سياسة

ضُعف حصيلة البرلمان..باحث يُفكك أسباب “هزالة” الانتاج التشريعي

ضُعف حصيلة البرلمان..باحث يُفكك أسباب “هزالة” الانتاج التشريعي

كشفت دراسة أكاديمية حديثة، أن السنة الأولى من عمر الولاية الحكومية الحالية، تعد أضعف سنة من حيث الإنتاج التشريعي، بلغ عدد مشاريع القوانين المصادق عليها بصفة نهائية ما مجموعه 28 مشروع قانون، فيما بلغ عدد القوانين المتبقية بعد اختتام دورة أبريل الماضية، 34 مشروع قانون قيد الدرس.

ويتضمن العدد المتبقي، وفق الدراسة التي أعدها مدير العلاقات مع البرلمان السابق والباحث في القانوني الدستوري والبرلماني، حسن أهويو،  05 مشاريع وافق عليها مجلس النواب هذه السنة واحد منها  مؤسس في مجال تربية الأحياء البحرية وأربعة منها معدلة تهم مجلس المنافسة وحرية الأسعار ووكالة تنمية تربية الأحياء البحرية والطاقات المتجددة وضبط قطاع الكهرباء.

ضعف الانتاج التشريعي

ويضاف إلى العدد المذكور، وفق ما جاء في الدراسة التي يتوفر “مدار21” على نسخة منها مشروع قانون تنظيمي مؤسس في قراءة ثانية بمجلس النواب (الدفع بعدم دستورية قوانين)، ومشروع قانون عادي مؤسس في قراءة ثانية بمجلس المستشارين (تنظيم جمع التبرعات لأغراض خيرية).

كما تتضمن النصوص المتبقية 4 مشاريع قوانين من  الولاية التاسعة (تنظيم الإضراب ومدونة التعاضد ومكافحة الأمراض العقلية ومزاولة مهن المنتجات الصحية) و5 مشاريع قوانين من الولاية العاشرة (الصحافة والنشر والهيأة الوطنية للصيادلة وحظر الأسلحة واتفاقيتين لتبادل الإقرارات والمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية)، فضلا عن 18 مشروع قانون أودعته الحكومة قبل اختتام الدورة.

وبلغ عدد مقترحات القوانين التي سجلت وأحيلت على الحكومة الحالية 157 مقترح قانون (133 بمجلس النواب و24 بمجلس المستشارين).وقالت الدراسة إنه  بالاطلاع على فحوها يتبين أن غالبيتها مجرد استنساخ لمقترحات سابقة وأن أزيد من 10 منها ترمي إلى إحداث مزيد مؤسسات عمومية دون دراسة جدواها وكلفتها ومدى توافقها مع توجه الدولة لإصلاح وتجميع المؤسسات لعقلنة التدبير العمومي.

تهميش مبادرات البرلمان

وأضافت أن أزيد من 140 مقترح قانون لم تتم برمجته من لدن اللجان البرلمانية المعنية، بغض النظر عن موقف الحكومة، التي اعتادت عموما على عدم قبول مقترحات مخالفة لأحكام الدستور أو لقوانين سارية أو لتشريعها في مجال تنظيمي أو لآثارها المالية أو لأسباب أخرى، علما أن البت فيها بالقبول أو الرفض يظل في كل الأحوال حقا دستوريا برلمانيا خالصا.

ومن جهة أخرى، لم يتجاوز عدد المقترحات المصادق عليها بصفة نهائية مقترحي قانون إحداث مؤسسة مشتركة للأعمال الاجتماعية لموظفي إدارات لا تتوفر على مؤسسات خاصة بها وإلغاء معاشات المستشارين (المقترح الأول أصله 3 مقترحات بنفس الموضوع)، مع موافقة مجلس النواب على مقترح معدل لقانون الماء وصرف النظر البرلماني عن إتمام الدراسة والبت في 8 مقترحات قوانين وافق عليها أحد مجلسي البرلمان قبل هذه الولاية، منها ما يخص إحداث قناة برلمانية وإلزامية التعليم الأساسي والمادة 9 من مدونة الشغل.

