اقتصاد

تحديات تواجه تنفيذ أولويات مالية 2025 في طريق الاستعداد لتنظيم مونديال 2030

تحديات تواجه تنفيذ أولويات مالية 2025 في طريق الاستعداد لتنظيم مونديال 2030

وضعت المذكرة التوجيهية حول إعداد مشروع قانون المالية برسم السنة المالية 2025، الموجهة من رئيس الحكومة إلى القطاعات الوزارية، الشغل والمشاريع الاستثمارية على رأس أولوياتها، إذ أبرزت أن هذا المشروع يعتبر محطة أساسية لتكريس توجه الحكومة من خلال العمل على تنفيذ خارطة طريق واضحة المعالم.

وأشار المصدر ذاته إلى أن خارطة الطريق هذه تنبني على تحليل شامل لمعطيات سوق الشغل وكل العناصر المرتبطة به بشكل مباشر، بما في ذلك آليات العرض والطلب والوساطة في التشغيل، وكذا التشريعات والإجراءات المتعلقة بسوق الشغل.

وأورد أنها تنص أيضا على مخططات عمل على مدى الخمس والعشر سنوات المقبلة، تتضمن إجراءات عملية سيتم تفعيلها بموجب مشروع قانون المالية لسنة 2025. وستوجه هذه الإجراءات بالخصوص لدعم الشغل في العالم القروي، وإعادة هيكلة البرامج النشيطة للتشغيل، ودعم ومواكبة المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، مع التركيز على دعم النشاط الاقتصادي للنساء وضمان ولوجهن لسوق الشغل.

وعلى صعيد آخر، ستواصل الحكومة دعمها للاستثمار العمومي والخاص، وفق التوجيهات الملكية الهادفة إلى تمكين المملكة من ميثاق تنافسي جديد للاستثمار، قادر على خلق فرص الشغل وتحقيق قيمة مضافة عالية وتقليص الفوارق المجالية.

ويعني ذلك، حسب المذكرة، تنزيل جزء مهم من النصوص التنظيمية المؤطرة لعمليات الاستثمار، عبر تفعيل آليات الحكامة الخاصة بتتبع منظومة الاستثمار، لاسيما إحداث المرصد الوطني للاستثمار، إضافة إلى مواصلة إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار.

وستواصل الحكومة تنزيل الإجراءات التي جاءت بها خارطة الطريق الاستراتيجية 2023-2026 الخاصة بتطوير مناخ الأعمال، من خلال تجويد منظومة الصفقات العمومية، والتمويل التعاوني، وتقليص آجال الأداء، والإحداث الإلكتروني للمقاولات، وتبسيط أزيد من 45 في المئة من المساطر الإدارية المرتبطة بالاستثمار ورقمنتها، وتفعيل الإصلاح الضريبي الذي يضمن وضع نظام جبائي مستقر وشفاف.

وبعدما أكدت المذكرة الدينامية والوتيرة المتسارعة التي تعرفها المشاريع الاستثمارية المصادق عليها من طرف اللجنة الوطنية للاستثمارات، أبرزت أن هذه المشاريع الاستثمارية الواعدة ستساهم في خلق قيمة مضافة عالية وإحداث فرص شغل قارة ولائقة.

هذا، إلى جانب المشاريع الكبرى التي سيتم إطلاقها في قطاعات السكك الحديدية، والطيران، والطاقة والماء، والسياحة، والفلاحة، والنقل الحضري، وذلك في إطار استعدادات المملكة لاحتضان التظاهرات الكروية الكبيرة وفي مقدمتها كأس العالم 2030. وستساهم كل هذه المشاريع في تعزيز دينامية نمو الاقتصاد الوطني خلال السنوات القادمة وخلق المزيد من فرص الشغل.

