مجتمع

المحكمة الدستورية تمنح عبد النباوي الضوء الأخضر لتأديب القضاة

المحكمة الدستورية تمنح عبد النباوي الضوء الأخضر لتأديب القضاة

قضت المحكمة الدستورية في قرار جديد لها في شأن المواد 10 (الفقرة الأخيرة) و30 و43 (الفقرة الثانية) من النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بأن إسناد الأبحاث والتحريات إلى المفتشية العامة للشؤون القضائية بناء على أمر من الرئيس المنتدب، ليس فيه ما يخالف الدستور.

يأتي قرار المحكمة الدستورية، بعد اطلاعها على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي أحاله إليها الرئيس المنتدب لهذا المجلس رفقة كتابه المسجل بأمانتها العامة في 21 دجنبر 2023، وذلك للبت في مطابقته لأحكام الدستور ولمقتضيات القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة.

كما يأتي القرار بعد الاطلاع على المذكرات المتضمنة لملاحظات السادة رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب وعضو مجلس المستشارين المصطفى الدحماني، المسجلة بالأمانة العامة لهذه المحكمة بتاريخ 27 دجنبر 2023 و2 و3 يناير 2024.

وتنص هذه المواد تواليا على “تدرج الهيكلة التنظيمية للمفتشية العامة ضمن التنظيم الهيكلي للمجلس المشار إليه في الفقرة الخامسة من المادة 50 من القانون التنظيمي” وتختص لجنة التأديب بدراسة تقارير الأبحاث والتحريات التي تنجزها المفتشية العامة للشؤون القضائية في المادة التأديبية، وتقارير المقررين، وترفع بشأنها اقتراحات إلى الرئيس المنتدب، وفقا لأحكام المادتين 88 و90 من القانون التنظيمي”.

وحسب ما جاء في نسخة النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المحال على أنظار المحكمة الدستورية، فإنه “إذا كان الأمر يتعلق بإخلال يمكن أن يكون محل متابعة تأديبية في حق قاض، يأمر الرئيس المنتدب بإجراء الأبحاث والتحريات اللازمة بواسطة المفتشية العامة للشؤون القضائية”.

وأشار قرار المحكمة إلى تنصيص الدستور في الفصل 113 في فقرته الأولى على أنه: “يسهر المجلس الأعلى للسلطة القضائية على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، ولاسيما فيما يخص… وتأديبهم”، مشيرا إلى أن الفصل 116 من الدستور ينص في فقرته الثالثة على أنه: “يساعد المجلس الأعلى للسلطة القضائية، في المادة التأديبية، قضاة مفتشون من ذوي الخبرة”، وأناط في الفقرة الرابعة منه، بقانون تنظيمي تحديد مسطرة التأديب، وتطبيقا لذلك، نص القانونان التنظيميان المتعلقان بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة على مقتضيات نظامهم التأديبي.

ورأت المحكمة أن القانونين التنظيميين المذكورين لم يحددا الجهة المخول لها الأمر بإجراء الأبحاث والتحريات، إذ اكتفت المادة 86 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية بالنص على أنه: “يتلقى الرئيس المنتدب للمجلس ما قد ينسب إلى القاضي من إخلال يمكن أن يكون محل متابعة تأديبية” وعلى أنه: “يحدد النظام الداخلي للمجلس كيفية تدبير ومعالجة التظلمات والشكايات”.

وأكدت المحكمة الدستورية أنه يستفاد من الأحكام المذكورة، ومن الاطلاع على مواد القانونين التنظيميين المشار إليهما أعلاه، أن الصلاحيات التي يمارسها الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، تتعلق أساسا، بتمثيله أمام القضاء، وبالتدبير الداخلي للمجلس وتسيير جلساته وتنفيذ مقرراته ورفع تقارير موضوعاتية بشأن عمل المجلس وإعداد لائحة الأهلية للترقي، وتلقي الشكايات وكذا تخويل القضاة رخص المرض الطويلة والمتوسطة الأمد وتتبع ثروات القضاة، والعمل القضائي بالمحاكم المندرج في خانة الولوج إلى العدالة وإجراءات التقاضي.

وسجل المصدر ذاته أن صلاحية إلحاق القضاة ووضعهم في حالة استيداع أو رهن الإشارة، يمارسها الرئيس المنتدب، بعد استـشـارة اللجنة الخاصة بـذلك، موضحة أن الضمانـات الممنـوحة للقـضاة وحمـاية استقلالهم وتدبير وضعياتهم الفردية، من تعيين وترقية وتقاعد وتأديب، لا تندرج ضمن الصلاحيات المخولة للرئيس المنتدب، بل هي اختصاصات موكولة للمجلس وحده بحكم الدستور والقانونين التنظيميين المشار إليهما أعلاه.

وحسب نص القرار، يستفاد من نفس الأحكام أعلاه أن الرئيس المنتدب هو من يتلقى الشكايات أو التظلمات الموجهة ضد القضاة، ويتخذ بشأنها الإجراءات القانونية الملائمة بعد استجماع المعلومات والمعطيات بخصوصها، بواسطة البنية الإدارية المنصوص عليها في المادة 43 من النظام الداخلي للمجلس.

وأكدت المحكمة الدستورية، أن المتابعة التأديبية لا تتم عملا بأحكام المادة 87 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية إلا بعد إجراء الأبحاث والتحريات الضرورية بمساعدة قضاة مفتشين من ذوي الخبرة تحت إشراف المفتش العام للشؤون القضائية.

ومؤدى ذلك حسب قرار المحكمة الدستورية أن الأبحاث والتحريات المذكورة لا يمكن أن تجرى إلا بأمر من الرئيس المنتدب، وأن ذلك لا يمس باستقلال المفتشية العامة في أداء المهام المنوطة بها، على اعتبار أن المجلس المذكور يظل هو الجهة الوحيدة المختصة بالبت في المتابعة التأديبية للقضاة، في إطار الضمانات المكفولة لهم، بموجب أحكام الدستور والقانونين التنظيميين المشار إليهما أعلاه.

في غضون ذلك، قضت المحكمة الدستورية بأن المواد 1 (الفقرة الثانية) و4 (الفقرة الثانية) و10 (الفقرة الأخيرة) و30 و33 (الفقرة الرابعة) و42 (الفقرة الأولى) و43 (الفقرتين الأولى والثانية) و58 و62 و64 ليس فيها ما يخالف الدستور والقانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة، مع مراعاة الملاحظات المثارة بشأنها.

مقابل ذلك، اعتبرت المحكمة أن عبارة “الصادر الأمر بنشره بمقتضى قرار المحكمة الدستورية عدد 17/55 بتاريخ 16 أكتوبر 2017” الواردة بالفقرة الثانية من المادة 67 غير مطابقة للدستور، ويمكن فصلها عن باقي مواد النظام الداخلي، ويجوز بالتالي تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 27 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية نشر هذا النظام الداخلي، بعد حذف العبارة المذكورة منه.

وأقرت المحكمة الدستورية بأن باقي مواد النظام الداخلي مطابقة للدستور والقانونين التنظيميين المذكورين، وأمرت برفع قرارها هذا إلى علم الملك محمد السادس وبتبليغ نسخة منه إلى الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبنشره في الجريدة الرسمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News