سياسة

مبادرة برلمانية تتصدى لانحراف التشريع وتنادي بتعويض المتضررين من أخطاء القوانين

مبادرة برلمانية تتصدى لانحراف التشريع وتنادي بتعويض المتضررين من أخطاء القوانين

تقدم نواب في صفوف المعارضة بمجلس النواب بمقترح قانون جديد لسد الثغرات القانونية في مجال الحق في التعويض عن الأضرار الناجمة عن القوانين تأسيسا على المبدأ الدستوري الوارد في الفصل 39، وكذا تنزيلا لقرارات وأحكام القضاء المغربي الذي أقر بأن أحكام القانون قد تخالف المبدأ الدستوري القاضي بمساواة الأفراد في تحمل الأعباء العامة المشتق من مبدأ أكثر عمومية هو مبدأ سيادة القانون.

وحسب مقترح قانون يقضي بالحق في التعويض عن الأضرار الناجمة عن القوانين تقدم به الفريق الحركي بالغرفة الأولى للبرلمان، فإن السلطة التشريعية ملزمة حسب توجهات القضاء المغربي بتعويض الأضرار المترتبة عن القانون الذي تصدره حتى ولو كان هذا الأخير دستوريا من باب أولى ولا تشوبه أي انحرافات.

ويرى الفريق النيابي ضمن المذكرة التقديمية لمبادرته التشريعية، أن أن سلطة التشريع ملزمة باحترام المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الدولة الحديثة ويتضح ذلك أكثر من خلال جبرها للأضرار على أساس المساس بمبدأ المساواة أمام الأعباء العامة، والذي يقيد السلطة التشريعية إصدار أي قانون تمنح به مزايا لبعض الأفراد على حساب الغير.

وفق المقترح القانون الذي يتوفر “مدار21” على نسخة منه، فإذا صدر قانون يضر بمصلحة البعض دون البعض الآخر، اختل مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة، “أصبح لزاما على سلطة التشريع أن تعيد لهذا المبدأ توازنه المطلوب بتعويض الأفراد المتضررين نتيجة لذلك القانون.”

وأوضح المصدر ذاته، أن إقرار الحق في التعويض يتوقف على عدم وجود النص القانوني الذي يمنح التعويض عن التشريع من أساسه وأن تكون المصالح التي لحقها الضرر مشروعة وجديرة بحماية القانون،  وكان  تضررها نتيجة مباشرة لتطبيق القانون على  أن يكون ذلك الضرر خاصا، بحيث يمتد أثره إلى فرد واحد أو عدد محدود من الأفراد مما يعد خروجا عن الأصل في عمومية القانون وانعكاساته الإيجابية أو السلبية على الكافة.

كما اشترطت المبادرة التشريعية الاستفادة من التعويض عن الضرر، بأن “يكون في نفس الوقت ضرارا جسيما غير مألوف فيما يترتب عن القوانين من أضرار ومخاطر في العادة يكون على أفراد المجتمع تحملها سواء جميعا أو من خلال فئات عريضة وغير محدودة من المتضررين”.

ويأتي هذا المقترح لإقرار حق التعويض عن الأضرار الناجمة عن القوانين، وأوضح الفريق الحركي أن “تأسيس هذا الحق لا يقوم على خطإ السلطة التشريعية عند سنها لمقتضيات قانونية أو خرقها للقواعد الدستورية التي تؤطر عملها، وإنما تأسيسا على المقتضى الدستوري كما ورد في فصله 39 وكذا التوجهات القضائية الحديثة”.

وسجل الفريق النيابي أن النظام الدستوري للمملكة يقوم على أصل ثابت وهو مبدأ فصل السلط، ومن تجلياته عدم إخضاع أعمال السلطة التشريعية لرقابة السلطة القضائية إلا في نطاق الحدود التي تقررها الوثيقة الدستورية ذاتها وكذا عدم التطاول على اختصاصات المحكمة الدستورية التي أسند لها الدستور مهمة هذه الرقابة بمقتضى الفصل 123.

في مقابل ذلك اعتمد القضاء الإداري لإقرار حق التعويض عن الأضرار الناجمة عن القوانين، وفي حالات معدودة على أساس المس بمبدأ المساواة أمام الأعباء العامة، وقد تم التنصيص على هذا المبدأ في دستور المملكة بموجب الفصل 39 الذي فرض على جميع المواطنين أن يتحملوا كل قدر استطاعته التكاليف العمومية.

كما وجد هذا المبدأ صداه لدى القاضي الإداري المغربي في عدة أحكام من بينها حكم إدارية الدار البيضاء عدد 925 المؤرخ في 17 دجنبر 2003 والذي جاء فيه: “أن القوانين والقرارات الإدارية المشروعة لا تحول دون إقرار مسؤولية الدولة عن الأضرار اللاحقة بالغير تطبيقا لمبدأ المساواة أمام الأعباء العامة”.

وخلص الفريق الحركي بمجلس النواب، إلى أن الاتجاه السائد حاليا في القضاء الإداري وعلى صعيد مختلف الأنظمة القانونية، هو إقرار التعويض عن الأضرار الناجمة عن القوانين. إلا أنه مع ذلك لم يرجع قيام الحق في التعويض والمسؤولية إلى خطإ السلطة التشريعية عند سنها لمقتضيات قانونية معينة أو خرقها للقواعد الدستورية التي تؤطر عملها، وإنما تأسيسا على مبدأ المساواة أمام التكاليف العامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News