فن

غياب الفنانين الأمازيغ عن مهرجان مراكش.. إقصاء ممنهج أم مؤشر على ضعف الإنتاج؟

غياب الفنانين الأمازيغ عن مهرجان مراكش.. إقصاء ممنهج أم مؤشر على ضعف الإنتاج؟

بعد عامين من الانتظار والتوقف الذي فرضته جائحة كورونا، عادت الحياة لتدب من جديد في أوصال المهرجان الدولي للفيلم الذي تحتضنه المدينة الحمراء مراكش كل سنة، إذ انطلقت فعاليات دورته الـ19، مساء الجمعة الماضي، على إيقاعات الفرح والسرور والبهجة وسط صناع السينما وعشاقها، حيث يشكل هذا الحدث الفني ملتقى لنجوم الفن السابع من مختلف أنحاء العالم.

لكن، في المقابل، رافق هذه العودة نقاش في الساحة الفنية حول ما وصفه بعض المتتبعين والمهتمين بالسينما المغربية بـ”إقصاء” الممثلين الأمازيغ من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، إذ لاحظوا غياب هاته الفئة عن هذه التظاهرة الدولية التي ينظمها المغرب، بينما حضرت فئات أخرى ليس لها علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالعمل السينمائي.

وفي هذا السياق، أكدت الجهة المنظمة للنسخة الـ19 للمهرجان الدولي للفيلم، المنظم بمدينة مراكش في الأسبوع الممتد من الـ11 إلى الـ19 من شهر نونبر الجاري، أن حضور الممثلين بالمهرجان مشروط بالأساس بمشاركة أحد أعمالهم في هذا الحدث، لكنها رفضت الخوض في أسباب عدم توجيه الدعوة للفنانين الأمازيغ، ما دام أنه لم يتم احترام هذه القاعدة.

“لم نتلق دعوة الحضور”

في هذا الإطار، قال المخرج الأمازيغي عبد العزيز سايح إنه “لم يتلق الدعوة من أجل حضور المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، مبرزا أن عدم حضور فنانين أمازيغ راجع لعدم توجيه الدعوة إليهم”.

وأردف السايح، في تصريح لجريدة “مدار21”: “لا أعلم إن كانوا يسمعون عنا، أو أننا نوجد في المغرب، هذا هو السؤال الذي يجب أن نطرحه”، مشيرا إلى أن “الأمازيغية نص عليها الدستور بكونها لغة رسمية للبلاد، ويتأسف على عدم الالتفاتة للثقافة الأمازيغية في عدد من التظاهرات الرسمية”.

وتابع المتحدث نفسه: “نتمنى من العاملين في المؤسسات الرسمية تدارك الأمر، خاصة وأن المركز السينمائي المغربي يعرف كافة المخرجين الذين يتوفرون على بطائق مهنية، ومن الواجب اقتراح أسمائهم للمشاركة في مثل هاته الاحتفاليات كي لا ينحصر الأمر في حضور من يستقرون بين الدار البيضاء والرباط فقط”.

وتعليقا على هذا الموضوع ذاته، أكد الممثل الأمازيغي محمد الخطابي أنه “لم توجه له دعوة الحضور، وليست من عادته الذهاب إلى أماكن لا يكون ضيفها”.

وأشار الخطابي، في تصريح لجريدة مدار21، إلى أن “غياب الفنانين الأمازيغ راجع، في نظره، لعدم مشاركة أي عمل أمازيغي سواء من المغرب أو خارجه”، مبرزا أن “هناك بعض الأعمال الأمازيغية التي تستحق المشاركة في فعاليات هذا المهرجان”.

وشدد المتحدث عينه على أن الفنانين الأمازيغ “يستحقون أيضا الحضور في التظاهرات المهمة في البلاد، بيد أنه لا يعلم كيف ينظر المنظمون للفن الأمازيغي وأهله، وما إذا كانوا يرون أنه ليس هناك ما يستدعي حضورهم”.

حجاج: “إقصاء” السينما الأمازيغية تكرر في تظاهرات عدة

من جانبه، يؤكد منسق جبهة العمل الأمازيغي محي الدين حجاج، أنه “للأسف الشديد ليست هاته المرة الأولى التي يتم فيها إقصاء الأمازيغية من التظاهرات الفنية، بل سبقتها العديد من الممارسات المماثلة في الشق الثقافي، وطنيا ودوليا، علما أن المهرجانات الدولية هي ما يقدم صورة المغرب للعالم، ومن سيشاهد هذه التظاهرات، سيستنتج أن المغرب ليس فيه أمازيغية”.