وبهذا الصدد، لفت عبد الرزاق الهيري، المحلل الاقتصادي والأستاذ الباحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، إلى أن المذكرة التوجيهية أبرزت أن هناك 4 أوليات سيتم التركيز عليها، أولها مواصلة ركائز الدولة الاجتماعية، ثم توطيد دينامية الاستثمار وفرص الشغل وثالثا مواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية ورابعا الحفاظ على استدامة المالية العمومية.

واعتبر الهيري في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن هذه الركائز هي امتداد لقوانين المالية السابقة وهي تدشن لمسار تنموي جديد في إطار النموذج التنموي الجديد وفي إطار الرؤية الطموحة من أجل إنجاح تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى، كأس إفريقيا للأمم وخصوصا كأس العالم 2030.

ويرى المتحدث أن الإكراهات التي تواجه تنفيذ هذه الرؤية كثيرة، لكنه في المقابل يشير إلى أن السلطات العمومية عازمة على مواصلة المجهودات في هذا الإطار وخصوصا تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية عن طريق تعميم التغطية الاجتماعية وتوزيع الإعانات الاجتماعية المباشرة.

وقال الأستاذ الباحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، وهو أيضا مدير مختبر تنسيق الدراسات والأبحاث في التحليلات والتوقعات الاقتصادية، إن الهاجس الكبير الذي يواجه الحكومة لتنزيل هذه الرؤية اجتماعي واقتصادي، الأول من خلال محاربة البطالة التي وصلت إلى مستويات قياسية في الفترات السابقة وكذلك مشاكل إدماج الشباب في النسيج الاجتماعي والاقتصادي.

كما سجل في حديثه للجريدة أن الإكراه الآخر الذي يواجه تنفيذ الرؤية هو تحقيق نسب نمو كفيلة بالتخفيف من البطالة وكفيلة بتحسين مستوى عيش المواطن، معتبرا أن الركيزة الثانية (توطيد دينامية الاستثمار وفرص الشغل) تمثل تحديا كبيرا في قانون مالية 2025.

وأردف في السياق ذاته موضحا أسباب ذلك: “لأن الاقتصاد الوطني ينتظر انطلاقة جديدة بتحقيق نسب نمو تفوق 4 في المئة ولما لا تصل للمستويات التي حددها النموذج التنموي من 6 إلى 7 في المئة”.

ولكن يجب الإشارة كذلك إلى أن هذا القانون يأتي في إطار استعداد المملكة لتنظيم كأس العالم 2030، ولهذا فقد ركز هذا المنشور على ضرورة أن تكون هناك نظرة انتقائية للاستراتيجيات القطاعية وتعزز البنيات التحتية لما يخدم جاذبية الاقتصاد الوطني.

وشدد المحلل الاقتصادي والأستاذ الباحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، على ضرورة أن تكون الإصلاحات تهم البنيات التحتية وسير الاستراتيجيات القطاعية وكذلك الإصلاحات التي تهم الجانب المؤسساتي، لافتا إلى أن كل ذلك لن يحقق الطومحات “دون العمل على الحفاظ على استدامة المالية العمومية، لأن هذه المشاريع البيوية والمشاريع القطاعية وكذلك البنيات التحتية تتطلب أغلفة مالية كبيرة”.

واعتبر الهيري أن السؤال المطروح هو قدرة المالية العمومية على تحمل هذا الزخم وتحمل ارتفاع نفقات العمومية في ظل محدودية المداخيل، وخاصة المداخيل الجبائية.

وخلص إلى أن “المغرب أمام تحد كبير ولكن الطموحات موجودة والإرادة أعتقد أنها موجودة أيضا” داعيا وبغية تحقيق هذه الأهداف المسطرة في إطار نموذج تنموي وكذلك في إطار جزئي الذي يأتي عن طريق قوانين المالية، للاحتكام والارتكاز على ركائز الحكامة من عقلنة نفقات عمومية وربط المسؤولية بالمحاسبة وتقوية مراقبة المالية العمومية “لكي يكون أثر هذه النفقات إيجابيا على الصعيد الاقتصادي وكذلك على الصعيد الاجتماعي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News