اقتصاد

وسط مطالب بتقنينه.. التسوق الرقمي يتحدى العراقيل ويُواصل استقطاب ملايين المغاربة

وسط مطالب بتقنينه.. التسوق الرقمي يتحدى العراقيل ويُواصل استقطاب ملايين المغاربة

منذ ما يقارب أربع سنوات، يوظِّف محسن (25 سنة، مصمم غرافيكي) الإنترنيت كوسيلة للتسوق، ودوافعه لا تختلف عن دوافع العديد من المغاربة، لا سيما الشباب منهم، الذين يفضِّلون التسوق الرقمي أو التجارة الإلكترونية.

هذا السلوك الذي أصبح اعتياديا لدى فئة واسعة من المغاربة، بحسب ما يؤكده النمو المطرد للتجارة الإلكترونية في المغرب، والذي يظهره ارتفاع عدد المعاملات التجارية وعمليات التسوق التي تتم عبر الوسائل الرقمية الحديثة والإنترنيت والأداء عبر البطائق البنكية.

اقتصاد الوقت والجهد

ويعتبر محسن في تصريحه لجريدة “مدار21” الإلكترونية أن “ما جعله يفضِّل التسوق الرقمي، هو اهتمامه الدائم بالتجربة الرقمية خاصة عندما يتعلق الأمر بالتسوق، مضيفا أن هذه الوسيلة توفر له الكثير من الوقت والجهد، حيث تمكنه من البحث عن المنتجات، والمقارنة بين العروض والأسعار من منزله دون الحاجة للتنقل”.

وتابع الشاب مسترسلا: “إضافة إلى ذلك، فالأمر ممتع، حيث يمكنني استكشاف مجموعة واسعة من المنتجات والعلامات التجارية من مختلف أنحاء العالم، ما يجعلني أكثر انفتاحًا لتجربة منتجات جديدة وغير تقليدية من خلال التسوق الإلكتروني.”

وأكد المتحدث ذاته أن “الحصول على المشتريات المطلوبة عبر هذه الوسيلة مُريح للغاية، حيث يتم توصيل المنتجات مباشرة إلى باب المنزل، ما يُخفف من العبء والوقت الذي كنت أنفقه في التنقل إلى المتاجر الفعلية”.

وأشار محسن إلى أن خاصية آلية الدفع الآمنة، هي أهم ما يميز هذه التقنية، إذ يضيف قائلا: أشعر بالثقة عند إتمام عمليات الشراء عبر الإنترنت خصوصا حينما يتعلق الأمر بأسواق إلكترونية كبيرة وذات سمعة جيدة”.

غير أن نهيلة 20 سنة (طالبة بكلية علوم التربية) لا توافق محسن الرأي، إذ صرّحت ل”مدار21″ أنها لم يسبق لها أن جربت التسوق الرقمي قط، لكونها لا ترى فيه وسيلة آمنة واقتصادية تناسبها وتحقق من خلال الاستفادة.

 موثوقة وآمنة

وتابعت المتحدثة ذاتها قائلة: لا يمكنني أن أقتني منتوجا لم أره بعينيَّ كي أتأكد من سلامته وجودته، فحتى عندما أشتري منتجاً من محلٍّ فعلي وأرى المنتج وأجربه قد لا يكون بالمستوى المطلوب، فلذلك لا أعتقد أن التجربة الرقمية قد تكون أحسن حالا، فأنا لا أثق في هذه الوسيلة ولا أراها آمنة بكل صراحة”.

وتعليقا على ذلك، سألت “مدار21″ رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، عن تطوُّر التجارة الإلكترونية بالمغرب وإقبال المغاربة عليها.وقسَّم الخراطي التجارة الإلكترونية إلى”شقين، الأول يتعلق بالمنصات الاقتصادية أو التجارية، والتي تخضع لمراقبة وزارة التجارة والصناعة طبقا للقانون 31.08.”

وتابع الخراطي في حديثه لجريدة “مدار21” الإلكترونية قائلا: “وغالبا عندما يقع المستهلك في مشكل مع صاحب المنصة يتم تدخل الجمعية المغربية لحماية المستهلك والوزارة لفض النزاع، وفي 99بالمئة من الحالات تكون النتيجة إيجابية”.

