رأي

الدخول البرلماني.. الرهانات السياسية والتشريعية

الباهي

ينص الفصل 65 من الدستور المغربي على أن ” البرلمان يعقد جلساته أثناء دورتين في السنة، ويرأس الملك افتتاح الدورة الأولى، التي تبتدئ يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر”، وبجدول أعمال يمكن وصفه بـ«المزدحم»، ستعرف دورة أكتوبر لهذه السنة عرض ومناقشة عدة مشاريع قوانين، كما تفتتح على وقع كثير من الأحداث الداخلية والخارجية، التي تتطلب الوقوف عندها والتأمل في مخرجاتها، من أجل توحد الرؤى وتعاطى معها بوعي وطني يصب في مصلحة المواطن الذي يتأهب لإقلاع اقتصادي واجتماعي، وإصلاحات حقيقية.

وينتظر من الدخول البرلماني المقبل مناقشة وإثراء مختلف مشاريع القوانين لا سيما المتبقية من الدورة السابقة أو التي ستعرض خلال الدورة المقبلة بهدف إعطاء دينامكية جديدة في مختلف المجالات كما أن هذه الدورة ستكون لديها أبعاد خارجية أيضا في إطار السياسة الخارجية وأن البرلمان سيكون لديه دورا فعال في بعث دبلوماسية برلمانية جديدة خدمة للقضايا الخارجية وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية للمملكة.

ووسط مطالب بحسم العديد من مشاريع قوانين «معلقة» أمام البرلمان خلال الدورة السابقة أو تلك القوانين التي استعصى على البرلمانات السابقة إخراجها.

كما أن هذه الدورة، تعد واحدة من أهم وأدق الدورات خلال الولاية التشريعية الحالية نظرا لطبيعة القضايا والملفات الخاصة، ذلك راجع إلى ثلاثة أسباب رئيسة، ويتعلق أولها لما أشار إليه الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش والذي دعي فيه جلالته إلى إعادة فتح النقاش مجددا بشأن تعديل مدونة الأسرة بعد مرور زهاء عقدين من الزمن على اعتمادها، حيث سيتولى البرلمان المبادرة التشريعية للحسم في مختلف التعديلات المقترحة، وطبيعة المشاورات التي سيتم إطلاقها، ونطاق التعديلات المرتقبة والخطوط العريضة لمعالم التعديلات المرتقبة  انسجاما مع روح الفصل 19 من الدستور وفلسفة الخطاب الملكي والتحولات الاجتماعية والثقافية التي عرفتها بلادنا، والتي من المنتظر أن تتم ترجمتها إلى تشريعات.

أما التحدي الثاني ويتعلق باستكمال ورش تعميم الحماية الاجتماعية الذي تم الشروع فيه بتعليمات ملكية سامية عبر خطاب العرش لسنة 2020 وخطاب افتتاح الدورة البرلمانية أكتوبر لنفس السنة حيث قامت الحكومة بإطلاق الورش عبر مشروع قانون – إطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية الذي صدق عليه من طرف البرلمان، في أفق استكمال الترسانة القانونية لكافة المراسيم التطبيقية الخاصة بهذا الورش والمحالة من طرف الحكومة.

أما الورش الثالث يخص مجال جلب الاستثمارات، وتحفيز الصادرات، والنهوض بالمنتوج الوطني، مما يدعو الحكومة  بالإسراع بوضع الإجراءات الكفيلة بتفعيل الميثاق الجديد للاستثمار من خلال مشروع قانون – إطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار حيث عقدت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، مؤخرا، اجتماعا خصص للبت في التعديلات المقدمة بخصوص مشروع قانون إطار المذكور، والتصويت على مشروع قانون إطار برمته، حيث أعدت الحكومة المراسيم التطبيقية الثلاثة الخاصة بأنظمة الدعم التي سيتم عرضها على المجلس الحكومي، ومن ثم على مجلسي البرلمان لاستكمال المبادرة التشريعية. من شأن هذا القانون-الإطار والقوانين التطبيقية السماح برؤية واضحة لكافة المستثمرين المغاربة والأجانب، كما سيؤدي إلى تحسن المؤشرات الاقتصادية، والاجتماعية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بحيث يعد “الأمن القانوني” ضامنا أساسا لجلب الاستثمارات وتحسن مناخ الأعمال.

وعلى خلفية معدلات التضخم الراهنة الذي تسارعت بشكل ملموس في شهر أبريل الماضي ليصل إلى أعلى مستوى له منذ أكتوبر 1995، أي 9,5% بعد 4 % في المتوسط خلال الفصل الأول من السنة، مما سيدفع البرلمان خلال الدورة القادمة مناقشة غلاء الأسعار. إن عنوان “البرلمان وأزمة غلاء الأسعار”، سيكون شعارا لقياس مدى قدرة المؤسسة التشريعية على ضمان أدوار البرلمان المتعددة سواء على المستوى التشريعي أو الرقابي.

كما يستعد ممثلو مجلسي البرلمان في بداية الدورة المقبلة لاستقبال المشروع المؤطر للسنة المالية القادمة 2023، الذي يشغل حيزا هاما من الزمن التشريعي لمجلسي البرلمان خلال دورة أكتوبر بالإضافة إلى مشروع القانون رقم 40.21 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة والذي يهدف إلى ملائمة الإطار القانوني لحرية الأسعار والمنافسة مع ما يتماشى وتنزيل مخرجات النموذج التنموي الجديد وبناء الدولة الاجتماعية، مع تحديد السلوكيات المنافية لحرية المنافسة وحماية حقوق مختلف الأطراف، والذي حظي بموافقة الغرفة الأولى، وعرضة على مجلس المستشارين لاستكمال المسطرة التشريعية.

بذلك تكون دورة أكتوبر بجدول أعمال برلمانيا حافل بأعباء جسام، جدولاً يتضمن كثيراً من الموضوعات التي يجب أن تستجيب لمتطلبات الوطن والمواطن في هذه المرحلة المهمة، وفي ظل خطورة التحديات التي فرضتها الأزمات الدولية المتلاحقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News