رياضة

لقجع.. صَانِعُ سعادة كرة القدم المغربية وأَنجَحُ رئيس للجامعة على مرّ التاريخ

لقجع.. صَانِعُ سعادة كرة القدم المغربية وأَنجَحُ رئيس للجامعة على مرّ التاريخ

خلف كل نجاح صنّاعه ومبدعوه سهروا على توفير كل الظروف الممكنة من أجل النهوض بالرياضة الأكثر شعبية في العالم، التي تسير فيها المملكة بخطى ثابتة نحو إيجاد موطئ قدم بين أعتد وأكبر الدول ذات التقاليد العريقة في اللعبة.

ونُقلت كرة القدم المغربية من الهواية إلى الاحتراف بشكل عملي في عهد رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فوزي لقجع، الذي بدأ يجني، ومعه المغرب، ثمار 8 سنوات من العمل الدؤوب على رأس الجهاز الوصي على اللعبة.

وتولى لقجع رئاسة جامعة الكرة سنة 2014، في جمع عام أثار جدلا كبيرا بعد منافسة مع رئيس الوداد الرياضي السابق، عبد الإله أكرم، وكانت أبرز وعوده إصلاح منظومة كرة القدم المغربية وتكوين منتخب قوي قادر على المنافسة في أعلى المستويات.

لم تكن الطريق مفروشة بالورد، لكن كرة القدم المغربية بدأت تحصد النجاحات سنة بعد أخرى، استنادا إلى المشروع الذي بدأ سنة 2009 بإطلاق أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، وتوّج بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فوزي لقجع، رئيسا لجامعة الكرة.

وبدأ لقجع ولايته الثالثة في يونيو 2022، وشاهد أكبر إنجازات الرياضية للمغرب في المونديال القطري (نونبر 2022) ببلوغ نصف النهائي للمرة الأولى في التاريخ إفريقيا وعربيا، وهي المهمة المهمة التي استعصت على 14 رئيسا قبله، وعلى رأسهم الجنرال حسني بنسليمان الذي عمّر على رأس الجامعة لـ14 عاما (2009-1995)، علما أن ابن مدينة بركان أصبح صاحب ثاني أطول ولاية بـ8 سنوات حتى الآن، وخلفه فضول بنزروال بسبع سنوات (1986-1979).

لقجع، منذ توليه رئاسة جامعة الكرة، حرص على الالتزام بوعود برنامجه الانتخابي بدءا بوضع خارطة طريق لإصلاح منظومة كرة القدم، مرورا بتطوير التجهيزات ومراكز التكوين والبنى التحتية، انتهاء عند تطوير الموارد المالية للهيئة التي يشرف على رئاستها، ما أعطى بعدا استراتيجيا جديدا لكرة القدم المغربية، الأمر الذي يرى فيه عبد العزيز البلغيتي، دكتور في الترجمة الرياضي وناقد ومحلل رياضي في تصريح لجريدة “مدار21” أنه تعبير واضح عن “ثورة كروية مغربية، سيما بعد الإنجازات التي أصبحنا نتحدث عنها اليوم”، مشددا على أنها “لم تأت من فراغ أو بالصدفة، بل كانت ثمرة عمل جاد”.

ويرى البلغيتي أنه اليوم “يمكننا القول إننا نتوفر على سياسة كروية واضحة المعالم نجني ثمارها الآن، سيما مع الإنجاز غير المسبوق والتاريخي للمنتخب المغربي في كأس العالم بقطر، بوصول المغرب إلى نصف النهائي، بل وكنا على مرمى حجر من بلوغ المباراة النهائية”.

البنى التحتية.. أرضية النجاحات

وشهد المغرب ثورة حقيقية على مستوى التجهيزات والبنيات التحتية الرياضية حتى أصبح يتوفر على ملاعب بمعايير عالمية استضافت بطولات كبرى على غرار كأس العالم للأندية سنتي 2013 و2014 وكأس إفريقيا للاعبين المحليين عام 2018، والألعاب الإفريقية 2019، وكأس إفريقيا للسيدات يوليوز المنصرم.

ومنذ الرسالة الملكية الموجهة للمناظرة الوطنية حول الرياضة بالصخيرات سنة 2008، عرفت الجوانب الهيكلية لتطوير كرة قدم في المغرب منحى تصاعديا ببناء أربعة ملاعب كبرى بأكادير، مراكش، طنجة وفاس، لتنافس ملعبي الأمير مولاي عبدالله بالرباط ومحمد الخامس بالدار البيضاء، على استضافة أكبر التظاهرات.

