مجتمع

حظر “تيك توك” بين محاربة التفاهة وإغلاق مصدر رزق مسوقين رقميين

حظر “تيك توك” بين محاربة التفاهة وإغلاق مصدر رزق مسوقين رقميين

بسبب انتشار التفاهة والتسول الإلكتروني إضافة إلى التحديات “اللا أخلاقية” بتطبيق “التيك توك” الأيام الأخيرة الماضية، تعالت أصوات فعاليات حقوقية ومطالب برلمانية من أجل التدخل السريع لوقف ما اعتبروه “تسيبا وانحطاطا أخلاقيا” يؤثر على الناشئين، لينقسم الشارع المغربي إلى مؤيد لحظره ومعارضا لحرية التعبير.

في هذا السياق، حذر 3 نواب برلمانيين خلال لقاء لجنة التعليم والتواصل والثقافة بمجلس النواب بمخاطر هذا التطبيق بعد استنكارهم لما وصل إليه بعض مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي.

حنان أتركين، نائبة برلمانية، وعضو بحزب الأصالة والمعاصرة، أثارت في سؤال شفوي قضية السلامة الرقمية للقاصرين، حيث حذرت من خطورة تأثير تطبيقات التواصل الاجتماعي ومنصات “الفضاء الأزرق” عليهم، مشيرة إلى الممارسات التي يتبناها بعض هذه التطبيقات، وداعية إلى حظرها على غرار العديد من الدول الرائدة في هذا المجال.

وأبرزت النائبة أتركين أن هذه الممارسات، عندما تحدث في الواقع، تخضع للقانون والمحاسبة، ولكن عندما تحدث في الفضاء الرقمي، يكون التصرف غالبًا خارج نطاق القوانين المحلية، مما يجعلها “مجرمة في سياق ومباحة في سياق مغاير”.

كما أكدت أن العديد من التطبيقات تتنافس لجذب جمهور أكبر باستخدام ممارسات تعتبر غير قانونية ومخالفة للقوانين النافذة، حيث وجهت نداءً إلى وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، غيثة مزور، للتدخل العاجل من أجل حماية المستخدمين، خاصة القاصرين.

ودعت النائبة البرلمانية إلى تفعيل العقوبات القانونية ضد المستخدمين الذين يرتكبون مخالفات تعتبر مختلفة، وشددت على ضرورة تطبيق القانون للحد من انتشار ظواهر كالتسول والتحرش والتجارة غير المشروعة داخل الفضاء الرقمي.

في حين طالب نواب برلمانيون آخرون بحظر” التيك توك” لمحتواه الهدام وتهديده للناشئة، محذرين من أضرار هذا التطبيق على الصحة والمجتمع والمراهقين الناشئين بالخصوص، محددين تجارب نجاح دول أخرى في تقنين الوضع.

وفي الوقت الذي حذر فيه البعض من مخاطر التطبيق على الناشئة لمظاهره السلبية، أشاد آخرون بالدور الإيجابي الذي يلعبه هذا التطبيق خاصة في مجال التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي.

مصطفى اقصاص، مدير وكالة للتسويق الرقمي، أكد أن هذا التطبيق يعد مصدر رزق للعديد من الشباب الذين يعتبرونه منصة لعمل إعلانات لمنتجاتهم و تسويقها.

واستبعد المسوق الرقمي، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، إمكانية حظر تطبيق “تيك توك” بالمغرب، مشيرا إلى أن هذا التطبيق قبل أن يكون مصدر قلق للعديد من الأسر المحافظة بالمغرب، فهو مصدر رزق كذلك.

وأشاد اقصاص بالدور الإيجابي الذي يلعبه هذا التطبيق، معتبرا أن حظره يدخل في إطار تضييق الخناق على حرية الولوج للعالم الرقمي، كما يشكل قيدا لحرية الفرد في التعبير.

وأكد المتحدث نفسه أن “بلادنا لم يسبق لها أن قامت بحظر مثل هكذا مواقع، ما عدا حظر خاصية VOIP والتي رافقتها ضجة كبيرة أنذاك، مما جعل من السلطات تتراجع عن الحظر”.

وأوضح بخصوص حلول كفيلة لتفادي انتشار التفاهة والسلوكيات اللا أخلاقية، أن هناك إمكانية فرض إدارة “تيك توك” الرقابة على التطبيق، وذلك بتنسيق السلطات مع الإدارة لفرض شروط حول نشر المحتوى، من أجل الحد من تداعياته السلبية على المجتمع.

ويرى منتقدو  التطبيق، أن تدقيق النظر اتجاه صناع هذا النوع من المحتوى، يؤكد غياب خلفية ثقافية ومستوى تعليمي مُرضٍ، يخول لهم تقديم محتوى مفيد قابل للمشاركة على منصة تحظى بمتابعة مختلف الفئات حول العالم، مما يفسح المجال لطرح سؤال ما إذا كان لجوء هؤلاء الأشخاص للمنصة الصينية بغرض إصلاح ما أفسدته ظروفهم الاجتماعية.

ودافع الباحث في علم النفس الاجتماعي عادل الحسني عن منصة “تيك توك” لكونها وفرت مصادر رزق للآلاف من الناس الذين يقدمون محتوى غير مخل، فضلا أن المنصة تكون مفيدة في أحاين كثيرة كثيرة، معتبرا  أن” الفشل في الحياة الشخصية، حُكم ضيّق على حياة متغيرة المعايير باستمرار، لأنه لا يمكن الإشادة بتدوينة طبيب أو مهندس غاضب لأنه يربح أقل من شخص مؤثر على “تيك توك”، لكونه لا يتوفر على شهادات علمية من مثل شهادة الطبيب أو المهندس.

وأشار الحسني، إلى أن المحتوى الذي يواجه برفض من قبيل العديدين باعتباره يؤذي قيمنا كمغاربة، لا نعرف لحد الآن حجم مقارنته مع نظيره الذي يتمتع بهامش واسع من الحرية في بلدان أخرى، لافتا في المقابل إلى  أن” هذه المنصات شجعت على تكوين نجاحات حقيقية إذا نظرنا للنجاح كفهم بسيط، وهو تحقيق دخل لإعالة أسرة دون إلحاق الضرر بأي أحد”.

وسجل الباحث في علم النفس الاجتماعي، أن الهاتف يُتيح فرجة لكل شخص متحرر من رقابة الآخرين، فيمكن أن يتغول في استهلاك من يغريه جنسيا أو عنفا أو تنمرا وأن يدفع المال ليشاهد تطور الفرجة، أي أنه يدفع لزيادة إفراز الهرمونات الانفعالية التي تزيد من متعته خلال تلك اللحظة”.

وعن قرار حظر المنصة بالمغرب، لا يرى المتحدث، أن هناك مبررات مقنعقة لذلك، خاصة أن قرار الحظر ببلدان أخرى جاء بنتائج عكسية، حيث دفع إلى محاولات كسر هذا المنع بطرق غير قانونية، معتبرا في المقابل، أن الأمر يتعلق بفضاء عمومي، يفسح المجال لتحديد المسؤوليات القانونية لصناع المحتوى وتحذيرهم من تجاوزها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News