“زلزال الحوز” يُبرز مرة أخرى تكافل المغاربة وتآزرهم الكبيرين في وقت الأزمات

التآز والتكافل قيمتان يُعرف بهما المغاربة وقت الأزمات، وهو ما أبانوا عنه مرة أخرى من خلال تضامنهم مع ضحايا الزلزال، الذي ضرب مناطق بالمملكة، مساء يوم الجمعة الماضي، ما خلف دمارا واسعا في قرى ودواوير بإقليم الحوز ونواحيه، إلى جانب تسجيل خسائر مادية وبشرية.
وتوافدت أعداد كبيرة من المواطنين المغاربة على مراكز تحاقن الدم بعدد من المدن المغربية تلبية لنداء وطني، من أجل إنقاذ آلاف الجرحى والمصابين ضحايا الزلزال بالمستشفيات.
وأخذ مغاربة المبادرة في جمع المساهمات المالية والاستهلاكية ونقلها إلى الأماكن المنكوبة والمتضررة من الزلزال، لتخفيف وطأة المعاناة على السكان الذين فقدوا منازلهم وأقاربهم وأغراضهم تحت الأنقاض.
في هذا الإطار، قال محسن بنزاكور، الباحث في علم الاجتماع، إن المغاربة “معروفون بالتضامن خلال الأحداث الكبرى، مثل الوضعية التي نعيشها الآن إثر الزلزل العنيف، والحاجة إلى الإعانة والتبرع بالدم، واليد العاملة التي تحفر الأنقاض وتقديم الطعام والماء”، مبرزا أن كل هذه الأمور التي تكون ضرورية في هذه المرحلة المتعلقة بالحياة والموت “تستدعي التآزر والتكافل”.
وأضاف بنزاكور، في حديث مع جريدة “مدار21″، أن الإنسان في آخر المطاف “أهم ما عنده هو الحياة، لذلك يخاف من الموت”، مشيرا إلى أن هذا الأمر “يجلنا نشعر بآلام الآخر، ونحس بالأطفال الذين فقدوا آباءهم، وبالأشخاص الذين أصبحوا بلا مأوى، وأيضا بالأشخاص الذين يبيتون في الشارع الآن، أو الذين يقبعون بالدواوير حيث فقدوا كل ما يملكونه”.
وأورد المتحدث ذاته أنه “إذا لم يكن لدينا هذا الإحساس، فمن الصعب أن نتحدث عن التضامن، وهذه المشاعر مشاعر صادقة لتقاسم مصير مشترك”، مردفا: “كلنا أبناء وطن واحد، ولدينا دين واحد، وثقافة واحدة، وبالتالي الاحساس بألم الأخر أبسط الأشياء”.
وتابع: “في هذه الأزمات لا بد من الانتقال من مرحلة القول إلى الفعل، من خلال تعبير الفرد عن تضامنه بدمه وماله وجسده، لاسيما وأنها مأساة عميقة جدا، والفقدان قوي جدا، فلا يمكن للإنسان المغربي صاحب المعدن الأصيل أن لا يتحرك حيال هذا الواقع، وألا يبين على صدق مشاعره وأفعاله، حيث إننا شاهدنا طوابير للتبرع بالدم وانتقال الناس إلى الأماكن المتضررة بشكل واسع، وشاهدنا أطباء فتحوا عياداتهم بالمجان، ومتخصصين في الطب النفسي الذين انتقلوا إلى عين المكان، هي قضية من الصعب ألا تتحرك فيها مشاعر الإنسان وعواطفه وإمكانياته من أجل التضامن وتقديم مساعدات بسيطة كل فرد حسب استطاعة، إضافة إلى دخول المؤسسات على الخط بما فيها المجتمع المدني والسلطات المحلية”.