بنعبدالله يُعدِّد “إخفاقات” الحكومة ويدعوها لـ”توجهات مغايرة أكثر نجاعة”

وجه حزب التقدم والاشتراكية، اليوم الثلاثاء، رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، يُعدِد فيها ما يعتبر أنه إخفاقات حكومية خلال النصف الأول من الولاية، داعيا إياها إلى أن “تأخذ بتوجهاتٍ مُغايرة أكثرَ نجاعة”، تتضمن مجموعة من الإجراءات.
وقال نبيل بنعبد الله، الذي تلى الرسالة المفتوحة في ندوة صحفية بمقر الحزب، إن الحكومة التي جعلتْ من النموذج التنموي الجديد مرجعًا أساسيا لبرنامجها، “غيبته منذ ذلك الحين، كما يدل على ذلك عدمُ الإشارةِ إليه ضمن الحصيلة المرحلية”، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة حضرت بها “اختياراتٌ وتوجُّهاتٌ ليبرالية صِرفَة تَخجلُ الحكومةُ من الإفصاح الصريحِ عنها، وتَعمَدُ إلى تغليفها بقناعٍ، من خلال الرفع الزائف لشعار “الدولة الاجتماعية”.
وأكد أن الحكومة “تمادَتْ، بإصرارٍ واستعلاءٍ، أثناء مناقشة هذه الحصيلة، في الادعاءِ بتحقيق كل انتظارات المغاربة، وفي اعتمادِ خطابٍ مُفرطٍ في التعبير عن الارتياح والرضى عن الذات، خطابٍ غابت عنه، بشكلٍ مُقلق، الموضوعيةُ، وافتقَدَ إلى التواضع والنقد الذاتي”.
ورصد تقييم حزب التقدم والاشتراكية لحصيلة الحكومة ما اعتبر أنه “تجاهل خطير من الحكومة لواقع المشهد السياسي والديموقراطي والحقوقي”، مشير إلى أن الحكومة “لم تحقق أيَّ مُنجَز على هذا المستوى. وعجَزتْ عن اتخاذ أيِّ خطوة لاستعادة ثقة المغاربة في المؤسسات المنتخبة، بل أسهمتْ في مزيدٍ من تردِّي مكانة وصورةِ الأحزاب السياسية. وتجرأتْ على المساس بمبدأ استقلالية الصحافة، ولم تُحَرِّكْ ساكناً أمام أيِّ تراجعٍ أو مساسٍ بحرية التعبير”.
من جهة أخرى، سجل الحزب ذاته “تفاقما خطيرا للبطالة وخاصة في أوساط الشباب”، رغم أن الحكومة التزمت مع المغاربة “بإحداث مليون منصب شغل في خلال خَمْسِ سنوات، لكنها فشلت. وها هي حصيلتها المرحلية صادمةٌ”.
واعتبرت رسالة الحزب، في السياق ذاته، أنه “فشل ذريعٌ في المقاربات الاقتصادية للحكومة، وعجزٌ بيّن منها في تطويرِ قُدراتِ المقاولات المغربية، وفي اعتماد تطويرٍ حقيقي لتصنيعٍ حديث، وهو فشلٌ لا يمكن لحكومتكم أن تفسره فقط بوضعية الجفاف الذي رافَقَ جُلَّ حكوماتِ الماضي ببلادنا دون أن تصل وضعيةُ البطالة إلى كل هذا المستوى الخطير”.
ووقف “حزب يعتة” عند فشل الحكومة في الأهداف الاقتصادية وفي تحسين مناخ الأعمال، بينما التزمت بتحقيق نسبة نمو 4 بالمئة، لكنها فشلت، ولم تحقق سوى ما بين %1 و%3 على مدى سنتيْ 2022 و2023. مضيفا “وأفلست في عهد حكومتكم رسميًّا أزيدُ من 27 ألف مقاولة صغرى ومتوسطة، دون احتساب عشراتِ آلاف المقاولات الأخرى التي تختنقُ في صمت. وتعثرت حكومتكم في جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي انخفضت ب 53% في سنة 2023”.
