ثقافة

الأندلس في اللقاء الاستعماري.. إصدار حديث يفكك مسلمات مغربية وإسبانية حول “الفردوس المفقود”

الأندلس في اللقاء الاستعماري.. إصدار حديث يفكك مسلمات مغربية وإسبانية حول “الفردوس المفقود”

لا يكتفي كتاب “الأندلس في اللقاء الاستعماري المغربي الإسباني” لصاحبه إريك كالدروود عند حدود المسلمات الإسبانية أو المغربية حول الأندلس بل يغوص في تفكيك جذور التصورات حولها، بدراسة تاريخ العلاقات بين البلدين في القرون الوسطى وصولا إلى الحقبة الاستعمارية وإسهامها في تشكيل سردية الأندلس من المنظورين الإسباني والمغربي.

الفكرة الأساسية للكتاب الواقع في 439 صفحة موزعة على ثمانية فصول، والذي جرى تقديمه بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، هي وفق المؤلف إريك كالدروود أن الهوية الأندلسية للمغرب “ليست إرثا من القرون الوسطى، وإنما هي فكرة جديدة وحديثة نتجت عن التفاعل الاستعماري بين المغرب وإسبانيا”.

ويفسر المؤلف هذه الفكرة، في تصريح لجريدة “مدار21″، قائلا “بعبارة أخرى فإن الخطابات المغربية والإسبانية حول الأندلس تغيرت في فترة الاستعمار ونتيجة لهذا اللقاء الاستعماري بين المغرب وإسبانيا في القرنين التاسع عشر والعشرين”.

ويضيف كالدروود أن “الكتاب والمثقفين والفنانين المغاربة والإسبانيين عندما يتحدثون عن الأندلس أو يكتبون عنها ينهلون أفكار ظهرت أول مرة في سياق الاستعمار”، مضيفا “الكتاب هو محاولة لفهم كيف تطورت وتغيرت الأفكار والخطابات حول الأندلس في فترة الاستعمار، وما هو تأثير الاستعمار الإسباني على الثقافة المغربية وعلى فكرة الأندلس في الثقافة المغربية”.

ويضيف المؤلف أن “كثيرا من الإسبانيين الذين يتحدثون عن المغرب اليوم لا يعرفون تاريخ الاستعمار الإسباني في المغرب وتأثير التجربة الاستعمارية على التصور وعلى الخطاب حول الأندلس في الوقت الحالي”، مضيفا “ولهذا أريد أن أقول أن التاريخ الاستعماري مهم جدا في فهم فكرة الأندلس اليوم وفكرة العلاقات المغربية الإسبانية”.

وأورد كالدروود أن “العلاقة بين المغرب وإسبانيا قديمة جدا ولم تنته مع سقوط غرناطة، إذ هناك استمرار في العلاقات، وهذا الكتاب هو تفسير لكيفية تطور هذه العلاقات في القرنين التاسع عشر والعشرين لنفهم العلاقة بين الحاضر وتاريخ القرون الوسطى والفترة الاستعمارية”.

ومن جانبه، يؤكد مترجم الكتاب عبر البر منادي إدريسي، في حديثه لجريدة “مدار21″، أن الكتاب “لا يجادل في وجود الإرث الأندلسي في المغرب، لأنه موجود بالفعل في المعمار والهندسة والفنون والحرف التقليدية والطبخ والموسيقى والسلوك وغيرها، بل يعالج تطور الخطاب المغربي حول الأندلس والذي بلغ حتى تضمين الرافد الأندلسي ضمن ديباجة الدستور المغربي، ذلك أن هذا الخطاب لم يكن موجودا قبل الاستعمار بل هو نتاج للتفاعل الاستعماري بين البلدين”.

وأفاد المترجم منادي إدريسي بأن “الإسبان استغلوا فكرة الإرث الأندلسي بالمغرب لتبرير الاستعمار، ذلك أنهم سوقوا لكون هذا الإرث وصل إلى المغرب وأن الاستعمار هو محاولة منهم لإنقاذه من الإهمال وليس نهب الخيرات”.

وبالمقابل، يضيف المترجم، أن الحركة الوطنية المغربية، خاصة بتطوان، قامت بتطوير فكرة الإرث الأندلسي بالمغرب وحولتها إلى سردية لصناعة ثقافة موحدة وتوحيد المغرب كأمة لمواجهة الاستعمار.

ويشرح المترجم أن “الفكرة نفسها التي استخدمها الإسبان لتبرير الاستعمار واستخدمها المغاربة وقاموا بتحويلها بطريقة فريدة لخدمة المشروع المضاد المتمثل في التحرر من الاستعمار”.

ويؤكد منادي أن الكتاب تناول انتقال الخطاب المغربي حول الأندلس إلى ممارسات تجلت بالأساس في المعمار الأندلسي الذي اعتمد في تشييد بنايات ومؤسسات، فبعد تهجير الأندلسيين قدِموا يحملون مهارات وثقافة ونقلوها إلى المغرب.

وأوضح المترجم أن صاحب المؤلف اشتغل في هذا الكتاب على عدة مواضيع، واستغرق إنجازه 11 سنة، وتطلب بحث كبير باللغات العربية والإسبانية والإنجليزية والفرنسية، وتطلب تنقل ما بين عدد من البلدان، لهذا مصادر الكتاب ومشاربه ومواضيعه متنوعة للدفاع عن الفكرة موضوع الكتاب.

وأردف منادي أن الكتاب ينطلق من دراسة تاريخ الأندلس ليصل بعدها إلى دراسة التفاعلات والتمظهرات التي نتجت عن هذه الفكرة واستخداماتها في المغرب الحديث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News