مجتمع

انتقادات تُطوِّق منهجية رصد “مندوبية الحليمي” لواقع تشغيل الأطفال

انتقادات تُطوِّق منهجية رصد “مندوبية الحليمي” لواقع تشغيل الأطفال

في وقت ركزت فيه أغلب المنظمات الحقوقية والهيئات المدنية المهتمة بحقوق الطفل على التفاعل، إيجابا أو سلبا، مع الأرقام التي كشفت عنها المندوبية السامية للتخطيط بخصوص نسبة تشغيل الأطفال وتقييم جهود القطاعات الوزارية المعنية في تقليص نسب استغلال الأطفال في التشغيل، تناسلت انتقادات حول المنهجية التي تشتغل عبرها المندوبية في رصد هذه الظواهر، معتبرة أنها “تظل غير كافية للكشف عن واقع الحال وحجم مأساة الأطفال المشتغلين”.

ورغم تسجيل مندوبية الحليمي أرقام “متفائلة” بخصوص تراجع نسب تشغيل الأطفال، حيث أقرت بتقليص نسبة تشغيل الأطفال بأكثر من 55 بالمئة في السنوات السبع الماضية، بعدما استقرت، عام 2023، في 1.4 بالمئة من مجموع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 7 و17 سنة، إلا أن هذه النسب، حسب، حسن المرابط، رئيس رابطة الأمل للطفولة المغربية، لا تسم الصورة الحقيقة عن واقع تشغيل الأطفال.

وقال المرابط، في تصريح لـ”مدار21″، إن “منهجية الدراسات والأبحاث التي ترصد من خلالها المندوبية إحصائيات بخصوص الظواهر الاجتماعية بشكل عام، وظاهرة تشغيل الأطفال بشكل خاص، تبقى غير كافية”، مسجلا أنها “في الغالب تشتغل على عينات عشوائية ومحدودة ما يجعل هذه الدراسات غير دقيقة”.

وأورد المتحدث ذاته أنه رغم المجهودات التي تقوم بها الجهات الرسمية والأرقام التي تتحدث عن تراجع نسب الأطفال الذين يشتغلون “إلا أننا نلاحظ بالعين المجردة ومن خلال الملاحظة العادية عدد أكبر من الأطفال الذين يشتغلون في قطاعات لا تعتمدها هذه الدراسات في رصدها للظاهرة”.

وتابع في ذات الصدد أن “المؤسسات الرسمية تعتمد في الإحصائيات التي تنجزها على القطاعات أو الاقتصاد المهيكل دون الاكتراث إلى انتشار الظاهرة المرصودة في القطاعات غير المهيكلة”، مشيرا إلى أن السؤال هنا هو “هل أخذت المندوبية بعين الاعتبار الأنشطة الاقتصادية غير المهيكلة كالعمل في المقاهي أو تجارة الشوارع أثناء جمع المعطيات واستنتاج هذه الأرقام؟”.

“رصد الظواهر الاجتماعية ومنها اشتغال الأطفال يلزمه مجهود أكبر في الرصد والبحث والتحليل”، يُلِّح الفاعل المدني، ويواصل قائلا إن “المجهودات التي تبدلها المؤسسات الرسمية تبقى مقبولة لكن هذا لا يعني أنها ليست في حاجة إلى التطوير”.

وسجل المرابط أن “النقص الذي نتحدث عنه ينسحب حتى على الأجهزة المكلفة برصد الظاهرة وعلى رأسها مفتشية الشغل والنيابة العامة على مستوى الإمكانيات اللوجستيكية والموارد البشرية”، مُذكِّرا بأن “ظاهرة تشغيل الأطفال هي قضية وطن ومحاربتها هي مسؤولية الجميع بما في ذلك المجتمع المدني”.

وعلى مستوى المجال القروي الذي سجلت فيه المندوبية انتشار تشغيل الأطفال في صفوف قرابة 88 ألف طفل، تساءل الفاعل المدني عن تناسب هذه الأرقام مع الحجم الحقيقي للظاهرة في الوسط القروي قائلا “هل يمكن إدراج الطفل الذي يشتغل مع أبويه في الأنشطة الفلاحية ضمن الأطفال المشتغلين”، مجيبا في الآن ذاته أنه “للأسف فأرقام المندوبية لا تُدخله ضمن فئة الأطفال المشتغلين وإنما تدرجه في خانة المساعدة المرتبطة بالمنظومة السوسيوـ ثقافية والتربوية بالعالم القروي”.

واستحضر لمرابط فعالية المنظومة الحمائية للأطفال ضد الاستغلال في الشغل، حيث انتقد “معايير تحديد المسؤول عن رصد الأطفال المشتغلين وتمييز الطفل المشتغل من الطفل غير المشتغل”، مشددا على أن “مثل هذه الظواهر تحتاج إلى مجهود كبير على مستوى الرصد لنشر أرقام دقيقة وتعبر عن واقعنا الحقيقي”.

وبخصوص أثر المقتضيات القانونية التي تمنع تشغيل الأطفال، اعتبر المصرح ذاته أنها “تبقى محدودة”، لافتا إلى أنه “حتى الدعاوى التي تحركها النيابة العامة في هذا الجانب تبقى هي الأخرى محدودة في غياب أي إحصائيات رسمية تثبت العكس”، ومؤكدا أن “المشكل في قلة البنيات التحتية ونقص الموارد البشرية واللجوستيكية لإنجاح ورش محاربة تشغيل الأطفال”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News