ومن بين القفزات الكبيرة التي قام بها المغرب في ولاية لقجع، تحديث مركز المعمورة، بتعليمات ملكية، بكلفة مالية بلغت 63 مليار سنتيم، ودشنه الملك في دجنبر 2019 وأطلق عليه اسمه “مركب محمد السادس لكرة القدم”.

وعملت الجامعة الملكية المغربية، في حقبة رئيسها الحالي، على إعادة “الحياة” لمراكز تكوين الأندية المغربية وتأهيل ملاعب فرق الهواة في إطار سياستها الرامية إلى تعزيز البنيات التحتية وتطوير التكوين القاعدي.

هذه الطفرة على مستوى البنى التحتية أعادت تموقع المغرب على الصعيد القاري، إذ أضحى قبلة للعديد من المنتخبات من أجل الاستعداد لمختلف التظاهرات، كما أصبح “أرض نجاة” لاتحادات إفريقية لاستضافة مباريات رسمية لمنتخباتها لعدم توفرها على ملاعب تستجيب للمعايير الدولية.

لقجع.. صانع سعادة الكرة المغربية

وأصبح فوزي لقجع أنجح رئيس للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على مر التاريخ بعدما أصبح أول من يتأهل المنتخب الوطني المغربي في ولايته إلى كأس العالم مرتين، إضافة إلى بلوغه المربع الذهبي لكأس العالم، زيادة على إنجازات تاريخية أخرى على غرار تتويج منتخب كرة القدم داخل القاعة بلقبي كأس أمم إفريقيا ومثلها في كأس العرب، زيادة على بلوغه ربع نهائي كأس العالم.

ومنذ تولي لقجع رئاسة الجامعة، لم يفشل المنتخب المغربي في التأهل إلى نهائيات كأس العالم، إذ شارك “الأسود” في مونديال روسيا 2018، وخرجوا من الدور الأول بهزيمتين أمام إيران والبرتغال وتعادل في آخر جولة ضد إسبانيا (2-2). لكن المشاركة الثانية في كأس العالم “قطر 2022” ستظل عالقة في الأذهان لسنوات طويلة، بعدما دخل المنتخب المغربي التاريخ بعدما أصبح أول منتخب عربي وإفريقي يصل إلى المربع الذهبي.

هذا الإنجاز، قاد كتيبة المدرب وليد الركراكي، ومعهم رئيس جامعة الكرة إلى القصر الملكي، حيث حظوا باستقبال ملكي وشّحوا فيه بأرفع الأوسمة.

واستلم لقجع دفة قيادة سفينة كرة القدم المغربية سنة 2014 والمنتخب المغربي في المركز الـ74 عالميا و16 إفريقيا، لكنه اليوم، قاده لأن يصبح بين كبار العالم، إذ قفز “الأسود” إلى المركز الـ11 عالميا، ويتصدرون حاليا ترتيب أقوى منتخبات القارة السمراء، علما أن أفضل إنجاز لـ”الأسود” كان سنة 1998 بوصولهم إلى الرتبة العاشرة.

ووفق البلغيتي، ففي فترة لقجع “أصبحنا نتوفر على جهاز وصي على كرة القدم يحظى بثقة كبيرة، والدليل على ذلك إقالة الناخب المغربي السابق وحيد خاليلوزيتش، مع حقبته السوداء رغم تأهلنا إلى كأس العالم، واختيار الركراكي الذي شاهدنا معه منتخبا آخر، بهوية مغربية أصيلة وثقافة وطنية مؤصلة”.

الكرة النسوية.. مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة

ولم تقتصر مجهودات الجامعة مع فوزي لقجع على كرة القدم لدى الرجال، فقد قاد ثورة أخرى داخل كرة القدم النسائية، وضع من خلالها الأرضية الصلبة لطي صفحة الهواية والإخفاقات، وكانت البداية بإحداث العصبة الاحترافية لكرة القدم النسوية، محور كل التحولات التي شهدتها كرة القدم بنون النسوة، التي أطلقت البطولة الاحترافية بقسميها الأول والثاني، بداية من الموسم الكروي المنصرم، وبطولة وطنية لفئة أقل من 17 سنة وبطولات جهوية للفئات الصغرى.

ورفعت جامعة الكرة المنح السنوية “الهزيلة” للأندية النسوية من 20 مليونا إلى 120 مليون سنتيم بالنسبة لدوري الدرجة الأولى، ومن 10 إلى 80 مليون سنتيم للقسم الوطني الثاني، إضافة إلى ضخ 10 ملايين سنتيم في خزينة 11 عصبة جهوية لتطوير كرة القدم لدى الفتيات.

