ناصر جبور: المغرب سجل 10 آلاف هزة ارتدادية خلال عام ورفعنا عدد المحطات لـ52 بعد زلزال الحوز

عام مضى على زلزال الحوز، الذي حول الثامن من شتنبر إلى يوم غير قابل للنسيان في ذاكرة المغاربة، سواء أولئك الذين تضرروا بقوته التي بلغت 7 درجات أو أولئك الذين عايشوا مختلف تداعياته على منصات التواصل الاجتماعي، وعبر تغطيات وسائل الإعلام.
بعد عام من زلزال الحوز، جريدة “مدار21” تحاور مدير المعهد الوطني للجيوفيزياء، ناصر جبور، للكشف عن حصيلة الهزات الارتدادية خلال هذا العام، وعن الدروس المستخلصة، وكذلك عن التوقعات والمشاريع المزمع تنفيذها لمواجهة مخاطر الزلازل.
بعد مرور عام من زلزال الحوز، ما هي حصيلة الهزات الارتدادية التي تم تسجيلها من المغرب في هذه الفترة؟
بعد الزلزال الكبير الذي هز منطقة الأطلس الكبير في الجنوب، كانت هناك زيادة مهمة في عدد الزلازل في المنطقة، أو ما يسمى بالهزات الارتدادية، لا زال نشاطها مستمرا لحد الآن، وأعدادها تتأرجح بين الارتفاع والانخفاض يوميا. إذ إن في الأسابيع الأولى، تم تسجيل عدد مهم من الهزات الارتدادية تجاوز المئات، أما الآن لا يتجاوز عددها العشرات.
فيما يخص المعطيات العلمية التي استنتجناها من زلزال الحوز، عرفنا الآن الفوالق أو الصدوع النشطة التي يمكن أن تكون خفية في العمق ولا تظهر على سطح الأرض والتي لا شك لها وقع كبير إذا تحركت. وهذه المعلومات أكدها هذا الزلزال بشكل كبير مما يجعلنا مطالبين بإعادة الدراسات في جل تراب المملكة لمعرفة كل الصدوع المخفية وكيفية اشتغال الفوالق لمعرفة مستوى الخطر نظرا للمشاريع المهمة التي يخطط المغرب لبنائها مثل السدود والمنشآت الحيوية والمهمة.
وخلال هذه المرحلة، وافينا كل الجهات التقنية بالمعلومات حول الزلازل لا سيما في منطقة الأطلس الكبير، الذي شمل عدة مجالات ترابية ودعمنا أيضا شبكة الرصد بمحطات إضافية.
هل هناك رقم محدد لحصيلة الهزات الارتدادية التي تم تسجيلها خلال الفترة الممتدة ما بين شتنبر 2023 وبداية شتنبر 2024؟
يمكن القول بأن هذه الهزات من ناحية العدد تجاوزت 10 آلاف هزة ارتدادية، وكان من المنتظر أن نصل لهذا العدد، لأن المنطقة لم تعرف نشاطا زلزاليا مهما في السابق، اذ كانت تعتبر شبه هادئة ولكن هذا الزلزال العنيف جعل كل هذا المجال الجغرافي يدخل في حالة عدم الاستقرار.
ما هي أقوى درجة تم تسجيلها؟
أقوى هزة ارتدادية بعد زلزال الحوز تم تسجيلها بعد 20 دقيقة منه، وبلغت قوتها 5.7 درجات على سلم ريشتر، وفيما بعد، تم تسجيل حوالي 8 هزات فاقت درجاتها 5 درجات.
أما الآن، فلا تتجاوز قوة الهزات ثلاث درجات ونصف إلا نادرا، إذ إنه وفي هذه الحالة تكون محسوسة ويشعر بها المواطنون.
ما هي المناطق التي تم تسجيل هذه الهزات الارتدادية بها؟
إذا كنا حددنا مكان البؤرة الأولى الرئيسية في منطقة الحوز، فإن الهزات الارتدادية غطت مساحة أوسع من ذلك، إذ تم تسجيلها بأقاليم أخرى منها شيشاوة وتارودنات وورزازات ومراكش وأكادير وأزيلال. كل هذه المناطق دخلت في نشاط زلزالي ولحد الآن مستمر، لكنه متفاوت وينتقل من مكان إلى مكان آخر ويتأرجح بين الهدوء والنشاط.
بعد مرور عام على الزلزال، هل تتوقعون استمرار هذه الهزات؟
من المتوقع استمرار هذه الهزات، ولو انخفضت من حيث العدد، إلا أنها ستستمر لبضعة أشهر أخرى، وسوف نرى بعد ذلك أي نموذج يمكن البناء عليه لمعرفة التنبؤات المستقبلية، ولو على شكل احتمالات فقط.
ذكرتكم أن هناك دراسات بخصوص المشاريع الكبرى التي ينوي المغرب تشييدها، هل هناك تعاون بينكم وبين الوزارات في هذا الخصوص، خاصة ما يتعلق بملاعب كأس العالم 2030 والتي يعول عليها المغرب كثيرا؟
أول المتصلين بخصوص المشاريع المستقبلية هم القائمون على بناء الطرق والجسور والأنفاق، والذين نمدهم بالمعطيات الزلزالية التي نتحصل عليها من خلال التسجيلات. ولحد الآن تبقى هذه المشاريع لها أولوية، وأيضا هناك مشاريع أخرى في مجال الطاقات المتجددة وبعض مشاريع البناء.
