رياضة

كرة القدم عشق يتغلغل في قلوب الملايين.. وخبير: فرحة الفوز تعبر في الواقع عن الإحباطات

كرة القدم عشق يتغلغل في قلوب الملايين.. وخبير: فرحة الفوز تعبر في الواقع عن الإحباطات

باتت مباريات كرة القدم تحظى بمتابعة واسعة على الصعيد العالمي، وعلى الصعيد المغربي كذلك، إلى درجة تحولت اللعبة إلى هوس جماعي يتغلغل أكثر مع تزايد عشق هذه اللعبة من طرف الملايين، حتى من طرف عدم الممارسين لها وللرياضة عموما، إذ تعتبر الأن اللعبة الأكثر شعبية في العالم، الأمر الذي يسائل أسباب انتشار هذا الولع بالمستديرة ومدى معقوليته.

وأصبح الملاحظ في الآونة الأخيرة أن الحرص على متابعة كرة القدم بات أكثر انتشارا، دون أن يقتصر ذلك على جنس أو عمر معين، فالشباب والأطفال والنساء وكبار السن جميعهم مشتركون في هذه المتابعة الجماعية، لا سيما بعد تأهل المنتخب الوطني المغربي إلى نهائيات كأس العالم 2022، وتمكنه من العبور إلى الدور الثاني.

ويفسر مصطفى الشكدالي، الخبير في علم النفس الاجتماعي، في تواصله مع “مدار21” أن هذه الظاهرة بمجموعة من الأسباب، مؤكدا أولا ليس المغاربة وحدهم من يتابعون لعبة كرة القدم بل أصبح الأمر عادة عالمية، مضيفا أن “هذه المتابعة تدخل في إطار ما يعتبره علم النفس سيكولوجية الجماهير، التي تتميز بانفعالات جماهيرية للحشود”.

وكشف الخبير نفسه أنه “عندما نتحدث عن المجتمع المغربي أصبح هناك إقبال أكبر على متابعة مباريات كرة القدم، خاصة لدى العنصر النسوي، ومرد ذلك إلى انتشار هذه اللعبة أكثر مع التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي، وتجاوزت كونها مجرد رياضة”.

“قساوسة العهد الجديد”

وأفاد الخبير في علم النفس الاجتماعي أن لعبة كرة القدم “تحولت إلى شيء يمكن أن نعلق عليه مجموعة من القضايا الأخرى التي قد يكون فيها إحباط على المستوى الفردي، أو تعبير عن مجموعة من الإخفاقات والقضايا”.

إضافة إلى ذلك، يشير الشكدالي إلى أن “ما يلاحظ اليوم من أن مباريات كرة القدم أصبحت تبدأ قبل المقابلة وأثناءها وبعدها”، مشيرا إلى أن “هناك تهييج وتجييش من طرف ‘قساوسة العهد الجديد’ من المعلقين الرياضيين والمحللين والمناقشين”، معتبرا أن ذلك يدخل في إطار التجييش لمشاعر المتفرجين واللعب على الأوتار.

ويسترسل الخبير نفسه أنه “حينما نتحدث عن المنتخب الوطني يجب أن نعرف أن الأمر يتعلق بـ11 لاعبا ضد 11 لاعبا، ولا يمكن لفريق مكوّن من هذا العدد أن يمثل شعبا بأكمله مما يفيد وجود اختزال، إضافة إلى الألقاب التي نسمعها من هنا أو هناك والتي تتبارى فيما بينها، ومنها لقب أسود الأطلس الذي يطلق على المنتخب المغربي مثلا، في إشارة منه إلى أن ذلك يساهم أكثر في متابعة هذه اللعبة.

تحفيز انفعالي و”فانتزمات”

وتابع الخبير في علم النفس الاجتماعي أن هذه المتابعة تدخل في إطار نوع من التحفيز الانفعالي، وهناك استجابة من طرف الجماهير، إضافة إلى ما يعتبره علم النفس سلوك المماثلة، وأن هناك من يعتقد أن متابعة لعبة كرة القدم تحقق الفرح، مضيفا أن ذلك صحيح إذ يوجد نوع من الفرح لكنه فرح انفعالي في حالات معينة، وحينما ننظر إلى استعمالات كثيرة جدا في هذا الفرح، إذا استمعنا جيدا للخطابات فسنجد أن هذا الفرح يعبر في الواقع عن أشياء أخرى من قبيل الإحباطات كما سبقت الإشارة.

وأبرز الشكدالي أن هذا الفرح “يعبر كذلك عن خيال ومخيال وعن “فانتزمات” في بعض الحالات، لأن اللغة التي نستعملها ونحن نتحدث عن كرة القدم هي حمّالة ولمكنون ولمكبوت ولأشياء معينة”.

ويتابع الخبير في علم النفس الاجتماعي أنه “ما دام أن كرة القدم لعبة جماهيرية والكل يتابعها، فالجميع يريد أن يجد له موقعا، فمثلا الملاحظ أن مجموعة من الشباب والشابات يؤخذون صورا بالقميص الوطني، وهذا ما يمكن تفسيره في علم النفس بسلوك المماثلة بمعنى أنني أماثل الآخر وأريد أن أكون كهذا الآخر الذي يمثلني”.

وأورد الخبير مصطفى الشكدالي أن عملية متابعة كرة القدم عموما تدخل في إطار التشويق والتجييش وفي لإطار السيطرة على الانفعالات بمزيد من الانفعالات، وهذا الأمر لا ينطبق فقط على مجتمعنا، ونحن نلاحظ الأن أن الفريق الوطني لم يعد يمثل المغرب فقط بل يمثل العرب وإفريقيا والأمازيغ، وفي الواقع فهذه التمثيلية بهذه الصورة تجعلنا أمام نوع من العبث.

الصدمات النفسية للهزيمة

وفق الخبير نفسه فالصدمات النفسية التي تنتج عن انهزام هذا الفريق أو ذاك في كرة القدم فسببها وجود نوع من التماهي، بمعنى أن هناك من يأخذ فريقه وكأنه سيحقق له، من وجهة النظر السيكولوجية اللاشعورية، الانتصار، وبالتالي عندما تقع الهزيمة يشعر بخيبة أمل لأنه جعل من ذاته ومن أناه الفردية تذوب في الأنا الجماعية، وهذه نتيجة لسيكولوجية الحشد مع الجماهير.

وفي هذه الحالة تصبح الهزيمة، وفق الشكدالي، بمثابة انكسار للذات والأنا خاصة وأن هذه الأخيرة أصبحت تشعر بالنصر وبالنشوة وبتحقيق انفعال، لكن هو في الواقع تعويض عن أشياء أخرى، مضيفا أن هذه الصدمة سرعان ما تمر مع الأيام والحياة اليومية في جزئياتها وتفاصيلها، لتعود الحياة إلى مجراها.

وأورد خبير علم النفس الاجتماعي أن هذه الصدمات لا تتطلب علاج أو متابعة سيكولوجية أو شيء من هذا القبيل، لكن اليومي كفيل بنسيان الهزيمة وستصبح في الذكرى، وقد تتجدد حينما تتجدد اللقاءات والمباريات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News