ووضعت جامعة لقجع أهداف رياضية في استراتيجيتها الجديدة، إذ تهدف بلوغ 90 ألف لاعبة كرة قدم في أفق سنة 2024، وتكوين 1000 إطار تقني خاص بأندية كرة القدم النسوية.

ورغم أن ثمار الاستراتيجية الجديدة تحتاج إلى مزيد من الوقت، إلا أنها ستساهم، على المدى المتوسط، في الحفاظ على الإنجازات التي أدركتها كرة القدم النسائية في الفترة الأخيرة، سيما ببلوغ المنتخب الوطني نهائي كأس إفريقيا للأمم في يوليوز الماضي وتأهله لأول مرة على المستوى العربي إلى نهائيات كأس العالم المقرر تنظيمها بشكل مشترك بين أستراليا ونيوزيلندا، إضافة إلى مشاركة منتخب أقل من 17 عاما لأول مرة في المونديال بالهند أكتوبر الماضي.

وعلى مستوى الأندية، تمكنت فتيات الجيش الملكي من إهداء المغرب أول لقب في دوري أبطال إفريقيا للسيدات سنة 2022، علما أن المسابقة انطلقت الموسم الماضي وحاز لقب النسخة الأولى ماميلودي صان داونز الجنوب إفريقي.

 الأندية.. شهية الألقاب مفتوحة

على صعيد الأندية، فيمكن اعتبار حقبة فوزي لقجع “العصر الذهبي” للفرق المغربية، إذ تمكن المغرب من حصد العديد من الألقاب القارية، وأصبح الحضور المغربي في الأدوار النهائية أمرا مألوفا ومتوقعا.

وفي السنوات الثماني الماضية، تمكنت الفرق المغربية من معانقة المجد الإفريقي في 9 مناسبات، إذ ظفر الوداد بلقبين لدوري أبطال إفريقيا سنتي 2017 و2022، وكأس السوبر الإفريقي سنة 2018، فيما توج الرجاء ونهضة بركان بكأس الكونفدرالية الإفريقية مرتين لكل منهما، سنتي 2018 و2021 للأخضر و2020 و2022 للبرتقالي، إضافة إلى كأس سوبر إفريقية لكل منهما سنة 2019 و2023 تواليا.

ورغم أن إنجازات الأندية يعود القسط الوافر فيها إلى مسيريها، فالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم كانت مساهمة بشكل كبير في المنحى التصاعدي لمستوى الدوري الاحترافي، سواء بالدعم المالي الذي تقدمه ودفعها لجزء كبير من تكلفة تنقلات ممثلي كرة القدم الوطنية قاريا، أو إعادة تأهيل أكاديميات ومراكز التكوين وتهيئة ملاعب أندية الدرجة الأولى بالعشب الطبيعي.

إضافة إلى ذلك، فقد أخذ فوزي لقجع على عاتقه إنجاح ورش انتقال الأندية من نظام الجمعيات الرياضية إلى الشركات. بناء على ذلك، أحدثت كل فرق قسم الصفوة شركاتها قبل انطلاقة الموسم الكروي الحالي، بيد أن الانتقال إلى التدبير الفعلي بنظام الشركات ونقل ملكيات الجمعيات الرياضية إلى الشركات المحدثة ما زال قيد التأطير والمواكبة من طرف جامعة الكرة للأندية.

“الفوتصال”.. نجاح عالمي بـ”ستايل” مغربي

في الحقيقة، يمكن ملاحظة “الانقلاب” الذي أحدثه فوزي لقجع في كرة القدم المغربية من خلال المنتخب الوطني لكرة القدم داخل، وهو المشروع الكروي المكتمل الذي أعطى ثماره وحقق نتائج فاقت كل التوقعات.

يحكي هشام الدكيك، مدرب المنتخب الوطني لـ”الفوتصال”، في تصريح سابق للجريدة أن فوزي لقجع، كان الوحيد من المسؤولين الذي تعاقبوا على رئاسة الجامعة من آمن بمشروعه الكروي. وفي وقت وجد ابن القنيطرة الأبواب موصدة في وجهه نظرا للشعبية القليلة لكرة القدم داخل القاعة، وقلة الرعاة، أولى لقجع اهتماما كبيرا للمشروع الطموح للدكيك وقدم له كل الثقة والدعم اللازمين من أجل النهوض باللعبة، حتى أضحى المغرب اليوم نموذجا في هذا النوع الرياضي على المستوى الإفريقي والعربي بل وحتى العالمي.

