دولي

شراء الولاءات والاستثمار برؤساء الدول يلف رصد الجزائر مليار دولار لـ”تنمية إفريقيا”

شراء الولاءات والاستثمار برؤساء الدول يلف رصد الجزائر مليار دولار لـ”تنمية إفريقيا”

في مبادرة غامضة، أعلنت الجزائر، بداية هذا الأسبوع، عن تخصيصها مبلغ مالي قدره مليار دولار لتمويل مشاريع تنموية في الدول الإفريقية، حسب رئيس وزرائها أيمن بن عبد الرحمن، وذلك خلال القمة الـ 36 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، مما طرح تساؤلات حول خلفية هذا التمويل ورغبة الجزائر في شراء الولاءات بالقارة، لاسيما مع تراجع دعم عدد من الدولة الإفريقية لجبهة البوليساريو الانفصالية.

وأضاف رئيس الوزراء الجزائري غموضا لهذه المبادرة بعدم تحديد طرق صرفها والدول المستفيدة منها، مكتفيا بالقول “قررت الجزائر ضخ مليار دولار لصالح الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي، من أجل التضامن والتنمية لتمويل مشاريع تنموية في الدول الإفريقية، لا سيما منها تلك التي يكتسي طابعا اندماجيا أو تلك التي من شأنها المساهمة في دفع عجلة التنمية في القارة”.

ومن جانب آخر، تذهب تأويلات إلى أن هذه المبادرة يبتغي من خلالها النظام الجزائري محاصرة التغلغل المغربي بالقارة الإفريقية ومحاولة تقويض الصداقات المتينة التي تجمعه بعدد من البلدان التي سحبت اعترافها الجمهورية الوهمية وتقود مبادرات لطردها من الاتحاد الإفريقي، وذلك عبر شراء رؤساء دول أو استمالة المواقف والولاءات من خلال المال.

عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش، بدوره لا يستبعد في حديثه لـ”مدار21″ هذا الطرح، إذ يبرز أن الصيغة التي جاءت بها هذه المبادرة، وعدم توفر الجزائر على قنوات داخل القارة لتصريف هذه الميزانية، يجعل منها أقرب إلى محاولة شراء الولاءات.

ويؤكد بلعمشي، الذي يرأس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات بالرباط، أن “التعاون الدولي عموما يأخذ أشكالا متعددة، وبالنسبة للدول الإفريقية نلاحظ أن هناك نوعان من الأنظمة السياسية، منها أنظمة تسعى إلى التنمية والتعاون المتبادل وإلى حقوق الإنسان وإلى بناء دولة ديمقراطية، ولعل المغرب يصطف إلى جانب هذه البلدان منذ انضمامه إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017 في القمة 28”.

وبالمقابل، يضيف بلعمشي “هناك أنظمة سياسية تسعى إلى الهيمنة وتوظيف الثروات الوطنية في دعم بعض الاتجاهات من أجل خلق موالاة وأنصار لدول أخرى، وهي دول تسعى للتفاعل مع محيطها بشكل مباشر، إما عبر الاستثمار في رؤساء دول أو الاستثمار في النزاعات القائمة بين أطراف متصارعة داخل الدولة ودعم طرف على حساب أطراف أخرى وغيرها من الطرق”.

وتابع أستاذ العلاقات الدولية نفسه أن هذا التوجه الثاني تمثله الدول التي بقيت حبيسة المنطق السياسي وعلى رأسها الجزائر وليبيا سابقا وجنوب إفريقيا وغيرها من الدول.

وأشار بلعمشي إلى أنه من خلال القمة الـ36 للاتحاد الإفريقي “نلاحظ أن الانتصار ذاهب إلى الدول التي تسعى إلى خلق إطار مؤسساتي يعزز الموقع التفاوضي لإفريقيا اقتصاديا وسياسيا والراغبة في منح هذه القارة الوزن الذي تستحقه انسجاما وما تقدمه للاقتصاد العالمي”.

وأفاد بلعمشي أن الدول تعتمد على التعاون الدولي بمفهومه التقني، بمعنى التعاون في المجالات المرتبطة بقطاعات معينة ودعم هذه القطاعات، مثل القطاع البنكي وقطاع التكوين المهني، وكذلك مثل ما يقوم به المغرب مؤخرا فيما عرف بديبلوماسية “الفوسفاط” ودعم الدول في هذا الجانب، والتفاعل بشكل يضمن الاحترام المتبادل والربح المتبادل بمنطق “رابح-رابح”.

ولفت أستاذ العلاقات الدولية إلى أن التقارير التي تتحدث عن توظيف الجزائر لما يناهز مليار دولار لتفعيل سياساتها في إفريقيا لم يظهر إلى حد الآن المنهجية التي سيتم اعتمادها في صرف هذه الأموال، مضيفا أنه من الناحية النظرية يمكن التأكيد على أن الجزائر لم تؤسس لبنية تحتية قادرة على استيعاب التمويلات في الدول الإفريقية.

ويسترسل رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات في السياق نفسه “وبالتالي فإن هذه المبالغ وهذه الأموال ربما تذهب إلى المنطق الآخر للتعاون، بمعنى الدعم المباشر لجهات معينة قصد حشد الولاءات للتوجهات الجزائرية فيما يتعلق بسياستها الخارجية”.

وأبرز أستاذ العلاقات الدولية “عموما يبقى أي توجه في السياسة الخارجية سيادي لأن كل دولة تتصرف بالمنطق الذي تريد ولكن النتائج المباشرة وغير المباشرة وتنفيذ الاستراتيجيات هو الذي يعطي النتيجة حول إلى أي مدى تعد هذه الطرق في التعاون منتجة أم لا، وهل هي مستديمة أم مرحلية”.

وأضاف بلعمشي أن مجموعة من الأسئلة ترافق هذه المبادرة ومنها “هل هي أقوال وتصريحات موثوقة أم أنه سيتم التراجع عنها حسب تفاعل المستهدفين منها مع هذه التمويلات، ومدى عدم الخلط بين السياسي والاقتصادي والتنموي بالنسبة للمتفاعلين مع الجزائر في هذا المعطى الذي تطالعنا به التقارير حول تخصيص مليار دولار للتوجه الإفريقي للجزائر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News