هاريس أم ترامب.. من سيكون الرئيس الأمريكي الأنسب لخدمة مصالح المغرب؟

تتنافس كل من كامالا هاريس نائبة الرئيس الحالية ومرشحة الحزب الديمقراطي، مع دونالد ترامب، الرئيس السابق ومرشح الحزب الجمهوري، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، المرتقبة حسمها غداً في الخامس من نونبر.
وتظهر أحدث الاستطلاعات أن السباق متقارب جداً على المستوى الوطني وفي عدة ولايات متأرجحة، إذ يسير المرشحان في أغلب تلك الاستطلاعات “كتفاً بكتف”، بينما تمنح استطلاعات محدودة تقدماً محدوداً لهاريس على ترامب بما يراوح بين نقطة و3 نقاط.
وفي الوقت الذي يتساءل فيه العديد من المتابعين للشأن الأمريكي عن من الأصلح، هاريس أم ترامب، لدخول البيت الأبيض، يتساءل متابعون للشأن الوطني عن من سيكون أكثر خدمة لمصالح المغرب، خاصة فيما يتعلق بقضيته الوطنية الأولى.
محمد تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إنه سواء دونالد ترامب أو كامالا هاريس، كلاهما يخدمان مصلحة المغرب، معللاً ذلك بأن واشنطن تنظر للرباط باعتبارها منصة استراتيجية لدعم التعاون الأمريكي مع باقي بلدان القارة الإفريقية.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، وإلى جانب فرنسا، جهرت بصوت مرتفع بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، في حين أن إسبانيا وصفت الحكم الذاتي بأنه المقترح الأكثر جدية والأكثر مصداقية والأكثر واقعية، وألمانيا سارت في اتجاه قريب من ذلك، وكذلك الدنمارك ذهبت أيضاً في اتجاه مماثل.
وسجل الخبير في العلاقات الدولية أن الكثيرين كانوا يقولون إن الولايات المتحدة، بعد قرار الرئيس ترامب وصدوره وتسجيله في السجل الفيدرالي الذي يُعتبر بمثابة الجريدة الرسمية في الولايات المتحدة، ووضع الخريطة الكاملة للمغرب في القنوات الأمريكية وبالمجال الإعلامي، (كانوا يقولون) إن هذا حلم وسيختفي، ولكن بعد مجيء بايدن سُفهت أحلامهم لسبب بسيط، وهو أن بايدن عندما تولى السلطة نشر لائحة بالقرارات التي اتخذها ترامب، وينوي هو شخصياً إلغاءها، ولم يكن قرار الاعتراف بمغربية الصحراء ضمنها.
وأشار في السياق ذاته إلى أنه كان من بين القرارات 16 الملغاة، القرار القائم المتعلق ببناء الجدار الذي يفصل الولايات المتحدة عن المكسيك، بالإضافة إلى القرار المرتبط بمنع ما يسمى بالحالمين، وهم الأشخاص الذين عاشوا في الولايات المتحدة وكبروا دون أن يحصلوا على الجنسية الأمريكية، وأصبح البعض منهم مهدداً بالطرد من الإقليم.
وأضاف: “الآن، تكاد أربع سنوات تكتمل، والإدارة الأمريكية تتعامل مع الموضوع في إطاره الأصلي وهو استمرار الاعتراف.. لكن حقيقةً لم يتم تفعيل فتح القنصلية كما كان منتظراً، ولم تقم مثلاً وكالة التنمية الأمريكية بمتابعة مشروعها الخاص بالمساعدة، والذي كان يرتكز على تقديم خمس مليارات دولار في البداية، على أساس فتح لائحة طويلة لا تهم فقط إقليم الصحراء، بل تشمل أيضاً منطقة إفريقيا الغربية”.
وقال محمد تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، في حوار سابق مع جريدة “مدار21” الإلكترونية، إن نظرة واشنطن للمغرب كقوة إقليمية، تتمثل أيضاً في استمرار تعاونها معه فيما يتعلق بمناورات الأسد الإفريقي التي تنظمها مع الولايات المتحدة بمشاركة أكثر من 20 دولة.
وأفاد الحسيني أنه سواء تعلق الأمر بدونالد ترامب، الذي أضحت حظوظه تتضاءل بعد انسحاب بايدن، أو بكامالا هاريس، التي تتبنى مبادئ بايدن نفسها في ممارسة السلطة، فإن المملكة أصبحت الآن تثبت بشكل خاص أن مركزها قوي بصفتها قوةً إقليمية، حتى في دعم مصالح البلدان الكبرى في هذه المنطقة من العالم، وأثبتت أن بإمكانها أن تكون طرفاً ووسيطاً بين البلدان الإفريقية وبين كل هذه البلدان التي تحاول أن تستثمر وتتعايش مع الأفارقة.
ومن بين هذه البلدان، يذكر الخبير في العلاقات الدولية الصين الشعبية، التي تعلن اهتمامها بها وتطمح في التعاون مع المملكة المغربية فيها، خاصة ما يتعلق بصناعة البطاريات شمال البلاد، وربما عدة مشاريع أخرى أكبر من ذلك بكثير.
واسترسل موضحاً: “الشيء نفسه بالنسبة لأوروبا؛ إذ إن فرنسا الآن دفعتها أحداث ما بعد انسحابها من منطقة الساحل ومنطقة إفريقيا الغربية إلى تصحيح أخطائها، فقد تبين لها بوضوح أنها خسرت الكثير في إفريقيا، وأصبح هناك أشياء أخرى مهددة، بما في ذلك هيمنتها النقدية عبر الفرنك الإفريقي على أصول وضمانات البلدان الإفريقية المتعلقة بعملاتها، فالبلدان التي شهدت انقلابات تنكرت للدور الفرنسي”.
واعتبر الحسيني أن كل هذه العوامل جعلت باريس تشعر بأنها في حاجة إلى وسيط ليعزز هذا الحضور، وتبين لها أن الطرف الوحيد الذي يمتلك الإمكانيات اللوجستية والموانئ ووسائل النقل الجوي والبنوك هو المغرب، “وبالتالي، تعود فرنسا من هذه النافذة، وارتأت أن تكون الرباط طرفاً رئيسياً في تعاونها مع إفريقيا”.
ويرى الحسيني في حديثه للجريدة أن العاهل المغربي محمد السادس اتخذ موقفاً بالغ الجرأة عندما بادر في خطاب شهير إلى القول إن على العالم أن يعلم أنه بالنسبة للمغرب، قضية وحدته الترابية هي المنظار والمعيار الدقيق الذي تُحتسب به مصداقية الصداقات ونجاعة الشراكات.