دولي

الاحتجاجات ضد الجواز الصحي تثير سؤال العنصرية في فرنسا

الاحتجاجات ضد الجواز الصحي تثير سؤال العنصرية في فرنسا

بين الشعارات الاستفزازية والمقارنات بالفظاعات النازية، تخلّلت التظاهرات ضد التصريح الصحي في فرنسا مؤشرات إلى معاداة السامية وسط تحذيرات جمعيات وخبراء بأن الكراهية لليهود تنتشر في ظل وباء “كوفيد-19” وتتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي من غير أن تثير استنكارا.

ويستخدم بعض المتظاهرين شعارات ذات قيمة رمزية كبرى مثل نجوم صفراء على الصدر تنديدا بشهادة صحية ينعتونها بــ”النازية”، أو صُلبان معقوفة مصنوعة من حقن، بما ينتقص من وحشية النازيين.

كما تنتشر في التظاهرات عبر فرنسا لافتات معادية للسامية تحمل عبارة “من؟”، تستخدم للإشارة إلى مسؤولية اليهود في الأزمة الصحية.

وتبدي الجمعيات المعادية للعنصرية قلقها لتراكم هذه المؤشرات، معتبرة أنه تم اجتياز حد في هذه التعبئة.

وأوضح رئيس منظمة “إس أو إس راسيسم” الفرنسية المعادية للعنصرية، دومينيك سوبو، أن ما يدهشني هو “تكرار الأمور وتعمُّدها” مضيفا أنه “خلال حركة السترات الصفر كان التعبير عن معاداة السامية يتم على هامش التظاهرات، من خلال عمليات تخريب. أما الآن، فحاملو اللافتات لا يختبئون ولا يبدي المتظاهرون الآخرون أي رد فعل، رغم تناول الإعلام بشكل واف شعار “من؟” وما يحمله من معنًى معادٍ للسامية”.

من جانبه، حذّر رئيس الرابطة الدولية ضد العنصرية ومعاداة السامية “ليكرا”، ماريو ستاسي، بأن “الكلام المتفلت من القيود الساري على شبكات التواصل الاجتماعي والذي قلما تتم معاقبته، يصل إلى الشارع، إنها استمرارية”.

رفعت منظمته دعوى بحق معلّمة حملت في مطلع غشت لافتة كتبت عليها “من؟” في ميتز، على أن تحاكم في 8 شتنبر المقبل.

وإذ لفت ستاسي إلى أن الحركة المعارضة للتصريح الصحي، التي جمعت السبت الماضي أكثر من 214 ألف متظاهر في فرنسا بحسب الشرطة و388 ألفا بحسب تحالف “لو نومبر جون” الناشطة، “لا يمكن حدّها” بهذه الشريحة المعادية لليهود، رأى في المقابل أن “رفض اللقاح نابع من نظرات مؤامرة تشكل بوضوح مدخلا إلى معاداة السامية”.

وأوضح المؤرخ، مارك نوبل، أن “الأمور بدأت قبل وقت طويل” من ظهور شعار “من؟”، وفق استراتيجية تقليدية يستخدمها “اليمين المتطرف لتعيين كبش محرقة بدون تسميته بشكل مباشر.”

وذكر الخبير في الدعاية العنصرية والمعادية لليهود على الإنترنت بأنه “منذ بدء تفشي الوباء، رأينا على بعض المنصات كلاما بذيئا موجها ضد (وزيرة الصحة السابقة) أنييس بوزين وزوجها اختصاصي المناعة، إيف ليفي، أو المدير العام للصحة جيروم سالومون. ثم امتدت هذه الاتهامات إلى اليهود بمجملهم”.

كما لفت إلى أن الوباء مع ما يحمله من مخاوف وغموض حول المستقبل “جرى توظيفه لأغراض معادية للسامية”.

وتابع أن “عدد كبيرا من ناشطي اليمين المتطرف أو المعادين للسامية المعروفين كيّفوا خطابهم لتضمينه أفكارا مسبقة كريهة عادت إلى الظهور” مثل اتهام اليهود بالتلاعب بالسلطة وجني أرباح بفضل اللقاحات والسعي لتسميم المواطين.

وقال الباحث تريستان منديس فرانس، الخبير في نظريات المؤامرة، إن “فترة كوفيد هي محفّز لمعاداة السامية، لأننا نشهد مأساة متواصلة” مضيفا أن “الأشخاص الذين يعتنقون على الإنترنت مواقف مبنية على نظريات مؤامرة يجدون كل يوم ما يؤجج غضبهم وإحباطهم، إذ تدور الأحداث كل يوم عن الوباء. الأمر أشبه بلمس جرح مفتوح”، وبذلك تتحول التجمعات العفوية والقليلة التنظيم احتجاجا على التصريح الصحي، إلى بيئة حاضنة لمختلف الخطابات، حتى الأكثر تطرفا.

وأضاف الباحث “إنها تظاهرات جامعة لعدة شرائح، تنظم خلف كلام مبهم وتسمح لمجموعات غير مترابطة في ما بينها بالتكتل معا”.

وسعيا لتوعية الذين يتفوّهون بكلام غير مقبول، ترسل المنظمة اليهودية الأوروبية محامين ومأموري محاكم متطوعين إلى التظاهرات. وقالت رئيستها موريال واكنين ملكي: “نحاول تقديم أقصى قدر من العناصر للنيابات العامة”.

لكن في حال مباشرة ملاحقات، قالت المحامية مبدية أسفها “تكون العقوبات بالغة الخفة، نادرا ما تتخطى الغرامة أو وقف التنفيذ”، ورأت أن “على القضاة أن يدركوا دورهم. لا نقدّر بشكل حقيقي خطورة السم الذي ينتشر في مجتمعنا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News