ثقافة

“عودة للجيل المنهزم”.. معرض يعيد صنّاع مجد أدب طنجة الدولية للحياة

“عودة للجيل المنهزم”.. معرض يعيد صنّاع مجد أدب طنجة الدولية للحياة

بين رفوف الكتب بمكتبة “Les insolites” بقلب مدينة طنجة، عُلّقت لوحات وبورتريهات لعدد من كبار كتاب وأدباء حقبة طنجة الدولية في معرض يحمل اسم “عودة الجيل المنهزم” للرسام التشكيلي المغربي عبد الله خيروني.

هو معرض واحد من بين 12 معرضا بمشاركة 18 فنانا تستمر طيلة شهر أكتوبر الجاري في إطار “مسار الفنون بطنجة”، الذي ينظمه المعهد الفرنسي بتعاون مع المديرية الجهوية للثقافة وعدد من الفاعلين الثقافيين بالمدينة، في مبادرة تروم الاقتراب من عموم الجمهور وزوار المدينة.

في المعرض بورتريهات بلمسات عفوية خام وألوان طاغية لأدباء صنعوا مجد التاريخ الأدبي لطنجة. لوحة واحدة تضم بورتريها جماعيا لكل من وليام بورووز وجاك كيرواك وغريغوري كورسو، و3 لوحات لجان بولز، و أخرى لألين غينسبورغ والشاعر البريطاني مايكل مك كلور، وإلى جانبهم أقرب المغاربة إلى الجيل المنهزم، الأديب محمد شكري.

تقول ستيفاني غاو، صاحبة مكتبة ورواق “Les insolites”،إن موضوع هذا المعرض “قوي جدا”، مضيفة “شيء جميل أن يرسم فنان مغربي هذه الشخصيات الأجنبية التي ساهمت في صنع مجد مدينة طنجة”.

اختيار الموضوع نابع من إعجاب التشكيلي العصامي المغربي الواعد، عبد الله خيروني، بالجيل المنهزم، لحد أن جعل منه “تيمة” وحيدة لمعرضه الفني الفردي الأول في مساره التشكيلي، الذي انطلق قبل حوالي 10 سنوات، بمحاولات محدودة في التشكيل والنحت بتقنيات بسيطة، لكن بعزيمة متقدة.

وقال عبد الله خيروني لقد “اخترت موضوع الجيل المنهزم لاعتبارات شخصية، لأنني معجب بأعلامه، كنت في الجامعة بالقنيطرة أدرس الأدب الإنجليزي، حينما سمعت لأول مرة ببول بولز على لسان الأستاذ مراد المكينسي”، مضيفا أنه “منذ تلك اللحظة تملكني الاهتمام بالجيل المنهزم، صرت أبحث عن أعلامه، وأقرأ لكبار أدبائه وشعرائه”.

وتابع “هؤلاء أعطوا لطنجة بعدا عالميا فيما يتعلق بالثقافة والفن، بل كانت طنجة ملجأ أدبيا وفنيا لهم، وجدوا فيها فضاء لممارسة حقوقهم الثقافية وحرياتهم الفردية، حيث كان الوضع الدولي لطنجة يتيح الكثير من الحرية، و كان لها قانون مفتوح سمح لهم بعيش حياتهم كما يريدون”.

واعتبر أن هؤلاء يستحقون التكريم من طرف الفنانين والمثقفين المغاربة، فمن غير كتابات شكري حول تينيسي ويليامز وجان جينيه وبولز بولز لا نجد هناك كتابات ولا آثارا كثيرة تناولت “الجيل المنهزم”.

في هذه النقطة تلتقي ستيفاني غاو مع عبد الله خيروني، فهذه المكتبية الفرنسية التي حلت بطنجة منذ 17 سنة و افتتحت مكتبة “Les insolites” منذ 10 سنوات ونيف، بل اشتغلت بعمق على التاريخ الأدبي والفني لطنجة حتى نالت الجائزة الكبرى لمجلة “Livres Hebdo” لأفضل مكتبة خارج فرنسا في شتنبر الماضي، تعتبر أن “تاريخ المغرب، وطنجة بوجه خاص، كنز كبير ونادر”، موضحة أنها خصصت المكتبة لعرض ومواكبة عدد كبير من الفنانين، خاصة المقبلين على تنظيم معارضهم الأولى.

وتابعت “لقد اهتممت أيضا بفرادة رسم عبد الله خيروني واطلاعه على الحقبة الدولية لطنجة، وعلى أجزاء كبيرة من تاريخها الفني والأدبي لكونه أستاذ لمادة اللغة الإنجليزية” ، منوهة بأنها “تواكبه منذ أزيد من 3 سنوات، هو فنان عصامي، منغمس مع الشخصيات الأدبية الكبيرة لطنجة، من شعراء وأدباء بريطانيين وأمريكيين عاشوا هنا، فرسم عنهم بورتريهات بطريقته”.

واعتبرت أنه “ملون” رفيع وكبير، لقد أعطى لهذه الشخصيات مسحة من البهجة والفرح، ففي حياة هؤلاء الأدباء كانت هناك فترات حالكة، وبتقنيته ولمسته أعطاها ألوانا إفريقية مطبوعة بضياء طنجة، ففي لوحاته ألوان طاغية، هناك أزرق وأخضر يشد العين”.

دون كثير من التردد، يتحدث عبد الله خيروني عن بداياته قائلا “أنا لا أنتمي إلى أية مدرسة فنية، أنا فنان عصامي بدأت بخطوات فردية ودون أي تكوين، لم تكن تدرس مادة الفنون بمدينة وزان حيث كبرت ودرست، كتبت بعض الشعر والراوية، ولكني وجدت في ذاتي ميلا جارفا نحو النحت والتشكيل”.

وتابع “لا أحاول تعلم التقنيات، بل أردت أن أحافظ على اللمسة الخاصة بي، والألوان والأشكال في لوحاتي تنبع من إحساسي فقط، أنا لا أختارها ولا أسعى إليها”، مبرزا أنه اطلع عن تاريخ الفنون من خلال الكتب والمعارض مع حرصه على المحافظة مهاراته الذاتية.

“مسار الفنون بطنجة” في هذا المعرض يقودك عبر سلسلة معارضة بتقنيات مختلفة، وبشارع “فيلاسكيز” بالجانب الأيمن من ساحة “سور المعجازين”، تجد مكتبة/رواق “Les insolites” حيث تعرض لوحات عبد الله خيروني التي أبدعها بالرسم على ورق “الكرافت” باستعمال صباغات الأكريليك والباستيل بمزيج وتقنيات خاصة به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News