البوكيلي: نعيش فوضى فتاوى والسيادة الدينية للمغرب خط أحمر

رد أحمد البوكيلي، الأستاذ المتخصص في الفكر الإسلامي وحوار الحضارات، على الجدل الذي أثاره قرار عدم إحياء شعيرة النحر في عيد الأضحى المقبل، مشددا على أن الخطابات الإيديولوجية القادمة من الشرق تشكل خطرا على الشباب لعدم احترامها مبدأ السيادة الدينية، وحملها لأهداف مبطنة.
وقال أحمد البوكيلي، أثناء حلوله مساء اليوم السبت ضيفا على برنامج “مع يوسف بلهيسي”، الذي يبث على مختلف منصات جريدة “مدار21″، إننا “للأسف الشديد نحن نعيش نوعا من الفوضى الدينية في مجال قضية الفتوى”، بعد اللغط الذي أثير بعد إلغاء شعيرة النحر بالمغرب هذا العام، مبرزا أن “الملك بصفته أميرا للمؤمنين اتخذ هذا القرار الخاص، وحتى الجملة الملكية غارقة في الجمال وهي نهيب بالأمة المغربية على أساس ألا نذبح الأضحية هذه السنة وليس إلغاء العيد، والخطاب الملكي يعكس الخصوصية الروحية لإمارة المؤمنين”.
وسجل أن “النقاش الإعلامي في بعض المواقع المعينة اتخذ طابعا آخر لا علاقة له بطبيعة الخطاب الملكي، والشيء الغريب للأسف الشديد، لا يعقل من باب احترام مفهوم العالِم واحترام وظيفة مؤسسات العلماء أن يتدخل عالم في دولة أخرى يتبنى إيديولوجية أخرى، ليتدخل في الشأن الديني المغربي” مشددا على أن القرار الملكي “مبني بالدرجة الأولى على الجانب الشرعي، ومبني على منطق التعليل الفقهي، ومبني على أننا نحن المغاربة ننتمي للمدرسة المقاصدية في التدين، لأننا لسنا متدينين بالمنطق الأرثودوكسي أو الحرفي أو بالمنطق الإيديولوجي، فالمغرب اختار في التدين المدرسة الجمالية”.
وأشار الباحث في الشأن الديني أن “عظمة الإسلام مبنية على احترام الاختلاف والتعددية والسيادة الدينية للدول، وفي تاريخ الأمة الإسلامية لدينا تعددية مذهبية وثقافية وعلى مستوى الاجتهادات، والأصل في هذ التعددية احترام الاختيارات أو النماذج الدينية”، مضيفا “عندما نتكلم عن التعددية فالأصل فيها أي عالم يحترم نفسه لا يمكن أن يتدخل في الاجتهادات لدولة أخرى، لأن التدخل يعكس حالة نفسية إيديولوجية، بمعنى أن الذي يتدخل في قرار دولة أخرى في قضية العيد يعني أنه في لا وعيه يعتبر نفسه المرجعية، هو المشيخة المطلقة للأمة، وهذ العقلية هي التي انتجت تدويل خطابات العنف”.
وشدد البوكيلي على أن الملك “عندما أخذ هذا القرار، فهو مبني على رؤية مقاصدية، إذا حتى الذي يريد أن يناقش من موقع العلم يجب أن يناقش بعمق الأدوات المستعملة في بناء الخطاب أو بناء الحكم”، مؤكدا أن الشيخ الذي يقول أن هذا القرار الملكي المغربي هو قرار غير شرعي لأن هذه سنة مؤكدة دليل على أدلجة الخطاب الديني وتدويل نماذج دينية لا علاقة لها بالحقيقة”.
عظمة هذه الأمة في مؤسساتها وفي منهجيتها، وعندما نتحدث عن العالِم نحن لا نتحدث عن رجل إيديولوجية نتحدث عن العالِم المجتهد الذي إذا اعتقد أنه وصل إلى دائرة الاجتهاد على مستوى بناء الفتوى الشرعية فالأصل في هذا الشخص أن يكون رجلا ربانيا وأن يحترم أصول الاجتهاد من أصول الاجتهاد كما تعلمنا من سادتنا العلماء هو احترام اختلاف والسياق هو فقه الاستنباط هو فقه تنزيل الحكم ولا يمكننا هذا القرار الملكي مبني على خصوصية الأمة المغربية بمعنى أنه مبني على علم الأصول وعلى المقاصد ومبني وعلى فقه تنزيل الحكم مبني على الاستشراف على رؤية استشرافية على أساس أن نحافظ على الثروة الحيوانية، والملك حفظه الله راعى وضعية الهشاشة الاجتماعية، وبالتالي هذا القرار الملكي مبني على منهجية شرعية
وحذر المتحدث من مغبة تدخل شيوخ من قارة أخرى في الشؤون الدينية لبلد آخر في قارة أخرى، موضحا أن “الخطر ليس في هذا الكلام فقط (عدم إحياء شعيرة الذبح)، بل في شاب يعتقد في مفهوم هذ المرجعية العلمية بهذه المشيخة باعتبارها مشيخة سنية، وباعتبارها مشيخة تعتمد على منطق السلف الصالح”، مضيفا “كيف سيتلقى الشباب هذه الفتوى؟ سيتلقاها من موقع الكراهية والحقد”.
بهذا الصدد، يخلص البوكيلي إلى أن “خطورة الفتوى أن صناعتها عندما تخرج عن دائرة أصول مقاصد الفتوى تصنع الحالة السيكولوجية الإرهابية، التي تفتح شهية الشاب للحقد والكراهية”، مبرزا أن “نحن المغاربة أعطانا الله مسألة متميزة وهي أن لدينا كبار العلماء، ومما يميز علماء المغرب هو التواضع، لأن العالِم المفتي هو الذي يوقع نيابة عن الله عز وجل، ولذلك نحن نجد العالم في مقام عالٍ ولكنه يعيش حالة روحانية يستحيل بمقتضاها أن يتسبب في فتنة في دولة أخرى”.