جهويات

“تدرازت”.. تراث زموري ينقله الأجداد للأبناء يقاوم الاندثار

“تدرازت”.. تراث زموري ينقله الأجداد للأبناء يقاوم الاندثار

تواصل “الدرازة”، وهي حرفة قديمة ترتبط بالنسيج التقليدي والمعروفة لدى سكان أزمور بـ”تدرازت”، مقاومتها وحضورها رغم التطور الذي يعرفه قطاع النسيج والإكراهات التي يفرضها التطور الصناعي. فهذه الحرفة، تعد تراثا يتوارثه الأبناء عن الآباء والأجداد.

وعرفت هذه الحرفة ازدهارا كبيرا، أيام الملوك والسلاطين والقياد في أواخر القرن التاسع عشر، لكن دورها وحضورها تراجع إبان الحماية الفرنسية بداية القرن العشرين، بعد إدخال أثواب مصنعة إلى المغرب قبل أن تسترجع بريقها ومكانتها غداة استقلال المغرب، وذلك من خلال انتشار ارتداء الجلباب والسلهام والبلغة.

وفي هذا الصدد، أكدت فاطمة الزهراء الخليلي، المديرة الإقليمية لقطاع الصناعة التقليدية بإقليمي الجديدة وسيدي بنور، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن أزمور من المدن التي تشتهر باحتضانها للصناعة التقليدية، خاصة الطرز الأزموري والنسيج التقليدي، وتحتضن حوالي 30 صانعا تقليديا متخصصا في “الدرازة”، سبعة منهم ينتمون لتعاونية إنتاجية.

وأضافت الخليلي أن هذه الحرفة قديمة جدا وأن الحرفيين يحاولون الحفاظ عليها، إذ خضع أغلبهم لتكوين تطبيقي في إطار التكوين المستمر الذي يندرج ضمن استراتيجية وزارة الصناعة التقليدية، التي تروم تثمين هذه الصناعة التقليدية بالعلامة الجماعية للتصديق (marque collective de certification).

وفي تصريح مماثل، أكد زكريا ميكو، رئيس تعاونية فنون ميكو ل”الدرازة” المتواجدة بمجمع الصناعة التقليدية بأزمور، أن تأسيس التعاونية سنة 2018 أعاد الاعتبار لهذه الحرفة من خلال تجميع سبعة من الصناع التقليديين المتخصصين في “تدرازت”، حيث يعملون على صنع الجلباب والأغطية الصوفية المنسوجة والمزينة بأجود الخيوط.

وتابع أن أعضاء التعاونية يخضعون لتكوين مستمر من أجل إنتاج جميع أنواع المنسوجات، مضيفا أن التعاونية لا تعتمد على التسويق المباشر، بقدر ما تشتغل حسب الطلب مع شركات وتجار يقتنون المنتوج ويعيدون بيعه لتحقيق هامش من الربح، كما يشتغلون من حين لآخر مع بعض الزبناء الذين يلتحقون بالتعاونية ويرغبون في إنتاج جلباب أو أغطية حسب طلبهم.

وأوضح ميكو أن التعاونية تعتمد بشكل كبير على المواد الأولية المستوردة من الخارج، خاصة من أستراليا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا لأنها تتوفر على جودة عالية، مشيرا إلى أن هناك بعض الزبناء الذين يفضلون المنتوج المحلي، فيلجؤون إلى سيدات متخصصات في غزل الصوف لاقتنائها واستعمالها خاصة في نسج الجلباب المغربي.

وبخصوص نوعية المنتوجات، التي تنسجها التعاونية، أكد أن المتعاونين يشتغلون على نسج عدة أشكال وأنواع، منها الخرقة التي تعددت استعمالاتها في السنوات الأخيرة، إذ تصنع منها “الشالات” و”الكاشكولات” وأغطية الأسرة والستائر، بالإضافة إلى الجلباب والحقائب اليدوية والمقلمات المدرسية.

من جانبه، صرح محمد بن باقة، وهو صانع تقليدي ينحدر من مدينة مراكش، اشتغل منذ 50 سنة في مجال “تدرازت”، أنه دأب على صناعة الخرقة الخاصة بالجلباب وباقي الإكسسوارات، مؤكدا أن الإقبال كبير اليوم على “الدرازة” وأن “الصنعة إلى ما غنات تستر”، مشيرا إلى أنه تمكن من تربية ستة أبناء بفضل هذه الحرفة التقليدية التي تعد إرثا حضاريا مغربيا توارثه الأبناء عن الآباء منذ قرون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News