المنتدى البرلماني يوصي بمعالجة تعدد المؤسسات المدبرة للحماية الاجتماعية بالمغرب

أوصى المشاركون في المنتدى البرلماني الدولي التاسع للعدالة الاجتماعية بالإسراع في المعالجة التشريعية لإشكالية تعدد الأنظمة والمؤسسات المدبرة للحماية الاجتماعية بالمغرب.
ودعت الوثيقة الختامية للمنتدى، الذي نظمه مجلس المستشارين اليوم الإثنين بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، إلى إدراج التعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية وإجبارية تأمينه من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في إطار الملاءمة مع المعايير الدولية، وتعزيز قدرات وإمكانيات أجهزة المراقبة والتفتيش ومحاربة العمل غير اللائق في تحسين جودة الخدمات، ومعايير الاستهداف الأمثل.
وأوصت باعتماد ميثاق وطني للعمل الاجتماعي تستند إليه جميع المؤسسات ذات الطابع الاجتماعي، وذلك من أجل الرفع من الرفاه الاجتماعي لجميع أفراد المجتمع.
وأوضحت أن من شأن هذا الميثاق مراعاة حاجات الفئات الهشة، عن طريق الاستثمار الاجتماعي الهادف إلى تكافؤ الفرص بين مختلف الفئات وبين الأجيال أيضا، والوقاية من الوقوع في المشاكل الاجتماعية ذات الانعكاسات السلبية الخطيرة على المدى البعيد.
وشددت الوثيقة على ضرورة الإسراع بتحديث الأنظمة المعلوماتية وربطها بشكل متكامل لتتبع المستفيدين وضمان عدم التكرار أو الإقصاء، ووضع نظام رقابي شفاف وفعال لضمان نزاهة وكفاءة إدارة صناديق الحماية الاجتماعية، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل برامج التأمين الصحي والاجتماعي، وتخصيص برامج تأمين مرنة ومرحلية تناسب طبيعة عمل القطاع غير المهيكل، فضلا عن وضع حوافز ضريبية وإجراءات قانونية مبسطة لتيسير هيكلته.
وطالب المشاركون في المنتدى البرلماني بإطلاق حملات وطنية مكثفة لرفع الوعي بأهمية الحماية الاجتماعية وشرح إجراءات الانخراط والاستفادة، وتعزيز دور وسائل الإعلام والجمعيات المدنية في نشر ثقافة الحماية الاجتماعية، والعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتجويد الاتفاقيات الدولية التي يبرمها المغرب لتعزيز حقوق أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج وتأمين حقوقهم في الضمان الاجتماعي احتراما للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وجددوا الدعوة إلى الاهتمام أكثر بالعنصر البشري ليس فقط بوصفه موردا وطاقة إنتاجية، ولكن أيضا وبالخصوص بوصفه إنسانا يحتاج إلى أن توفر له كل شروط الكرامة. كما دعوا إلى تبني مقاربة جديدة في التنمية مبنية على مبدأ القدرة على امتصاص الصدمات من أجل توفير العيش الكريم لجميع أفراد المجتمع في ظل كل الظروف، بحيث تصبح راحة الإنسان الهدف الأسمى لكل السياسات العمومية.
وسلطت الوثيقة الختامية الضوء على أهمية إحداث قطب اجتماعي يسعى إلى ضمان الالتقائية بين المبادرات الحكومية الرامية إلى تحقيق شروط العيش الكريم لجميع أفراد المجتمع، بدل الاكتفاء بإسناد المهام الاجتماعية إلى وزارات بعينها، وكذا إنشاء مركز للدراسات يبحث في انعكاسات مختلف السياسات العمومية على حياة المواطن حالا ومستقبلا، وفق مقاربة وقائية تستبق كل وقع سلبي قد تسببه التدابير الحكومية على جودة العيش.
وطالبت أيضا باعتماد ميثاق وطني لتقوية الروابط بين القطاع العمومي والقطاع الخاص والفاعلين الاجتماعيين والمجتمع المدني للعمل وفق مقاربة مندمجة تسعى إلى العمل المشترك من أجل رفاه إنساني متجذر في القيم والثقافة المجتمعية، وتبني استراتيجية وطنية عشرية للصحة الوقائية تعتمد على التعاون بين قطاعات متعددة، وتركز على عدة أبعاد اجتماعية وبيئية واقتصادية وثقافية وطبية وتجارية ورقمية.
وشدد المصدر ذاته على أهمية ورش تعميم الحماية الاجتماعية رافعة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية والتنمية المستدامة في المغرب، وأهمية التقييم الدوري للسياسات الاجتماعية، والتداول فيها باستمرار، وتعميق النقاش حول الممارسات الفضلى للسير قدما في هذا الاستثمار الاجتماعي الهام الذي يشكل رافعة لتثمين الرأسمال البشري وتوطيد التماسك الاجتماعي والتكافل بين الأجيال.
وأكدت الوثيقة الخلاصات ذات الصلة المنبثقة عن أشغال الدورات السابقة للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية، سيما تلك التي ما زالت ذات موضوع وراهنية، ومن ضمنها على وجه الخصوص تلك التي تؤكد أن النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والتماسك الاجتماعي والتنمية البشرية والمستدامة هي أهداف وغايات مترابطة فيما بينها، وأن بناء المجتمعات القوية من بناء الإنسان القوي، وأن بناء الدول القوية من بناء الأسس الضامنة للعدالة الاجتماعية وللتآزر المستدام بين الدولة والمجتمع.
ولفتت إلى أن المشاركين في المنتدى استرشدوا بالتوجيهات الملكية السامية الواردة بخطب ورسائل الملك ذات الصلة بالحماية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية والمجالية، سيما دعوته، ضمن الخطاب السامي الموجه لأعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية المنصرمة، “للعمل على إعطاء الأسبقية، لعقلنة ونجاعة برامج الدعم الاجتماعي الموجودة حاليا، وتأمين استدامة وسائل التمويل” و”اعتماد حكامة جيدة لهذا المشروع، في كل أبعاده، وأن يتم وضع آلية خاصة للتتبع والتقييم، بما يضمن له أسباب التطور والتقويم المستمر”.
ونوهت الوثيقة الختامية للمنتدى البرلماني الدولي بالجهود المتواصلة لمجلس المستشارين المتصلة بالاهتمام بمسار البناء التشاركي للنموذج المغربي للعدالة الاجتماعية، وبالسعي الدائم لغرفة البرلمان الدائم، بمعية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وباقي المؤسسات الدستورية، إلى تعزيز المواكبة المؤسساتية لمسار بناء أسس الدولة الاجتماعية، في انسجام مع الالتزامات الدستورية والاتفاقية للمملكة المغربية.