سياسة

الاستقلال يُطالب بمحاصرة ثقافة الاسترزاق بـ”الصدَقَاتْ” لخلق الولاءات السياسية

الاستقلال يُطالب بمحاصرة ثقافة الاسترزاق بـ”الصدَقَاتْ” لخلق الولاءات السياسية

دعا الفريق الاستقلالي للوحدة و التعادلية بمجلس المستشارين، إلى إحداث جيل جديد من مؤسسات تقديم “الخير” يوفق ما بين قدرة الدولة على ضبط ثغرات المنظومة الاجتماعية الناتجة عن خلل في توزيع الثروة، وبين رغبة الإنسان في تقديم المعونة لأخيه الإنسان الموجود في حالة خصاصة.

وضمن مقترح قانون جديد تقدم به الفريق الاستقلالي، لإحداث وتنظيم المؤسسة المغربية لتخزين وتوزيع الأغذية، شدد على ضرورة إشاعة الأمن الغذائي، والطمأنينة والسكينة العامة والكرامة في ظل تخوف من ندرة السلع والبضائع لبعض الفئات الهشة والفقيرة، خصوصا تلك التي تفقد مناصب شغلها بسبب تفشي المرض، مما يستدعي تفكير عميق في عملية طمأنة هذه الشرائح الاجتماعية، من زاوية تدبيرية عقلانية للعمل الخيري.

ووفق المذكرة التقديمية لمقترح الفريق النيابي، فقذ تطور منطق تدبير عمليات الإحسان العمومي و تطورت أيضا نماذج تقديم المساعدات الخيرية عبر العالم تطورا بينا، انتقل من منطق “الخير الموسمي” الذي تشتغل فيه السواعد الإنسانية في مواقيت مرتبطة سواء بحلول الأيام والشهور الدينية المقدسة كالأعياد ورمضان.

وأضاف الفريق البرلمانين أن الإحسان العمومي، انتقل من منطق المساعدات المستعجلة في الظروف القاهرة والطوارئ الى منطق التدبير التوقعي والاستشرافي المبني على ترسيخ حكامة التوزيع المستمر للمستلزمات المعيشية وفق دراسة خريطة تواجد الحاجة داخل المجال الترابي ووفق موقع الإنسان المحتاج ضمن تراتبية الاستهلاك والإنتاج.

وسجل المصدر ذاته، أن من أهم ما أبدعت منظومة التفكير التدبيري البشري هو مأسسة و أجرأة العمل الخيري في أفق تحقيق أهداف تلبية الحاجات بناء على تشخيص أولي لوجود عجز في توفيرها من قبل المستفيد، “في إطار إنساني تضامني يفرضه الانتماء إلى الجماعة البشرية داخل وعاء الدولة وبعيدا عن خلفية التسييس أو الاستعمال الانتخابوي”.

وأشار الفريق الاستقلالي، إلى أن من بين هذه المؤسسات شاعت منذ أواسط القرن الماضي، في دول العالم مرافق أطلق عليها اسماء متعددة من بينها الأبناك الغذائية، أعادت لمؤسسة الدولة وجهها الخيري الاجتماعي والإنساني بعد غياب مؤسساتي طويل الأمد.

وتعد هذه المؤسسات المهتمة لحفظ وتركيز وإعادة توزيع الغذاء وفق ميزان تفاعلي بين الأرصدة الغذائية والمساعدات المحفوظة وبين حاجيات الاستهلاك الملحة، ولفت المقترح البرلماني إلى بروز تجارب رائدة سواء في الدول الأوروبية أو الولايات المتحدة الأمريكية أو في دول تنتمي لفضائنا الثقافي والجغرافي في عدد من الدول الإفريقية والعربية.

ويرى فريق “الميزان”، أن أهم أساس فلسفي تنبني عليه هذه المرافق الاجتماعية الجديدة يكمن في كونها مؤسسات تساهم في بناء مخزون استراتيجي للغذاء، هذا المخزون الذي تحدث عنه الملك محمد السادس، في خطاب افتتاح البرلمان أكتوبر 2022، وهي مؤسسات غير مرتبطة أساسا بالمجاعة مثلا، وإنما هي ذات بعد وقائي يساهم في اليقظة الغذائية من منظور متجدد مساهم في تحقيق نوع من العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي والاجتماعي.