وكانت انطلاقة “أسود الفوتصال” سنة 2016 بتتويجهم بأول كأس إفريقيا للأمم بجنوب إفريقيا، ليضيفوا الكأس الثانية سنة 2020 في النسخة المنظمة بالمغرب، كما أحرزوا لقب آخر نسختين من كأس العرب سنتي 2021 و2022، قبل أن ينهوا سنة 2022 بتتويج تاريخي بعدما فازوا بلقب كأس القارات في شتنبر الماضي.

وكتب منتخب “الفوتصال” التاريخ في كأس العالم المنظم بليتوانيا سنة 2021، فبعدما فشل في تجاوز دور المجموعات في نسختي 2012 بتايلاند و2016 بكولومبيا، وأقصي فيهما دون إدراك فوز واحد في مبارياته الست، تمكن أبناء المدرب هشام الدكيك من فك العقدة ببلوغهم ربع النهائي.

ونتيجة كل هذا، قفز “الأسود” إلى المركز الثامن عالميا في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم. ولأن “الشهية تأتي مع الأكل” فقد أكد الدكيك للجريدة أن طموحه الآن احتلال أحد المراكز الثلاثة الأولى، وهذا ما يراه المحلل عبد العزيز البلغيتي “تجسيدٌ لسياسة كروية قوية تعكس الفكر المغربي الأصيل”.

وأوضح البلغيتي أن “تألق المدرب المميز، هشام الدكيك، رفقة جيل رائع من اللاعبين، جعل سقف المطالب ترتقي إلى هدف القتال من أجل التتويج بكأس العالم في النسخة المقبلة”، مضيفا “حققنا كل الألقاب الممكنة.. وأصبحنا ندا للمنتخبات القوية لها باع طويل على غرار البرازيل البرتغال إسبانيا.. الدكيك رفع سقف الطموح ومنحنا ‘الستايل’ المغربي وهوية كروية مغربية يراها الجميع”.

الدبلوماسية الرياضية.. “سلاح ناعم” في خدمة القضية الوطنية

ومن بين أكبر نجاحات فوزي لقجع منذ توليه رئاسة الجامعة كان خلخلة التوازنات داخل دهاليز الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، بعد انتخابه ضمن المكتب التنفيذي لـ”الكاف” ورئيسا للجنة المالية ونائبا ثانيا للرئيس السابق، أحمد أحمد، ليعود المغرب بقوة على الساحة القارية.

ولم يتوقف لقجع عند “الكاف”، بل تعداها إلى أعلى جهاز كروي في العالم، عندما تم انتخابه في مارس 2021، عضوا بمجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، ممثلا عن البلدان الناطقة بالعربية بالقارة السمراء، مانحا المغرب مقعدا بين الكبار على طاولة القرار العالمي.

وبهذا الصدد، يقول البلغيتي: “اليوم نتحدث عن تموقع فوزي لقجع القوي داخل أجهزة اتخاذ القرار على الصعيد القاري والدولي، بعدما أضحى عضو المكتب التنفيذي بالاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” وأيضا بالكونفدرالية الإفريقية للعبة”، مشددا على أنها نقطة تحسب لرئيس جامعة الكرة الذي حارب أوكار الفساد قاريا ووطنيا.

هذا الحضور الوازن أعطى للمغرب تموقعا عالميا في القرار الرياضي، ومنح الدبلوماسية الرياضية الناعمة للمغرب بعدا استراتيجيا، لتحقيق الإشعاع للملكة، لكن بالأساس لتوظيفها في الدفاع عن الوحدة الترابية.

ونجح لقجع في قطع الطريق على الجزائر ودمتيها المتحركة “البوليساريو” في مارس 2021 خلال الجمع العام الاستثنائي للكونفدرالية الإفريقية المنظم بالمغرب، والذي شهد انتخاب الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي رئيسا للهيئة القارية، عندما أقنع رؤساء الاتحادات الإفريقية لكرة القدم بالتصويت على تعديل في الفصل الرابع من النظام الأساسي للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم ينص على أنه “لا يجوز لأي دولة ليست عضوا في الأمم المتحدة أن تشارك في هيئة دولية ذات طبيعة ثقافية أو رياضية أو غيرها”، ليوصد المغرب كل الأبواب أمام الجزائر لحشر الجبهة الانفصالية داخل “الكاف”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News