نزاعات المساطر الإدارية في صدارة تظلمات المرتفقين لوسيط المملكة في 2024

كشفت مؤسسة وسيط المملكة عن تصدر التظلمات ذات الطابع الإدراي ونزاعات المساطر الإدارية للشكاية الواردة على المؤسسة الدستورية من طرف المواطنين خلال سنة 2024، موردةًَ أنها بلغت 2325، مشددا على أن هذه الأرقام تؤكد استمرار توترات أساسية في علاقة المرتفق بالإدارة تنتج بالضرورة نزاعات عمومية ذات طبيعة إدارية مالية وجبائية، وعقارية.
وأوضح وسيط المملكة، في التقرير السنوي (2024) للمؤسسة المرفوع إلى الملك، أن القراءة الموضوعاتية لملفات التظلم المسجلة خلال سنة 2024 تكشف عن هيمنة ثلاثية واضحة، تتمثل في التظلمات ذات الطابع الإداري (2325 ملفا) والمالي (1761 ملفا) والعقاري (926) ملفا) بما يشكل 87.09 في المئة من مجموع الملفات المسجلة.
ولفت وسيط المملكة، في التقرير الذي اطلعت عليه جريدة “مدار21” الإلكترونية، على أنه فيما يتعلق بملفات التظلم فقد سَجَّل قطاع الداخلية أعلى نسبة من الملفات (26,10 في المئة) ، متبوعاً بقطاع الاقتصاد والمالية (15.73 في المئة) ثم قطاع السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني (11.33 في المئة)، تليه الجماعات الترابية والمؤسسات التابعة لها (9.31 في المئة) ، ثم في المرتبة الخامسة قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة (8.90 في المئة) ، ليأتي بعد ذلك قطاع الصحة والحماية الاجتماعية والقطاع التعاضدي (4,83 في المئة).
وسجل المصدر ذاته هذه الأرقام تبرز أن التظلم لم يعد محصورا في مظالم عابرة أو فردية، بل بات في كثير من الأحيان مؤشرا على اختلالات نمطية، مما يدل على وجود إشكاليات مرفقية تتجاوز القدرة التقليدية لمعالجة الملفات الفردية يوميا، وتستدعي تفكيرا أكثر شمولية في قواعد إدارة المرافق العمومية، وفي آليات الاستباق والحل البنيوي.
من جهة أخرى، يواصل وسيط المملكة أن الموضوعات المرتبطة بعدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة (377 ملفا)، وتدبير المخاطر الكبرى، خاصة المرتبطة بمخلفات زلزال الحوز (207 ملفا)، تكشف مساحات من التوتر المؤسساتي والانتظارات الاجتماعية العميقة تعود إلى مشاكل مزمنة في الحكامة واحترام دولة القانون، أو إلى صعوبات طارئة في تدبير لحظات اللايقين تستدعي تطوير أنماط الاستجابة والتنسيق بين الجهات المعنية.
ولفت التقرير عينه إلى أن الشكايات المتعلقة بالنزاعات بين أشخاص القانون الخاص (689 ملفا) تتصدر قائمة ملفات التوجيه ما يدل على حضور قوي لفئة من المرتفقين الذين يلتبس لديهم الفصل بين ما يدخل في نطاق اختصاص الوسيط وما لا يندرج ضمنه، مما يفرض تعزيز دور المؤسسة في التأطير القانوني للمرتفق، وتوجيهه بشكل مبكر نحو المسلك الصحيح.
وأوضح المصدر ذاته أنه يلاحظ أن نسبة معتبرة من الملفات تخص قضايا معروضة على القضاء أو تتعلق بمراجعة قرارات وأحكام قضائية بمجموع يفوق (563 ملفا) ، مما يطرح إشكالية إدراك الحدود بين أدوار الوساطة المؤسساتية وعمل السلطة القضائية، داعياً إلى تعزيز الوعي العام بدور المؤسسة كهيئة غير قضائية، مع الحرص على عدم المساس بحق التقاضي أو مبدأ استقلال القضاء.
وسجل التقرير أنه يمكن قراءة حضور أنواع من الشكايات المرتبطة بسوء التدبير الإداري العام (228 ملفا) والشكايات ضد إدارات أجنبية (64 ملفا) وطلبات العفو الملكي (66 ملفا) ، كمؤشرات على تمثلات أوسع للمؤسسة باعتبارها فضاء إنصات بقيمة رمزية، حتى فيما لا يدخل في صميم اختصاصها.
واعتبرت مؤسسة وسيط الممكلة أن أهمية هذه المؤشرات تبرز في أنها لا تظهر فقط طبيعة الملفات، بل تكشف عن حاجة مجتمعية متزايدة للوساطة كممارسة تربط المواطن بالمؤسسة، وتؤطر سلوك التظلم، وتعيد توجيه الطاقات الترافعية إلى مساراتها الصحيحة، في ظل تعقيد النسق الإداري وتداخل الاختصاصات.