سياسة

وزير العدل: اكتظاظ السجون نتيجة حتْمية لقصور السياسة العقابية المتّبعة بالمغرب

وزير العدل: اكتظاظ السجون نتيجة حتْمية لقصور السياسة العقابية المتّبعة بالمغرب

قال وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، إن ارتفاع مؤشرات الجريمة وتنامي حالات العود واكتظاظ المؤسسات السجنية هي نتيجة مباشرة وحتمية لقصور السياسة العقابية المتبعة عن بلوغ الأهداف المسطرة المرتبطة باجتثاث منابع الجريمة وإصلاح المحكوم عليهم وإعادة تأهيلهم وإدماجهم داخل المجتمع.

وأشار وهبي خلال المناقشة العامة لمشروع قانون العقوبات البديلة بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، إلى ارتفاع الأصوات في معظم الأنظمة الجنائية الحديثة منادية بإعادة النظر في الأساليب المعتمدة في العقاب، وأصبح هذا الموضوع إحدى الانشغالات الأساسية للرأي العام لما له من انعكاس على أمن وطمأنينة الأفراد، وكذا هيبة المؤسسات.

ويرى وزير العدل أن الوضع العقابي بالمغرب، أصبح بحاجة ماسة لاعتماد نظام العقوبات البديلة كحل معول عليه للتصدي للنواقص التي تعتري السياسة العقابية الحالية، خاصة في ظل المؤشرات والمعطيات المسجلة على مستوى الساكنة السجنية بالمملكة والتي قال إنها “تؤثر سلبا على الوضعية داخل المؤسسات السجنية، وتحد من المجهودات والتدابير المتخذة من طرف الإدارة العقابية في تنفيذ برامج الإدماج وإعادة التأهيل وترشيد تكلفة الإيواء”.

ويسعى هذا المشروع وفق المسؤول الحكومي إلى وضع إطار قانوني متكامل للعقوبات البديلة سواء من حيث تأصيلها وفق القواعد الموضوعية لمجموعة القانون الجنائي المرتبطة بالعقاب، أو من خلال وضع آليات وضوابط إجرائية على مستوى قانون المسطرة الجنائية تهم تتبع وتنفيذ العقوبات البديلة.

كما يرمي النص التشريعي الجديد، حسب وهبي، إلى إيجاد حلول للإجرام البسيط وفق مقاربة تأهيلية وإدماجية بعيدة عن السجن وغرس روح المواطنة والواجب والالتزام خاصة من خلال عقوبة العمل من أجل المنفعة العامة.

وأوضح وهبي أن مشروع قانون العقوبات البديلة يهدف إلى الحد من حالات الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية والتي تجاوز عدد ساكنتها 100 ألف نزيل، مسجلا أن نصف الساكنة السجنية محكوم بعقوبات قصيرة المدة لا تتجاوز في أغلبيتها ثلاث سنوات الشيء الذي يؤثر على العديد من البرامج والخدمات المعدة من قبل الإدارة المكلفة بالسجون.

ويتوخى المشروع الحكومي المعول عليه لتقليص اكتظاظ السجون، إرساء سياسة عقابية ناجعة تهدف إلى تجاوز الإشكالات التي تطرحها العدالة الجنائية خاصة ما يرتبط بالعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدى، والتي ما فتئت العديد من الوثائق المرجعية الدولية والوطنية تدعو إلى اعتماد نظام العقوبات البديلة.

ولفت وهبي إلى أن العقوبات البديلة تحتل مكانة متميزة في توجهات السياسة الجنائية المعاصرة، حيث سارعت إلى تبنيها العديد من الدول للحد من مساوئ العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، خاصة فيما يرتبط بعدم تحقيقها للردع المطلوب لصعوبة خضوع المحكوم عليه لبرامج تكوين وتأهيل تساعد على الإدماج، وكذا ما يرتبط بالإشكالات المرتبطة باكتظاظ السجون وتكلفة تدبير المؤسسات السجنية.

وتتجلى أهم مستجدات المشروع في إقرار عقوبات بديلة حددت في العمل لأجل المنفعة العامة والمراقبة الإلكترونية وفرض تدابير تأهيلية أو علاجية كالخضوع لعلاج نفسي أو العلاج من الإدمان على الكحول والمخدرات والمؤثرات العقلية وأخرى تقييدية كعدم الاقتراب من الضحية والخضوع للمراقبة لدى مصالح الشرطة والدرك الملكي والخضوع لتكوين أو تدريب وغيرها، كما تم في إطار إقرار العدالة التصالحية إضافة عقوبة إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة.

وكشف وزير العدل أنه تم توسيع دائرة الاستفادة من العقوبات البديلة لتشمل الجنح الصادر بشأنها عقوبة لا تزيد عن خمس سنوات حبسا، مع استثناء بعض الجنح الخطيرة كجرائم الفساد المالي وجرائم أمن الدولة والإرهاب والجرائم العسكرية والاتجار الدولي في المخدرات والاتجار في المؤثرات العقلية والاتجار في الأعضاء البشرية وكذا الاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة.

ويؤكد النص التشريعي الجديد على عدم جواز الاستفادة من العقوبات البديلة في حالة العود، تحقيقا للردع المطلوب، في مقابل منح إمكانية تطبيق العقوبات البديلة في حق الأحداث المخالفين للقانون وفق شروط وضوابط محددة تراعي مصلحتهم الفضلى وتحقق إدماجهم داخل المجتمع.

وبحسب نص مشروع قانون العقوبات البديلة الذي يطمح وزير العدل لتسريع مسطرة التصديق عليه،  سيتم إسناد مهمة الإشراف العام على العقوبات البديلة للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، على أن يشرف قاضي تطبيق العقوبات على تنفيذ العقوبات البديلة وتدبير النزاعات العارضة المرتبطة بذلك.

ولفت وهبي إلى أنه تم تخصيص تدابير تحفيزية للمستفيدين في حالة تنفيذها على الوجه المطلوب، كخفض مدد رد الاعتبار بنوعيه القانوني والقضائي، مع التنصيص على دخول هذا النص حيز التنفيذ بصدور النصوص التنظيمية اللازمة لتطبيقه بالجريدة الرسمية وذلك داخل أجل أقصاه سنة، مشيرا إلى  تم الشروع في إعداد هذه النصوص التنظيمية بتنسيق بين وزارة العدل والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News