وبخصوص حصيلة الأداء الرقابي بالبرلمان، كشفت الدراسة أنه تطبيقا لأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 100 من الدستور، تم عقد 07 جلسات شهرية لمساءلة رئيس الحكومة (04 بمجلس النواب و03 بمجلس المستشارين) وجهت خلالها 56 سؤالا في 07 محاور للسياسة  العامة حول تعزيز الدولة الاجتماعية والمجال الثقافي والمنظومة الصحية ومخطط الجيل الأخضر الفلاحي ورهانات التنمية القروية والإستراتيجية الاقتصادية لمواجهة التقلبات العالمية وكذا معادلة الاستثمار والتشغيل وواقع التعليم وخطة الإصلاح.

وقارنت الدراسة بين عدد الجلسات المنعقدة خلال السنة الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى للولاية الحكومية السابقة، وأشارت إلى أن تم عقد 6 جلسات شهرية في دورة أبريل لوحدها برسم أول سنة تشريعية من الولاية السابقة و 13 جلسة في سنتها الثانية (7 بمجلس النواب و 6 بمجلس المستشارين) و9 جلسات في سنتها الثالثة (6 بمجلس النواب و 3 بمجلس المستشارين) و13 جلسة في سنتها الرابعة (7 بمجلس النواب و 6 بمجلس المستشارين) و11 جلسة في سنتها الخامسة (6 بمجلس النواب و5 بمجلس المستشارين).

تراجع الاحتجاج البرلماني

وبشأن الجلسات الأسبوعية للأسئلة الشفهية، أكد المصدر ذاته، أن الحكومة أجابت عن 1031 سؤالا شفويا خلال 51 جلسة (25 بمجـلس النواب و26 بمجلس المستشارين)، شملت 571 سؤالا شـفهي للنواب و460 سؤالا شفهيا للمستشارين.

وأوضحت الدراسة، أنه مما ميز هذه السنة هو نسبة الأسئلة الشفهية الآنية المبرمجة حول قضايا راهنة، حيث وصلت 51.89 في المئة من مجموع الأسئلة الشفهية المجاب عنها، مع تفوق مجلس المستشارين في برمجته للأسئلة الآنية بنسبة 71.73 في المئة مقارنة مع مجلس النواب الذي فضل تخصيص 35.9 في المئة فقط لذلك.

وذكر معدّ الدراسة، أنه بغض النظر عن ملاحظة تراجع الاحتجاج البرلماني العلني المستمر بشأن حضور وغياب الوزراء، مع تثمين التوجه نحو عقلنة برمجة الأسئلة القطاعية حول مواضيع حيوية ومحفزة على المتابعة والمشاهدة، بما لا يحجب الحضور المتوازن والمستمر لجميع الوزراء المعنيين، فإن مسؤولية برمجة المساءلة الرقابية تظل شأنا برلمانيا طبقا لأحكام الدستور والنظام الداخلي.

وأوضح حسن أهويو، الباحث في القانوني الدستوري والبرلماني، أن هذه الدراسة، تأتي بهدف الإسهام العلمي في تتبع ورصد مكامن قوة وضعف الأداء التشريعي والرقابي سنحاول بسط وتحليل أهم المؤشرات الكمية والنوعية لحصيلة السنة التشريعية الأولى إلى غاية نهاية دورتها الثانية.

قراءة نتائج الدراسة 

وتعليقا إلى نتائج الدراسة، أكد أهويو، أنه “لم يتم استثمار الظروف المواتية التي تتوفر عليها الحكومة الحالية كأغلبيتها المقلصة والمريحة جدا من أجل رفع الإنتاج التشريعي والرقابي للحكومة خلال السنة التشريعية الأولى من الولاية الحالية.