وأفاد حجاج، في تصريح لجريدة مدار21، بأنه “يتم اعتماد اللغتين الفرنسية والإنجليزية والقليل من الفصحى، في ظل غياب الأمازيغية اللغة التي نص عليها الدستور، بشكل واضح وصريح”، مشددا على أنه “ينبغي لأي مؤسسة وطنية، وخصوصا الرسمية، إدراج الأمازيغية، لأن ذلك لا يعد خيارا شخصيا أو خيار إدارة معينة، ولا اجتهاد في النصوص”.

ويرى منسق جبهة العمل الأمازيغي أن “تغييب الأمازيغية عن المشهد، وإقصاء السينما الأمازيغية، يعد أمرا غير مقبول، وليس صحيا لبلادنا التي حسمت في ثقافتها وهويتها من خلال الاستفتاء الدستوري سنة 2011، إلا إذا كنا لا نحترم الشعب المغربي، والقوانين المؤطرة للبلاد وعلى رأسها الدستور”، مؤكدا في الوقت ذاته أنه “لا يتهم أي جهة بالقصدية”.

وواصل المتحدث ذاته بالقول: “عملية إقصاء الأمازيغية تكررت عدة مرات، ولاحظتها في تظاهرات دولية سابقة نظمت في مدينة الرباط أخيرا، إذ لم يتم استدعاء ولو فرقة أمازيغية واحدة، وبالتالي فالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش ليس حالة معزولة، ولا نفهم مع الأسف غاية هاته المؤسسات الرسمية”.

المخرج الأمازيغي بايدو: لا نتوفر على أعمال تستحق المشاركة في المهرجان

من جانب آخر، قال المخرج الأمازيغي أحمد بايدو، إنه لا يمكنه الذهاب إلى أي حدث فني دون توجيه الدعوة له، إذ لا يحبذ فرض نفسه على جهة ما دون دعوة، رافضا “تصنيف الفنان أو ربطه بأصوله وجنسيته، خاصة وأن هناك العديد من الفنانين الأمازيغ الذين يعملون في أفلام ناطقة بالدارجة أو أخرى عالمية بلغات أجنبية”.

وكشف بايدو، في تصريح لجريدة مدار21، أنه كان يتوصل في السنوات الماضية بدعوات من أجل الحضور، لكنه لا يشده الوجود بالمهرجان طالما أنه ليس هناك فيلم يخصه للعرض.

واستطرد المتحدث نفسه، في سياق حديثه عن غياب الفنانين الأمازيغ عن هذه التظاهرة، قائلا: “ليس لدينا أعمال تستحق المشاركة في المهرجان، لذلك علينا أن نحاول صناعة عمل فني كبير تساهم الدولة في إنتاجه ليرقى للمشاركة في تظاهرة كبيرة، ويقدم صورة جيدة عن الفن الأمازيغي، بدلا من التباكي والحديث عن الإقصاء”.

وأبرز بايدو أن الدولة تعمل على إدماج اللغة الأمازيغية في جميع المستويات، وعلينا أن نمنحها الوقت لتنفيذ هذا المبتغى، مضيفا: “لقد قطعنا العديد من الأشواط، إذ هناك إنتاجات فنية، لم تكن في الثمانينات”.

بدورها، صرحت الممثلة الأمازيغية نورة الولتيتي لجريدة “مدار21″، بأنها لا تعرف “ما إذا كان هناك إقصاء للسينما الأمازيغية، أو إن كانت لدينا أفلام سينمائية بمعايير عالمية للمشاركة بها في تظاهرات دولية”، مردفة: “لا أظن أن هناك عملا سينمائيا أمازيغيا في السنوات الأخيرة يرقى لحضوره”.

وترى الولتيتي، في تصريحها للجريدة، أنه “ليس في مصلحة الفنان أن يحضر في مهرجان بدون أن يشارك بعمل، ولو وجهت إليه الدعوة، في ظل عدم مشاركة أي عمل أمازيغي يستدعي الحضور لمساندة الزملاء”، مؤكدة أنه ينبغي التركيز على السينما الأمازيغية وتطويرها، والبحث عن وسائل لإنقاذها، للانخراط في التظاهرات الكبيرة بأعمال ذات جودة كبيرة ترقى بها للمشاركة في مثل هذه المهرجانات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News