“عصر التفاهة”.. دعارة مقنعة بغطاء “روتيني اليومي” ومطية لربح سريع تضرب قيم المجتمع بلا رقيب

اجتاحت المحتويات “التافهة” مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب الأرباح المرتفعة التي أصبحت تتيحها لصناعها نظير تسجيل نسب المشاهدات العالية، الأمر الذي دفع مجموعة منهم إلى الدخول في سباق “التشهير” و”فضح الحياة الخاصة” و”التعري” أمام الكاميرا دون مبالاة لقيم المجتمع.

“تقليد للغرب”

وفي هذا الإطار، الأستاذ الباحث في علم النفس وعلم الاجتماع، عبد الجبار شكري، إن ظاهرة إنتاج فيديوهات ونشرها لكسب المال، التي أصبح يمتهنها الكثير من الأشخاص، تدل على ما وصفه بـ”عصر التفاهة”، مردفا: “نجد في هاته الفيديوهات مواضيع تافهة إما لها علاقة بإيحاءات جنسية (الروتين اليومي)، أو لها علاقة بالتشهير والسب والقذف في حق أشخاص آخرين أو لها علاقة ببث إشاعات، مما يربي الجيل القادم على البحث عن الربح السريع بواسطة التفاهة”.

وشدّد شكري، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن هؤلاء الأشخاص الذين ينشرون التفاهة لجني أموال طائلة “يحفزون بذلك آخرين على نشر المحتويات غير الهادفة”.

وعدّ المتحدث ذاته هذه الفيديوهات “تقليدا للغرب”، حيث تكتسب النساء شهرة واسعة عن طريق فيديوهات مثيرة للجدل، عبر إثارة الشهوة الجنسية بنوع اللباس والاستعراض، لكسب نسب مشاهدة عالية”، لكن، يستدرك شكري، هذا الأمر “لا يشكل إلا نسبة قليلة في مجتمعهم الذي يستثمر في المقابل في الثقافة والبحث العلمي، عكس المغرب”.

وأفاد شكري بأن هذه المحتويات “ممارسة للدعارة بشكل مقنن تحت غطاء “الروتين اليومي”، أو “الظهور بشكل فاضح”.

“التافهون” يستغلون “الفراغ الثقافي”

في المقابل، يرى شكري، في تصريحه للجريدة، أن غياب دعم الثقافة والباحثين وإعطاء قيمة للكتاب، “يفتح الفرصة أمام وجود فراغ كبير في ما يتعلق بالثقافة والفن، وتُعطى فرصة بشكل غير مباشر لظهور فئات تافهة تخلق التفاهة في المجتمع”.

ولفت المتحدث نفسه إلى أن المشكل، وفقه، يكمن في “سياسة الدولة المتمثلة في دعم الثقافة والبحث العلمي من جهة، ومن جهة أخرى في الترسانة القانونية التي لا تعمل على ردع هؤلاء التافهين الذين يمسون بقيم المجتمع، عن طريق التشهير الجنسي، وغيرها من الفضائح التي يجب أن يعاقب عليها القانون، الذي يُجرم العلاقات الرضائية، ويسمح بعرض هذه المحتويات المستفزة للمواطنين المغاربة”، حسب تعبيره.