.
وفي نفس الصدد، اعتبر الفركي، خلال مرور له ببرنامج “L’opinion des jeunes” على يوتيوب، أن الكونفدرالية ما فتئت تطالب السلطات بفسح المجال أمام المقاولات الصغرى والمتوسطة المشتغلة في إطار غير مهيكل للوصول بدورها إلى التمويل والصفقات العمومية، باعتبار ذلك وسيلة لتحفيزها على الهيكلة.
وقال إن “تشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة المشتغلة في إطار مقنن، عبر منحها الولوجية إلى التمويل والصفقات العمومية، من شأنه أيضا حث المقاولات المشتغلة في القطاع غير المهيكل على تقنين وضعها”. مفسرا النزوح نحو القطاع غير المهيكل بكون المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة “تعلم أنها لن تجني شيئا من الهيكلة، فهي لن تستفيد لا من تمويل ولا من طلبيات عمومية”.
وفي معرض جوابه عن سؤال حول ضرورة الالتزام بـ”إطار اقتصادي أخلاقي”، لا يضمنه سوى القطاع المهيكل، لا سيما عقب ما كشف عنه الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، بشأن عدم تأدية ما بين 65 إلى 70 في المئة من المقاولات الصغرى والمتوسطة للمساهمات الاجتماعية، بل امتناع البعض الآخر حتى عن أداء الأجور، أجاب الفركي بأن المقاولات الكبرى مطالبة بذلك أولا.
واعتبر أن على هذه الأخيرة “أن تقوم بالخطوة الأولى في هذا الصدد، بما أنها تلجأ بدورها لممارسات لا أخلاقية على غرار “الكاش بولينغ”، الذي يقوم على إعلان إفلاس مقاولات وسحب الأموال منها للتهرب من دفع مستحقات مئات المقاولات الصغيرة، مؤدية بها إلى الإفلاس”.
وأضاف أن الحكومة بدورها “لا تمارس سلوكيات أخلاقية اقتصاديا، فهي تشجع أرباب المقاولات الكبرى على حساب صغار المقاولين”، متسائلاً: “أين ذهبت حصة 20 في المئة من الصفقات العمومية التي ينص عليها القانون لفائدة المقاولات الصغيرة والمتوسطة؟ نتكبد بسبب عدم تفعيل هذا المقتضى منذ سنة 2013 خسائر سنوية تقدر بـ60 مليار درهم”.
وأورد أن الرقم الذي تحدث عنه فوزي لقجع يتعلق بمقاولات القطاع غير المهيكل، “لا يمكن لأي مقاولة مهيكلة التهرب من أداء الأجور والضرائب والمساهمات الاجتماعية”، مضيفا أنه خلال اجتماع أخير جمع الكونفدرالية بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تم الاتفاق على إحداث لجان وطنية وجهوية لتسهيل أداء المساهمات الاجتماعية.
وقال إن “كل ما تحتاجه المقاولات الصغرى والمتوسطة للوفاء بالتزاماتها هو الولوج إلى تسهيلات وجدولة ديونها بما يتماشى مع الأزمة التي يعيشها الاقتصاد الوطني بسبب التضخم والجفاف”.
ونبه إلى أن هذه المقاولات لم تستفد من قروض “أوكسجين” ولا قروض “انطلاقة”، مشيرا إلى أن لجنة اليقظة الاقتصادية تم إحداثها وتكوينها من مؤسسات حكومية وأرباب المقاولات الكبرى، مع تهميش تام لصوت المقاولات الصغرى والمتوسطة.