وأكدت المبادرة التشريعية ذاتها،  أن من بين أهداف هذه المؤسسات، هو محاصرة ظاهرة التبذير وتحبيب ثقافة حسن الاستهلاك وفق الحاجة، مسجلا أن هذه المؤسسات الاجتماعية، يتعين أن تتمتع بقوة إسنادية لمؤسسات عمومية أخرى في تقديم الغذاء سواء بصفة رئيسية كالمطاعم المدرسية والخيريات أو بصفة محدودة كالمستشفيات أو مؤسسات أخرى تعنى بالنساء والأرامل والأطفال أو المهاجرين بدون مأوى وغيرها، وبالتالي تساهم بدورها في مزيد من إشاعة ثقافة التضامن والتآزر الاجتماعي.

واقترح الفريق الاستقلالي بالغرفة الثانية للبرلمان، أن تتميز هذه المؤسسات الغذائية بتنظيم إداري ومالي وترابي عقلاني محكم ومسؤول، يستند على ميزانية وتوقعات مستقبلية وإحصائيات موثقة، وبرامج على طول السنة تستهدف الفئات المعوزة حسب النوع والدخل.

ونبّه المقترح البرلماني، إلى  أعداد الفقراء الموجودين في المملكة، “والذين يتم التعامل معهم من قبل جمعيات متنوعة ذات أهداف مختلفة، أو من قبل الأفراد بناء على ثقافة الصدقة والهدية والمكرمة الموسمية، في الوقت الذي تجعل هذه المؤسسات الجديدة من الصدقة مؤسسة جماعية لا مجال فيها للظهور الفردي أو السياسي أو التسويقي”.

ويرى الفريق الاستقلالي، أنه “تماشيا مع المبادرات الخيرية والإنسانية التي تقوم بها الدولة بشكل متزايد، فإن إحداث مؤسسة مغربية للغذاء من شأنه أن يعزز هذه المبادرات ويوسعها ويضبطها باستمرار على صعيد جميع التراب الوطني، تعفي المواطن المعوز من ثقافة الخضوع للمتصدق وتحاصر ثقافة الاسترزاق بالصدقات الموسمية الموسعة، كما تقطع مع عمليات خلق الولاءات السياسية التي تعتمد كثير منها على منطق المساعدات الخيرية.”

وأوضحت المبادرة التشريعية، أن  مؤسسة تخزين وتوزيع الغذاء، “يتعين فيها الاشتغال بتنسيق مع السلطات العمومية والمنتخبين والمجتمع المدني والمقاول والمنتجين، من أجل جعل تقديم الغذاء خدمة عمومية لفئات معينة بعيدا عن عقلية التنافس المصلحي أو السياسي”.

وبناء على ذلك، اقترح الفريق الاستقلالي، إحداث مؤسسة اجتماعية غير ربحية، تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري مقرها بالرباط، تحت مسمى ” المؤسسة المغربية لتخزين وتوزيع الأغذية”.

ويناط بالمؤسسة مهام التدخل العمومي للمساهمة في توفير التغذية لفئات اجتماعية مستهدفة، من خلال العمل على جميع مختلف الأغذية وتقديمها المحتاجين مع إعطاء الأولوية للأشخاص في وصعبة صعبة أو إعاقة، وتخزين وتوزيع الأغذية والوجبات الغذائية على المغاربة أو المهاجرين أو الأجانب المحتاجين بصفة عامة؛

كما يعهد إليها بجمع وقبول التبرعات والهبات الغذائية والمالية لهذا الغرض، والقيام بحملات تحسيسية ضد التبذير الغذائي عبر كل الوسائل المتاحة، وإبرام الشراكات مع القطاعين العام والخاص لتعزيز ثقافة التضامن وجمع الأغذية، والتنسيق مع السلطات العمومية والجماعات الترابية والجمعيات لجمع وتوزيع الأغذية.

إضافة إلى ذلك، يقترح الفريق الاستقلالي، أن يناط بهذه المؤسسة،  دعم قدرات المطاعم المدرسية والجمعيات الخيرية والمستشفيات والمراكز الصحية ومراكز رعاية الطفولة والمرأة في وصعبة صعبة والمؤسسات السجنية، والقيام بحملات توزيع الأغذية عبر التراب الوطني، والتشارك مع المنظمات الدولية ومؤسسات الأغذية الأجنبية التي تتقاسم نفس الأهداف، المساهمة في محاربة سوء التغذية والتحسيس بمخاطرها،والتحسيس بضرورة التضامن والتطوع الغذائي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News