اقتصاد

التحول الطاقي يُفاقم الضغط على المياه ومنافسة إقليمية للمغرب تلوح بالأفق

التحول الطاقي يُفاقم الضغط على المياه ومنافسة إقليمية للمغرب تلوح بالأفق

تسابق حكومات العالم الزمن، بعد توالي الكوارث البيئية في الآونة الأخيرة على غرار فيضانات فالنسيا بإسبانيا وقبلها طاطا بالمغرب… للتقدم في ورش الانتقال الطاقي إلى مصادر صديقة للبيئة. فضلا عمّا يعد به هذا التحول من مكاسب اقتصادية للمغرب، فالمنظومة الوطنية لا تخلو من تعقيدات وتحديات، في مقدمتها الضغط على الموارد المائية والتنزيل الترابي للمخططات الوطنية وكذا الاستعداد لمنافسة محتملة في المستقبل القريب.

وفي هذا الصدد أكد المختص في معالجة المياه والطاقات المتجددة، عبد الرحيم مفتوح، ضرورة بذل مزيد من الجهود في هذا المجال، إذ “ما تزال الطاقات الأحفورية تهيمن على مزيج الطاقة الوطني بنسبة 70 في المئة، ما يضع المغرب عرضة لتقلب الأسعار الدولية ويرفع البصمة الكربونية لقطاعه الطاقي”.

ضغط على الموارد المائية

ونبه مفتوح، في مداخلته خلال ندوة رقمية تحت عنوان “إنجاح التحول الطاقي بالمغرب”، اليوم الثلاثاء، إلى العلاقة الوطيدة بين القطاع الطاقي واستهلاك المياه في ظل الضغط المتزايد على الموارد المائية بالبلاد، مشيرا إلى أن “كل ميغاواط من الطاقة الخضراء يتطلب إنتاجه متر مكعب من الماء”.

وقال إن إنتاج الطاقة ضمن المحطات الشمسية المركزة بالمغرب يتطلب مليونَي متر مكعب من الماء لكل 100 ميغاواط سنويا، وذلك في مناطق جافة بالجنوب الشرقي، ما يفاقم أزمة المياه بهذه المناطق.

وفي سياق متصل، أفاد بأن المملكة بحاجة لمزيد من الاستثمار في البنيات التحتية لنقل الطاقة؛ مؤكدا أن 11 في المئة هي نسبة الخسائر المسجلة على مستوى شبكات النقل، وأن دراسة حديثة أظهرت أن تحديث هذه البنيات كفيل بتقليصها إلى النصف.

وتابع بأن ضعف التنسيق بين قطاعي الماء والطاقة يعد من أبرز الإشكاليات المرتبطة بالمجال، بحيث أن “أقل من 20 في المئة من المنشآت الصناعية تدمج أنشطة إعادة استخدام المياه العادمة، التي من شأنها خفض الضغط على الموارد المائية”، مضيفا أن 60 في المئة من التقنيين في قطاع الطاقات المستدامة لا يملكون الكفاءة اللازمة لتدبير منشآت معقدة من هذا النوع.

وتفاعلا مع ما ذُكر، طمأن المسؤول عن تطوير المشاريع بالوكالة المغربية للطاقة المستدامة “مازن”، طارق بورقوقو، إلى أن التكنولوجيات الأولى المستخدمة في مجال الاستدامة الطاقية كانت مستهلكة كبيرة للمياه بالفعل، بيد أن المنشآت الحديثة أخذت هذا الإشكال بعين الاعتبار، وبات الاستهلاك أقل بكثير مقارنة بقطاعات أخرى كالفلاحة.

البُعد الترابي والجهوي والمنافسة المستقبلية

وفي الصدد ذاته، أشاد المسؤول بتحسن الكفاءات الوطنية في مجال الانتقال الطاقي، قائلاً إن “قاعة التحكم الخاصة بمشروع نور وارزازات مثلا باتت تتألف من تقنيين وخبراء مغاربة حصرا، بعدما كانت في البداية مختلطة الجنسيات، والفضل في ذلك يعود لانخراط عدد من المقاولات الوطنية”.

من جانبها، أكدت نادية زدو، مديرة مؤسسة “Green wave”، الاستشارية في مجال التحول الأخضر والنجاعة الطاقية وإزالة الكربون، أنه بالرغم من كون المغرب يعد الأفضل في المجال على مستوى بلدان المنطقة، فرفع العديد من التحديات المتعلقة بالاستثمار والتمكن من التكنولوجيات الخضراء تنتظره لتحقيق أهدافه المتعلقة بالتنمية المستدامة.

وشددت الفاعلة على الإشكال المتعلقة بالتنزيل الترابي للانتقال الطاقي، ومدى حضوره على مستوى المقاولات وفي صفوف المواطنين، مؤكدة “أننا لا نشعر بأن هناك انتقالا طاقيا على هذه الأصعدة”.

وأوضحت أن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة استهدفت المستوى الوطني بمقاربة “من الأعلى إلى الأسفل”، بهدف تحقيق السيادة الطاقية وإحداث تغيير في المزيج الطاقي الوطني، بيد أن ظهور مفهوم “الجهوية الموسعة” نبه إلى ضرورة مساهمة الجهات في هذا المجال، من خلال وضع مخططات جهوية للانتقال الطاقي.

وأشارت إلى وجود مبادرة في هذا السياق، بيد أنها “ستنكب فقط على الشق المتعلق بالنجاعة الطاقية، دون الالتفات للطاقات المتجددة”، مبرزة أن الجهات الجنوبية مثلا تتمتع بقدرات هائلة من الطاقات المتجددة وبإمكانها تصديرها للجهات الشمالية الأقل استفادة.

ونبهت زدو، من جهة ثانية، إلى أن المغرب يتموقع في الوقت الحالي كمركز إقليمي في المجال، بفضل قربه من السوق الأوروبية، غير أنه مهدد بظهور منافسة في أفق سنة 2045، التي حددها الاتحاد الأوروبي لبلوغ الحياد الكربوني، خاصة في حال نجاح بلدان كالجزائر ومصر والأردن وموريتانيا في تطوير وسائل نقل تنافسية للطاقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News