مجتمع

سياسيون وحقوقيون يشرحون اختلالات “مدونة الأسرة” في مواجهة الواقع العملي

سياسيون وحقوقيون يشرحون اختلالات “مدونة الأسرة” في مواجهة الواقع العملي

بغية تجاوز الاختلالات وتعزيز وضعية المرأة وتعزيز مشاركتها في الحياة العامة، أجمعت فعاليات سياسية وحقوقية وأكاديمية، أمس الخميس بالرباط، على أهمية مراجعة مدونة الأسرة وتطويرها، لتجاوز الاختلالات التي اعترت بعض بنودها.

وأكد المشاركون، في ندوة الفكرية نظمها حزب الحركة الشعبية، حول موضوع “مدونة الأسرة، الحصيلة وضرورة الإصلاح”، أنه لا يمكن تحقيق المساواة بين النساء والرجال وضمان المشاركة الكاملة للمرأة في جميع مناحي الحياة العملية دون إطار قانوني منسجم مع طموحات البلاد، يضمن للمرأة التمتع بحقوقها كاملة دون أدنى تمييز.

محند العنصر الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، قال إن الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الــ23 لعيد العرش “بمثابة خارطة طريق دقيقة وموضوعية”، لما يجب أن تقوم به الأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني وكافة المتدخلين والمعنيين بقضايا المرأة، لتفعيل المؤسسات الدستورية الخاصة بحقوق الأسرة والمرأة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية للنهوض بوضعية النساء سواء على المستوى الإجتماعي أو الإقتصادي أو من خلال المشاركة السياسية

وأبرز العنصر، في كلمته، أن صدور مدونة الأسرة في عام 2004، شكل حدثا بارزا في النهوض بوضعية المرأة المغربية، قائلا:”كان أقوى تعبير عن الاستجابة للرغبة في تحديث المجتمع والنهوض بأوضاع الأسرة وتحقيق توازنها وحماية حقوق المرأة والطفل وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل، وإعادة الاعتبار لمؤسسة الزواج ولمسؤولية طرفيها معا”.

لكن في المقابل، يرى الأمين العام لحزب الحركة الشعبية أن تطبيقها على أرض الواقع، يستدعي إعادة قراءة نصوصها ومعالجة الاختلالات والإكراهات التي كشف عنها الواقع العملي، بعدما أصبحت لاتستجيب للتحولات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية التي تشهدها المملكة، ولا للدور المحوري الذي أصبحت تلعبه النساء في تدبير الأسر وإعالتها.

وأضاف السنتيسي أنه بعد 18 عاما على صدور مدونة الأسرة، التي كانت فتحا مغربيا جديدا خاصا بالقوانين المتعلقة بالأسرة، يأتي اليوم الإصلاح، وفق الرؤيا الملكية المتبصرة، التي أكدت على ضرورة مراجعة مدونة الأسرة في احترام تام لثوابت الشريعة الاسلامية والخصوصية المغربية في تناغم مع روح الإجتهاد والإنفتاح على قيم الحداثة والروح الإيجابية، وذلك بهدف رفع الحيف الذي تعانيه المرأة المغربية.

وذكر السنتيسي بأن مدونة الأسرة كان هدفها تكريس المساواة وتحقيق مبدأ المناصفة فضلا عن حماية حقوق الطفل وضمان كرامة الرجل إلا أنها أصبحت اليوم غير كافية، بعد أن كشفت التجربة وجود عدة عوائق أمام استكمال هذه المسيرة لاسيما بعض بنودها المتعلقة بعدم تنفيذ الأحكام القضائية وتعزيز الوساطة والصلح وتزويج القاصرات أقل من 18 سنة ومواصلة دعم الإجراءات والتدابير الهادفة للنهوض بالأوضاع الإجتماعية للنساء بالعالم القروي وغيرها.

وأردف رئيس الفريق الحركي متابعا أن القوانين أصبحت حبيسة المدن الكبرى فيما نساء هواش المدن الصغرى والقرى والمناطق الجبلية، مازلن يعشن ظروفا صعبة مما يعني أن مدوّنة الأسرة تحتاج إلى مراجعة.

بدورها، قالت جميلة المصلي، وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة السابقة، إن مدونة الأسرة بحاجة لتعديل وفق أطر مرجعية ومحددات منهجية تحمي من أي إنزلاق وتعزز مسار التجربة المغربية في مجال تعديل الأحوال الشخصية.

وأبرزت المصلي في مداخلة بعنوان “الاجتهاد في قضايا الأسرة، الأطر المرجعية والمحددات المنهجية” أنه إلى جانب الثوابت الدينية لا بد من الإحتكام في تعديل مدونة الأسرة إلى كل من التشريعات الوطنية وعلى رأسها الدستور وكذا الخطب الملكية والإجتهادات القضائية إلى جانب الأعراف والثقافة المغربية.

وطالبت القيادية في حزب العدالة والتنمية والوزيرة السابقة، بالتفكير في إيجاد أفضل السبل لإقرار منظومة متكاملة للقضاء الأسري المغربي، بما ينسجم وحاجيات المجتمع المغربي.

أما عبد الرحمان الجوهري، محامي، وقاضي بالمحكمة الدستورية سابقا، فاختار أن يتحدث عن مؤسسة اازواج وشروطها، في مداخلة تطرق فيها لمحور “القضاء الأسري ومدونة الأسرة بين منطوق النص وملائمة التطبيق (الولاية والحضانة من أجل المصلحة الفضلى للطفل)”.

وأشار الجوهري إلى أن مدونة الأسرة التي شكلت خطوة تاريخية نحو إنصاف المرأة المغربية التي ظلت لعقود تعاني من بعض مظاهر التحجر ورفض الاجتهاد، مسجلا أن إصدارها يعتبر من أبرز التحولات والإصلاحات التي شهدتها الممملكة حيث تضمنت بنودا جديدة في صالح حماية حقوق المرأة والطفل ووضعية الأسرة إلا أنه أصبح لزاما مراجعة البعض من مضامينها وتحيينها بما يتلاءم وما نفرضه تحولات الواقع.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News