وماذا بخصوص ملاعب كأس العالم 2030؟
قبل البدء في تشييدها، كانت هناك دراسات أولوية على شكل خرائط قابلية التعمير، والتي استعملت فيها المعطيات التي وفرها المعهد الوطني للجيوفيزياء، وهي تغطي كل المجالات المعنية بالبناء، والمشاريع التي ذكرتها لا شك أنها استفادت من هذه الدراسات، وخاصة فيما يتعلق بمستوى الارتجاج في كل أنواع الأرضيات.
هل تم تحيين هذه الخرائط بعد الثامن من شتنبر؟
بالفعل، يتم ذلك بشكل مستمر.
هل توافق من يقول أن هناك ارتفاعا في وتيرة تسجيل الزلازل بالعالم؟
على المستوى العالمي، الدراسات المبنية على إحصاءات توفر نظرة شمولية تعطينا معدلا، وهو ثابت لا يتغير. لكن ورغم ذلك، إذا ركزنا على المناطق، سنرى اختلافا كبيرا، إذ إن بعضها كان يعرف نشاطا زلزاليا، والآن مرت إلى مرحلة الهدوء ومناطق أخرى كانت تصنف ضمن المناطق الهادئة غير الزلزالية ودخلت في مرحلة نشاط.
هذا ما يسمى بالتكتونية الانتقالية، وبناء على ما وقع السنة الفارطة وبضع سنوات من قبل، نستنتج أن المغرب دخل مرحلة انتقالية من خلال تسجيل هزات، وهذا يفرض علينا أن نكون أكثر حذرا وندعم شبكة رصد الزلازل لنقوم بمراقبة كل أشكال الزلازل وكل المناطق المعنية.
زلزال لشبونة الأخير جدد “فزع” المغاربة بخصوص احتمال وقوع زلزال. هل يمكن أن نقول إن ذلك يؤكد الحاجة لمزيد من الحملات التحسيسية بالبلاد؟
خلال هذه الفترة ومقارنة بالسنوات الفارطة، نلاحظ أن مستوى الوعي بالزلازل ومخاطرها زاد في المغرب.
ويمكن الإشارة هنا إلى أن الاستراتيجية الوطنية للحد من المخاطر الطبيعية توصي بإدماج البحث العلمي والتربية الوطنية في مجال التوعية، لأن هاذين المجالين لعبا دورا مهما في رفع الوعي، بالإضافة إلى وسائل الإعلام، التي كان لها فضل كبير في ذلك.
وبخصوص زلزال لشبونة، فقد أعاد للذاكرة زلزال لشبونة 1755 والذي كان له تأثير على البرتغال وإسرانيا وأيضا المغرب، وأدى لوقوع موجة تسونامي.
البعض تحدث عن أن الزلازل الأخيرة “مصطنعة”، ما تعليقك على ذلك؟
ليست هناك زلازل مصطنعة، ما يمكن قوله هو أن هناك هزات اصطناعية وتكون ناتجة عادة عن تفجيرات مناجم ومقالع الحجارة، والتي يكون تأثيرها فقط على المجال القريب منها، وهي من ناحية القوة أقل بكثير من الزلزال الحقيقي.
ذكرتكم في حوار سابق مع جريدة “مدار21” أن المرصد ينوي زيادة عدد محطات رصد الزلازل، أين وصل هذا المشروع؟
الآن نهيء تقريبا لسبع محطات جديدة، وسنجدد أخرى بتجهيزات حديثة، وأيضا المرصد يتوفر على محطات متنقلة بالأطلس الكبير (من مراكش إلى الأطلس الكبير) لمعرفة اشتغال البؤر الزلزالية وسلوك الأرضيات، فكل هذه المعطيات التقنية ضرورية للدراسات المستقبلية.
كم عدد المحطات الحالية بالمغرب، الثابتة والمتنقلة؟
المحطات الثابتة عددها في حدود 41 محطة بمختلف جهات المملكة، وبالنسبة للمحطات المتنقلة هناك 5 محطات وأضفنا 6 أخرى إضافية في الجنوب، وحاليا ندرس الحصيلة، وبحسب النتائج يمكن تحويلها إلى محطات ثابتة.
منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أعلنت دعمها للمغرب لإنشاء مشروع تعزيز أدوات الإنذار المبكر والقدرة على مقاومة الزلازل، والذي سيمول من دولة اليابان التي تعتبر من بين أكثر الدول التي تواجه مخاطر الزلازل، حدثنا عن هذا المشروع ومستجداته؟
في إطار التعاون بين المغرب واليابان، وتحت إشراف اليونسكو، انطلقنا في هذا المشروع الذي يهدف لبناء عوامل التعافي من آثار الزلازل، والذي سييشمل تعزيز محطات الإنذار المبكر، كما سميتها، وهناك محطات أخرى إضافية لمعرفة سلوك البنيات الجيولوجية.
تجاوزنا المرحلة الأولى بنجاح، والتي كانت ترتكز أساسا على استكشاف المناطق التي يمكن أن نوفر بها الأجهزة المذكورة، وأيضا تجاوزنا المرحلة الثانية والتي كان هدفها معرفة أنواع التجهيزات المناسبة التي سوف سنعتمد عليها في هذه المناطق.
ونحن الآن بصدد بناء المحطات وفق الهندسة المناسبة، لذلك يمكنني القول إن المشروع يسير بوتيرة إيجابية، وفي نفس المواعيد التي تم تحديدها من البداية، وبعد 4 أشهر إن شاء الله سنشرع في وضع هذه المحطات في المناطق من خلال الزيارات الميدانية في منطقة الأطلس الكبير.