اقتصاد

خبير اقتصادي يكشف مزايا وانعكاسات مغادرة المغرب اللائحة الرمادية لـ”الملاذات الضريبية”

خبير اقتصادي يكشف مزايا وانعكاسات مغادرة المغرب اللائحة الرمادية لـ”الملاذات الضريبية”

كشف الخبير الاقتصادي والباحث في المالية العامة، نوفل الناصري، عن مزايا وانعكاسات خروج المملكة المغربية من مسلسل المتابعة المعززة، أو ما يعرف بـ”اللائحة الرمادية”، مؤكدا أن القرار سيؤدي إلى تعزيز الشفافية المالية للمملكة المغربية على المستوى العالمي، وسيحسن مراكزها في التصنيفات السيادية، وبالتالي تقوية موقعها التفاوضي أمام المؤسسات المالية الدولية.

وأوضح الناصري في تصريح أدلى به لـ”مدار21″، في أعقاب قرار مجموعة العمل المالي (GAFI)، بإجماع أعضائها بعد تقييم مسار ملاءمة المنظومة الوطنية مع المعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أن هذا القرار “سيمكن من الرفع من عدد الاستثمارات الأجنبية نحو المغرب باعتباره بوابة إفريقيا وأرضية مالية وتجارية واستثمارية مؤمنة”.

وسجل الخبير الاقتصادي، أن هذا القرار سيعزز مركز الدار البيضاء المالي مكانته بين المراكز المالية العالمية بانتزاع صدارة المراكز المالية الإفريقية بجدارة واستحقاق وسيشكل منصة لتمويل مشاريع التنمية في إفريقيا باعتبار أن المركز يغطي شراكات مع 90 في المائة من الدول الإفريقية (48 دولة إفريقية).

ويرى الباحث في المالية العامة، أن خروج المغرب من اللائحة الرمادية اعتراف دولي بجهود مؤسساته في إصلاح النظام المالي الوطني وحمايته من مخاطر الجرائم المالية، مبرزا أنه يشكل “دعما للمقاولات المغربية من أجل إقامة شراكات اقتصادية مع نظيراتها الأوروبية ضمن إطار قواعد الحكامة الجيدة”.

معنى الخروج من اللائحة الرمادية؟

في محاولة منه لتقديم تفسيرات حول مغزى خروج المغرب من اللائحة الرمادية، أوضح الناصري، أن مجموعة من الدول وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي، أصدرت قوانين وتشريعات تسد الباب أمام تصنيف الدول، فيما يتعلق بمؤشر الشفافية في المعاملات المالية، مثل التهربات الضريبية وغسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.

وأكد الخبير الاقتصادي، أنه تم اعتماد مؤشرات تقيس معدلات الضرائب ومدى شفافية الأنظمة الضريبية للدول الشريكة مع الاتحاد الأوربي، وما إذا كانت قوانينها تشجع الشركات المتعددة الجنسية على احترام هذه المقتضيات.

ويشرح الناصري، وعلى هذا الأساس اعتمد الاتحاد الأوربي قائمتين: قائمه سوداء وقائمة رمادية للملاذات الضريبية، وهي القائمة السوداء تضم 17 دولة، وسميت سوداء لأنها تسمح بالفعل من التهرب الضريبي، وتسمح بإخفاء الأصول عن الدائنين وفيها تلاعب بالبيانات المالية وتسمح بإنشاء صناديق مالية غير قانونية وكذلك هناك إمكانية التحايل لغسيل الأموال.

وأشار المحلل الاقتصادي، إلى أن هناك قائمة رمادية، وتسمى فعليا “قائمة المراقبة” تضم 47 دولة ولم تطلها أي مخالفات قانونية، ولا يوجد انتهاك للقانون فيما يخص استثمار الشركات الخارجية في دول اللائحة الرمادية كما لا يوجد أي دليل على سيناريو سقوطها في الجرائم المالية.

كيف غادر المغرب اللائحة الرمادية؟

وحول العوامل التي أدت إلى خروج المغرب من اللائحة الرمادية، أوضح الناصري، أن ذلك يعود إلى الإصلاحات التي قامت بها المملكة المغربية فيما يخص حماية النظام المالي الوطني من مخاطر الجرائم المالية، والتزامها في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تتماشى مع شروط الاتحاد الأوروبي والمعايير الدولية.

