مجتمع

أمام ندرة مياه مزمنة.. هل سيعيش المغرب الجفاف للسنة السادسة؟

أمام ندرة مياه مزمنة.. هل سيعيش المغرب  الجفاف للسنة السادسة؟

لايزال استمرار غياب التساقطات المطرية يفاقم المخاوف من العجز المائي في المغرب، إذ أشارت المؤشرات الصادمة للأشهر الثلاثة الماضية التي كشف عنها وزير التجهيز والماء، نزار بركة، الخميس، عن الوضعية المقلقة التي يعيشها المغرب حاليا.

محمد بنعبو، خبير في المناخ، أوضح أن الأرقام المسجلة حاليا تدق ناقوس الخطر، حيث سجل المغرب لأول مرة منذ سبعينات القرن الماضي نسبة ضئيلة لمستوى التساقطات المطرية التي لم تتجاوز 21 ملم في ظرف 3 أشهر.

وأضاف بنعبو، في تصريح لجريدة مدار21 الإلكترونية، أن أشهر الخريف عادة ما تتسم بمواسم ماطرة، لكن الوضع الحالي أثبت العكس. حيث إن الوضعية المزرية التي يعيشها الوضع المالي يطرح العديد من التساؤلات حسب رأي الخبير، تتعلق أغلبها بأسباب وصول المغرب لهذه الحالة المزمنة من الندرة.

واسترسل موضحا، أن الظروف المناخية الأخيرة كانت الأكثر قساوة على المغرب، إذ دخل هذا الأخير مرحلة تتسم بالمحدودية والجفاف والندرة. مشيرا إلى أن بعض المناطق تعاني من نقص حاد في مياه الشرب، مما يستدعي القطاعات الحيوية جميعها على إيجاد حلول استباقية لمواجهة وتدبير المراحل المقبلة.

السدود تعاني في صمت

المعطيات الرسمية تظهر عجزًا مائيًا في الكثير من الأحواض المائية، مع تفاوت بين السدود في شمال المملكة وتلك في الجنوب. كما تكشف الإحصائيات أيضًا اختلافًا في مستويات المياه بين السدود.

الخبير البيئي سجل في إفادات تحليلية، أن نسبة الخزان المائي الحالي للمملكة المغربية تصل أقل من 24٪ على المستوى الوطني، وأقل من 4 مليار مكعب مخزنة على مستوى السدود الكبرى.

وشدد على أن الأحواض الأكثر تضررا، إذ تعد أدنى نسبة ملء سجلها حوض أم الربيع بنسبة تناهز 4٪ يليه حوض سوس ماسة وحوض ملوية، وغيرها من الأحواض التي تعاني في صمت جراء توالي سنوات الجفاف التي استمرت منذ 2018 إلى اليوم.

وفي السياق نفسه، وحسب ما أورده بركة، فإن حقينة السدود تراجعت بشكل مخيف، قائلا،”لم نكن نتصوّر أن نصل إلى هذا الحد، الذي كان له وقع سلبي على نسبة ملء السدود، التي لا تتجاوز (بشكل عام) 23.5 بالمئة، بتراجع وصل إلى 7 نقط مقارنة بالسنة الماضية”.

وفي المقابل، وفق ما أكده وزير الماء نزار بركة مؤخرا، فإن سدود أبي رقراق التي كانت تستقبل 147 مليون متر مكعب لم تتجاوز 14 مليونا، بينما يظل حوض أم الربيع في مرحلة خطر محدق بعد انخفاض وارداته المائية هذه السنة من 694 مليون متر مكعب إلى 195 مليونا. وعلى صعيد سوس ماسة كانت تسجل حوالي 160 مليون متر مكعب، ولم تتجاوز الكمية هذه السنة 10 ملايين.

وفي ظل استمرار هذه التحديات المائية التي تواجه المغرب، ووفق ما أظهرته هذه الإحصائيات الأخيرة، فإن المملكة تعاني من إجهاد مائي بناء على استمرار ندرة التساقطات المطرية وتوالي سنوات الجفاف، مما يتسبب في تفاقم أزمة المياه.

موسم فلاحي “مقلق”

من جهة أخرى، وبسبب تأخر التساقطات المطرية بل وقلتها، وتدني معدل هطولها هذا الموسم منذ 41 عاماً، فإن هذه التداعيات باتت ترخي بظلالها على الفلاحة والزراعة.

مصطفى بنرامل، خبير بيئي، أكد أن شح التساقطات المطرية الذي تعرفه بلادنا انعكس سلبا على مردودية محصول المزروعات، خاصة تلك التي تعتمد على السقي، كما تضررت بعض النباتات والمزروعات بسبب ارتفاع الرطوبة التي تتشكل على شكل حبات ندى وتلوج صغيرة تفسد محصول السنة الضئيل.

