القضاء يُغرّم بنكا بعد قرصنة حساب زبون وسحب مبالغ منه

تعرض مواطن مغربي لقرصنة حسابه المفتوح لدى “بنك أفريقيا”، وهو ما أدى لسرقة مبلغ مالي من الحساب قدره 102.895.21 درهم. وبعد متابعة قضائية، حكمت المحكمة على البنك بإرجاع مبلغ الوديعة للمواطن المعني مع تعويضه بما مقداره 6500 درهم.
وفي تفاصيل الملف الذي اطلعت عليه صحيفة “مدار21″، تقدم المدعي بمقال افتتاحي يعرض فيه أنه فتح حسابا خاصا لدى وكالة “بنك أفريقيا” الكائنة بشارع الحسن الثاني بمدينة أكادير، وأنه، وبعد اطلاعه على كشف الحساب، فوجئ بكونه كان محل عملية قرصنة دامت حوالي 15 يوماً.
وتم سحب مبالغ مالية من حسابه البنكي المفتوح لدى الوكالة، بعدما تمت قرصنة حسابه البنكي ليصل حجم المبالغ المسحوبة من حساب العارض إلى 104913.12 درهم بما فيها المصاريف الناتجة عن السحب. وهو ما دفع الضحية لمراسلة البنك، مطالباً إياه بإرجاع المبالغ المقرصنة دون جدوى، ذلك أن “العقد الذي يربط العارض بالمدعى عليه يفرض على هذا الأخير واجب المحافظة على الوديعة التي اؤتمن عليها” وفقا للمصدر ذاته.
والتمس الزبون الحكم على البنك بإرجاع مبلغ 104913.12 درهم مع الفوائد القانونية، مع تعويض قدره 10.000.00 درهم عن الضرر وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وتحميل المدعى عليه الصائر.
وأصدرت محكمة الاستئناف التجارية بمراكش قرارها القاضي بثبوت سحب مبالغ عن طريق الشباك الأتوماتيكي بالخارج، وعدم إدلاء البنك بكشف بالعمليات المذكورة والبلدان التي تمت فيها، والسند المعتمد في إدراجها بكشف الحساب، وهو ما يجعل “مسؤوليته العقدية ثابتة ولا مجال للاحتجاج بالنظام المعلوماتي للبنك لوحده لكونه ليس محصنا من الاختراق من طرف الغير”.
وتقدم المستأنف، أي البنك، بمقال استئنافي يطعن بمقتضاه في الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بأكادير والقاضي في الشكل، بقبول الطلب، وفي الموضوع بالحكم على المدعى عليه بإرجاع المبلغ للمدعي مع الفوائد القانونية من تاريخ الحكم إلى غاية التنفيذ وتعويض قدره 6500 درهم والصائر.
واعترض البنك بأنه “من حيث الموضوع فإن ما أدلى به المدعي لا ينهض حجة ضده، والقراءة الصحيحة هو كونه يقوم بالعمليات بنفسه او عن طريق الغير بعد تسريب القن السري. وبتفحص العمليات نجدها متفرقة وتمتد على فترة طويلة نسبياً، إذ كان عليه التعرض من أول عملية وهو ما لم يتحقق، إذ لم يكاتب العارض إلا بعد مرور أزيد من ستة أشهر، وبأنه طبقا للمادة 8 من الشروط العامة لاستعمال البطاقة الالكترونية الدولية يتحتم على المدعي إبلاغ العارض منذ أول عملية، ولا يسقط التزامه بالتقصير إلا بعد مرور يومين من تاريخ التوصل بكتاب الاحتجاج”.
“وبالرجوع الى سجل العمليات سنجد أنه قام بعمليات من سحب وإيداع بالبطاقة الإلكترونية تتخلل العمليات المزعومة، مما يعد قرينة على العلم بها وبكونه هو من قام بها ولا محل لجعل الإثبات على العارض طالما لم يدفع المدعي بعدم العلم بها، وبذلك فمسؤولية العارض منتفية ملتمسا التصريح بعدم اختصاص المحكمة مكانيا وعدم قبول الطلب” يحتج البنك.
ورد دفاع الزبون بأن “ادعاء المدعى عليه بكون العارض يحوز البطاقة البنكية ومعها القن السري مردود لكونه يستعملها دائما في المغرب في حين ان العمليات المقرصنة تمت خارج المغرب، ونفى تسليم البطاقة إلى الغير مؤكدا بكونها في حوزته، وكان على البنك متابعته من أجل النصب إذا كن ما يدعيه صحيحا”.
من جهتها، اعتبرت المحكمة أن العلاقة التي تجمع بين الطرفين ليست علاقة بين مستهلك و مورد، لأن مسك حساب بالاطلاع من طرف البنك لفائدة المستأنف عليه هو عقد تجاري محض تنظمه مقتضيات مدونة التجارة ولا يمكن اعتباره من نوع الخدمات المنصوص عليها في قانون حماية المستهلك رقم 31.08 لعدم وجود أي قرض بالاستهلاك يتم اقتطاع أقساطه من هذا الحساب.
وانتدبت محكمة الدرجة الأولى خبيرا للقيام بخبرة في الموضوع وحددت مهمته في الاطلاع على كشوف الحساب، وتحديد مجموع المبالغ التي تم اقتطاعها من حساب المدعي عن الفترة المعنية باستعمال البطاقة البنكية، مع التمييز بين عمليات السحب من الشبابيك الأتوماتيكية وعمليات الأداء عن طريق الإنترنت، ثم تحديد على ضوء كل ذلك المبلغ المقتطعة بدون سند.
وخلص في تقريره إلى أن العمليات المقيدة بالكشوف المدلى بها لا تبرز بشكل واضح طبيعة كل عملية على حدة، وأن مجموع مبالغ عمليات الاقتطاع من حساب المستأنف عليه خلال المدة المذكورة أعلاه هو 102.895.21 درهم، و أشار إلى كون ممثل البنك لم يدل ببيان بالعمليات المذكورة المتنازع فيها والبلدان التي تمت فيها، وبما يفيد كونها تمت عن طريق الشباك الاتوماتيكي والسند المعتمد من طرف البنك في إدراجها في حساب المدعي.
و”حيث إن البنك المستأنف تعذر عليه الإدلاء للخبير بما يثبت كون العمليات المتنازع فيها تمت عن طريق الشبابيك الأتوماتيكية بالخارج ولا بالسند المعتمد في إدراجها بحساب المستأنف عليه، و لما كان البنك شركة تجارية تمسك محاسبتها بانتظام وتتحكم في نظامها المعلوماتي، واعتبار المستأنف عليه هو الوحيد عن العمليات المنجزة باستعمال بطاقته البنكية غير كاف لتحميل المستأنف عليه مسؤولية العمليات المنازع فيها، لأن النظام المعلوماتي للبنك ليس محصنا تماما من القرصنة من طرف الغير، وخاصة انه هو المسؤول عن مسك الحساب البنكي وعن المال المودع به المستأنف عليه كوديعة مما توجب معه التصريح بتأييد الحكم المستأنف” يضيف الحكم.
لهذه الأسباب، قررت محكمة الاستئناف التجارية بمراكش، وهي تبت انتهائيا وعلنيا وحضوريا بتأييد الحكم المستأنف وتحميل المستأنف الصائر.