وسجل الخبير الاقتصادي، أن “هذا القرار اعتراف دولي بملائمة المنظومة الوطنية مع المعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتتوافق مع معايير الحكامة الجيدة للاتحاد الأوروبي، لافتا إلى أن من شأن القرار أن يرتقي بتصنيفات البنوك المحلية التي ساهمت بشكل كبير في هذا الإنجاز، وذلك بانخراطها في مشاريع رقمية من الجيل الجديد تواكب الأنظمة العالمية الحديثة في مجال مكافحة تهريب الأموال.

ويأتي قرار مجموعة العمل المالي، وفق ما أوضحت رئاسة الحكومة، بعد الخلاصات الإيجابية التي ضمنها خبراء المجموعة في تقريرهم أثناء الزيارة الميدانية، التي قاموا بها لبلادنا ما بين 16 و 18 يناير 2023.

وثمن التقرير الذي بموجبه غادر المغرب اللائحة الرمادية، الالتزام السياسي الراسخ للمملكة في ملاءمة المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع المعايير الدولية، ووفاء بلادنا التام بكل التزاماتها في الآجال المحددة.

وأكدت الحكومة، أن قرار مغادرة المغرب لمسلسل المتابعة المعززة، أو ما يعرف “باللائحة الرمادية”، يأتي “تويجا للجهود والإجراءات الاستباقية المتخذة من طرف المملكة المغربية تنفيذا للتوجيهات الملكية ، إذ شملت عددا من الإجراءات التشريعية والتنظيمية والتدابير التحسيسية والرقابية، التي حرصت على تنزيلها مختلف السلطات والمؤسسات الوطنية المعنية، بتنسيق من الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، وبشراكة مع الأشخاص الخاضعين والقطاع الخاص”.

هذا وسينعكس خروج المغرب من اللائحة الرمادية بشكل إيجابي على التصنيفات السيادية وتصنيفات البنوك المحلية، كما سيعزز صورة المملكة وموقعها التفاوضي أمام المؤسسات المالية الدولية، وثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد الوطني.

وأكدت رئاسة الحكومة، أنه من أجل تحصين المكتسبات المحققة طيلة السنوات الأخيرة، تجدد المملكة المغربية التزامها القوي بمواصلة تعزيز المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب انسجاما مع تطور المعايير الدولية ذات الصلة، مؤكدة على أن هذا الالتزام أضحى ذا طابع استراتيجي ومؤسساتي، يروم حماية النظام المالي الوطني من مخاطر الجرائم المالية.

وكان المغرب قد بلور مخطط عمل للخروج من اللائحة، حيث شُكلت لجنة وطنية لتطبيق عقوبات مالية مقررة من قبل الأمم المتحدة ذات الصلة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالتوازي مع إدخال تعديلات على قانون غسل الأموال في إبريل 2021.

وراهن المغرب على مغادرة تلك اللائحة، حسب ما يتجلى من حديث والي البنك المركزي عبد اللطيف الجواهري، من أجل المضي في المباحثات مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على خط للسيولة والوقاية.

ويتمثل الخط الذي يريد المغرب الحصول عليه في خط وقاية وسيولة مرن، يعتبر أعلى مرتبة من خط السيولة والوقاية الذي سبق أن حصل عليه.

وخط التمويل يتم منحه للدول التي تتوافر على إطار اقتصادي قوي، وهو غير مرتبط بشروط إلا موضوع اللائحة الرمادية ووجود رؤية مالية على مدى سنوات لا سيما ما يتصل بسياسة الموازنة، بحسب الجواهري.

وقد أكد الجواهري عند حديثه عن مفاوضات جديدة مع الصندوق بمناسبة اجتماعات الصندوق المقبلة في واشنطن، أنه يجب توفير بعض الشروط، لا سيما تلك المرتبطة بالخروج من اللائحة الرمادية، مشيراً إلى أنّ الصندوق طالب كذلك بتوضيح الرؤية حول سياسة الموازنة والتي تغطي سنوات، وهو ما انخرط فيه المغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News