وأضاف في تصريح لجريدة مدار21 الإلكترونية، أن هذه السنة تعد استثنائية من نوعها، تشملها شح المياه من جهة، وفي المقابل غلاء الأسعار من جهة ثانية، مردفا أن الحكومة يستوجب عليها العمل على تحديد إجراءات وحلول استباقية لإنقاذ الوضعية الفلاحية والزراعية، خاصة فيما يتعلق بتقديم مساعدات مالية للفلاح والمزارع، إضافة إلى توفير صهاريج للمناطق البعيدة التي تعاني فيها الساكنة من ندرة المياه.

شح السماء يهدد بلهيب ارتفاع الأسعار

إن ضعف التساقطات المطرية وقلتها لا تؤثر فقط على النباتات والزراعات، وتحدث أضرارا للفلاحين، بسبب ارتفاع أثمنة الأعلاف والأسمدة، بل تؤثر أيضا على مردودية المحاصيل الزراعية، مما يسبب لهيبا ينتشر في الأسواق متجسدا في “الغلاء”.

في هذا السياق، أكد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك، أن استمرار ضعف التساقطات المطرية وشح المياه الجوفية يهدد بارتفاع أثمنة المنتوجات الفلاحية داخل الأسواق الوطنية وهو ما سيؤثر سلبا على القدرة الشرائية للمستهلك المغربي.

وأوضح في تصريحه لمدار 21، أن بلادنا تعيش أزمة مياه حقيقية في ظل تراجع حقينة ملء السدود في المغرب بسبب ضعف التساقطات المطرية، وشح المياه الجوفية نتيجة الاستنزاف المفرط للفرشاة المائية.

وهكذا فإن استمرار ارتفاع أسعار الخضر أرهق جيوب المغاربة، حيث لازالت أسعار الخضر تعرف ارتفاعا مهولا بجل الأسواق الوطنية، وعلى رأسها الطماطم، كما أن بعض أثمان الخضر، لازالت معظمها تتجاوز 10 دراهم، فيما تراوحت أسعار بعضها ما بين 12 درهما و14 درهما للكيلوغرام الواحد بالدار البيضاء على الخصوص.

مشاريع أعاقها التنزيل

يسابق المغرب الزمن لاتخاذ تدابير إضافية للحد من الجفاف واحتواء التداعيات السلبية لتأخر التساقطات المطرية هذا الموسم في ظل الجفاف وغلاء الأسعار.

المهندس البيئي بنعبو، أكد أن ااحكومة ملزمة بالتسريع من وثيرة تنزيل المشاريع المستقبلية المتعلقة بتحلية مياه البحار، وإخراج دراسات الجدوى والدراسات المالية التي تهم الأحواض المائية.

كما دعا إلى تحرير مشاريع معالجة المياه العادمة المعدة لسقي الفضاءات الخضراء، والملاعب الرياضية، والتسريع من وثيرة تنزيلها على أرض الواقع، مضيفا إلى العمل على جعل الحملات التحسيسية دافعا رئيسيا ينبه لترشيد استعمال المياه، قائلا، “يجب تشديد المراقبة من طرف الشرطة المائية، لأن هذه الحملات ستكون دون جدوى في حالة لم يتم تفعيل الآليات الزجرية لزجر أفعال الاستعمال غير المعقلن للمياه”.

ماء الضباب”.. تقنية مبتكرة لموجهة ندرة المياه

ماء الضباب هي تقنية مبتكرة تعتمد على استخدام الضباب كمورد بديل ومستدام لتلبية احتياجات سكان القرى الجبلية من الماء، عبر تشييد شباك في قمم الجبل لاعتراض الضباب وتحويله إلى ماء صالح للشرب بعد تجميعه ومعالجته.

هذا المشروع أو التقنية كان قد اعتمده منطقة سيدي إفني سنة المعروفة بضبابها الكثيف سنة 2015 من طرف أصحاب هذه المبادرة، حيث احتضنت المنطقة ما يعرف بمشروع “حصد الضباب” كما يطلق عليه القائمون عليها، على اعتبار أن المنطقة لها مناخ شبه صحراوي ويعيش ندرة في التساقطات التي لا تتجاوز 112 مليمتر سنويا.

يذكر أن المغرب عمل السنوات الماضية على تنفيذ اتفاقية باريس للمناخ، والقيام بما يلزم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في مجال الماء. وتنعكس هذه الالتزامات في الجهود الكبيرة التي بُذلت، ولا سيما دمج تغير المناخ في سياسات تنمية القطاعات الرئيسية للاقتصاد الوطني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News