وأردف أن الحكومة فشلت “في تنقية مناخ الأعمال من الممارسات غير المشروعة، إذ تراجعت بلادُنا في مؤشر إدراك الفساد في 2023 ب 3 مراكز إلى المرتبة 180/97 عالميا. وتراجَعَ مؤشرُ الحرية الاقتصادية إلى 56.8 لتحتل بلادنا بذلك المرتبة 184/101، وخالفت الحكومة القانون بعدم إخراج نظام دعم المقاولات الصغرى المنصوص عليه في الميثاق الجديد للاستثمار.
على صعيد متصل، سجل حزب “الكتاب” فشل تحقيق السيادة الاقتصادية وفي ضمان السيادة الصناعية، حيث لا تساهم الصناعة سوى ب 15%من الناتج الداخلي الخام، ونستورد جُلَّ حاجياتنا من المواد المصنعة.
وانتقد الحزب عدم تحقيق السيادة الغذائية، ذلك أن الاختيارات في السياسة الفلاحية تؤدي إلى تصدير الماء عمليًّا، إضافة إلى فشلفي تحقيق السيادة الطاقية، وفي الحد من الاقتراض المفرط، وفشل التحكم الحقيقي بعجز الميزانية، مسجلة أيضا عجز “عن مواجهة غلاء الأسعار وعن إيقاف تدهور مستوى معيشة الأسر المغربية”.
وتابع الحزب أن الحكومة تدَّعي حكومتُكُم خفضَ معدل التضخم إلى 0.3%، متناسية أنه بلغ على امتداد سنتيْن مستوياتٍ قياسية من رقميْن بالنسبة للمواد الاستهلاكية الأساسية، ولم تعد أبداً أسعار هذه المواد إلى سابق عهدها (مثلاً أسعار اللحوم الحمراء ارتفعت اليوم إلى ما بين 100 و140 درهماً، وأسعار الغازوال والبنزين تتأرجح ما بين 13 إلى 16 درهماً).
وبخصوص الحوار الاجتماعي، قال الحزب “أما الزيادة في الأجور، فرغم كونها إيجابية، إلا أنها لا تُخَلُكُم كل هذا الانشراح المفرط، طالما أنها زياداتٌ لا تُساوي فارق التضخم وغلاء المعيشة، ناهيكم على أنها جاءت مقرونةً بمنطق المقايضة الذي يُثير تخوفاتٍ جدية حول الحقوق النقابية وحول كلفة إصلاح منظومة التقاعد على الأُجَراء”.
وسجل الحزب فشل الحكومة “في التعميم الفعلي والعادل لورش التغطية الصحية، وعجزها عن خلق جاذبية الخدمة الصحية وجودتها”، لافتة من جهة أخرى إلى العجز عن إعمال العدالة في الدعم الاجتماعي المباشر ، قائلا “حكومتَكُم تَلْـتَفُّ حول هذا الورش، بحرمان ملايين المستضعفين من هذا الدعم، من خلال إعمال معايير وعتبة إقصائية، فقط لخفض الكلفة”، مسجلا تعثرات مؤكدة في برنامج دعم اقتناء السكن.
ودعا التقدم والاشتراكية الحكومة إلى أن تأخذ بتوجهاتٍ مُغايرة أكثرَ نجاعة، ومنها إعطاء نَفَسٍ ديمقراطيٍّ للفضاء السياسي وتنقيته من الفساد، والرجوع إلى توصيات النموذج التنموي الجديد، والاعتماد على تصنيعٍ قوي وحديث، وإجراء إصلاحٍ جبائي عادل وشامل، على قاعدة القانون الإطار، والمراجعة الجذرية للسياسات الفلاحية، بما يَجعلُ السيادة الغذائية والأمن المائي أوْلى الأولويات.
وطالب الحزب يإقرار العدالة الاجتماعية والمجالية، وتسريع إصلاح منظومتيْ الصحة والتعليم، والتجاوز السريع للاختلالات التي تُعيقُ التفعيل الأمثل لورش الحماية الاجتماعية، وضمان استدامته، ومعالجة وضعيات الإقصاء من الاستفادة، وكذا بلورة منظومة متكاملة وناجعة لإدماج ملايين الشباب الذين يوجدون في وضعية “لا شغل، لا تكوين، لا تعليم”.