ويتعلق الشق الثاني، -حسب رئيس جامعة حماية المستهلك- بالقطاع التجاري غير المهيكل أو العشوائي، وهي التجارة التي تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي تتمثل في “إنستغرام” و”فيسبوك” و”واتساب”.

وسجل الخراطي، أن “هذا القطاع بالذات غير مهيكل وغير منظم، لا يحمي المستهلك، فالمشتري من خلال هذه المنصات كمن يشتري من البائعين المتجولين أو من “الجوطية” مؤكدا في السياق ذاته،  غياب قوانين يمكن أن تحمي هذا المستهلك أو تضمن له حقوقه”.

تغيير جذري

وأشار الخراطي إلى أنه “وبعد فترة انتشار كوفيد19، وقع تغيير جذري في طريقة اقتناء المستهلك الذي أصبح يتجه نحو التسوق الرقمي” معتبرا أن “الاقتناء عبر هذه المنصات، بعد فترة الجائحة تحول إلى أمر مفروض اقتصادياً”.

وأكد رئيس جامعة حماية المستهلك، أنه بالنظر لذلك، ننصح المستهلك بتفادي اقتناء المواد أو الخدمات من مواقع التواصل الاجتماعي التي تطبعها الفوضى العارمة بالنظ لغياب القوانين التي تؤطرها” مطالباً ب”تقنين هذا القطاع وإصدار المدونة الرقمية”.

ومن جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي محمد جدري، أن المغرب شهد على غرار مجموعة من الدول التي تسعى لتطوير قدراتها في مجال التكنولوجيا والرقمنة، تطورا في التجارة الإلكترونية” مستدركا أن “هناك مجموعة من الأمور التي تعرقل ازدهار هذه التجارة بشكل أكبر”.

وتابع جدري في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية قائلا: أولاً، المغرب لا زال يستعمل “الكاش” بشكل كبير، وبالتالي يجب اليوم تسهيل ولوج المغاربة إلى الإنترنيت واستعمال الهاتف في الأداءات بالنسبة للمحلات الصغيرة والمواقع الإلكترونية لتطوير هذه التجارة”.

وأشار الخبير الاقتصادي عينه إلى ضعف نسبة “الاستبناك”، وأوضح أن ” 15 مليون مغربي فقط يتوفرون على حسابات بنكية، في حين أن 15 مليون أو 20 مليون المتبقية لا تتوفر على حسابات بنكية”.

وأضاف جدري أن الأمر الثاني يتعلق بضعف الثقة بين البائع والمشتري في العملية التجارية الإلكترونية، مشيرا إلى أن “عددا كبيرا من الناس يفضلون الأداء عبر الشيك أو التحويلات البنكية عوض الأداء عبر البطائق الإلكترونية أو عبر الإنترنيت أو عبر الوسائل الإلكترونية”.

وخلُص الخبير الاقتصادي إلى أن “المغرب لا يتوفر على تشريعات قانونية تحمي المستهلك الذي يوظف هذه الوسائل الرقمية” مؤكدا على ضرورة إيجاد حل لهذه التحديات لمعالجتها وتطوير التجارة الإلكترونية بالمغرب خلال السنوات القليلة المقبلة”.

وكانت وزارة الصناعة والتجارة كشفت أن قطاع التجارة الإلكترونية في البلاد شهد تطورا ملحوظا في 2022، بتسجيله معاملات بأكثر من 19 مليار درهم.
وصرحت الوزارة من خلال جوابها على سؤال لإحدى الفرق النيابية بمجلس المستشارين، بأنه تم توقيع اتفاقيات شراكة مع شركات محلية في مجال التجارة الإلكترونية، بهدف إدماج التجار في المنصات الإلكترونية، وتدريبهم في مجال الرقمنة والتسويق.

كما استحدثت الوزارة وحدة لمراقبة مواقع التجارية الإلكترونية بهدف تعزيز ثقة المستهلك بها، وحمايته أثناء عمليات الشراء عبر الإنترنت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News