واعتبر مدير العلاقات مع البرلمان السابق، أن هذه السنة تعد أضعف سنة من حيث الإنتاج التشريعي، حيث أنه خلال السنة الأولى من الولاية التشريعية التاسعة صادق البرلمان على 46 مشروع قانون، خلافا للسنة الحالية التي لم تتجاوز عدد النصوص المصادق عليها سوى 28 نصا تشريعيا.

ولفت إلى أن نصف المشاريع المصادق عليها هي بمثابة اتفاقيات دولية أو ثنائية، فيما باقي النصوص الأخرى هي عبارة عن مشاريع قوانين معدلة لقوانين قائمة، وسجل أن 9 مشاريع قوانين مودعة لدى البرلمان منذ الولاية التشريعية السابقة لم يتم بعد استكمال دراستها والبت فيها.

وفيما يتعلق بالمقترحات، أشار الباحث ذاته، إلى استمرارية للهاجس البرلماني الكمي، بحيث أنه تم إيداع 157 مقترح قانون بيد أن هناك أزيد من 140 مقترح قانون لم تبرمجه اللجن البرلمانية من أجل تقديمه ودراسته بحيث أنه لم تتم المصادقة خلال هذه السنة إلا على مقترحي قانونين.

واعتبر أن هذا الأمر مرتبط بطغيان الهاجس الكمي على النوعي في التعاطي مع مقترحات القوانين واستنساخ أغلبية المقترحات من الولاية السابقة أو ترارها أو غياب دراسة الجدوى منها، لافتا إلى أن أكثر من عشرة مقترحات ترمي إلى إحداث مؤسسات عمومية، علما أن الدولية ترمي إلى إصلاح القطاع العام و تقليص المؤسسات العمومية.

وفيما يتعلق بالعمل الرقابي، سجل هناك مجموعة من الخلاصات، أبرزها إشكالية الترسيم الشهري لجلسات رئيس الحكومة المتعلقة بالسياسة العامة، حيث تم الاقتصار خلال هذه السنة على 7 جلسات فقط، مضيفا ” والحال أنه خلال دورة أبريل من الولاية السابقة تم عقد 6 جلسات، بالإضافة إلى استمرارية هيمنة الأسئلة الشفهية والكتابية على الآليات الرقابية التي يلجأ إليها أعضاء البرلمان”.

ونبّه الباحث في القانون الدستوري، إلى استمرارية غياب التوازن في حضور وبرمجة أعضاء الحكومة للجلسات الأسبوعية، مشيرا إلى أن نظام تصفية طلبات التحدث في مواضيع طارئة من لدن مكتب مجلس النواب، أثر على عدد الطلبات التي تمت برمجتها وعلى إثارة النقاش حول قضايا حارقة ومستعجلة، مقارنة بمجلس المستشارين الذي تعامل بشكل تلقائي مع هذا الموضوع بإحالة جميع الطلبات المتوصل بها على القطاعات الحكومية المعنية.

وسجل أنه أن تم خلال هذه السنة، تم تعطيل العمل بالفصل 169 الذي يتحدث عن ضرورة تقديم ومناقشة تقارير هيئات ومؤسسات الحكامة من قبيل المجلس الوطني لحقوق الانسان ومؤسسة الوسيط وهيأة الاتصال السمعي البصري، فضلا عن استمرارية تجميد آلية إحداث لجن تقصي الحقائق باعتبار هذه الآلية الدستورية مهمة في تقييم مراقبة العمل الحكومي،

وشدد أهويو، على ضرورة مضاعفة الجهد البرلماني و الحكومي من أجل تجويد المنظومة التشريعية الوطنية، وإيجاد الحلول لعدد من المشاكل التي تؤرق المواطنين، عبر استثمار مختلف الآليات الرقابية التي وردت في أحكام الدستور أو الأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان لجعل البرلمان مؤسسة للحوار المؤسساتي وإغناء النقاش العمومي في القضايا التي تشغل بال الرأي العام الوطني .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News