بيئة

مع دنو فصل الصيف.. دعوات لاستباق مخاطر حرائق الغابات

مع دنو فصل الصيف.. دعوات لاستباق مخاطر حرائق الغابات

في ظروف مناخية وُصفت بالصعبة، ماتزال التحديات الطبيعية والبيئية تهدد حياة الإنسان وتمس بأمان الحيوان. وتعد حرائق الغابات إحدى هذه التحديات السنوية التي تلتهم العديد من الهكتارات الغابوية بفعل ارتفاع درجة حرارة الأرض، ما يستدعي التحسيس بالمخاطر ووضع تدابير وإجراءات عملية للحد والتصدي للحرائق خلال صيف 2024.

الوكالة الوطنية للمياه والغابات حددت في آخر اجتماع لها (21 ماي) من كل سنة يوما وطنيا للتحسيس بمخاطر حرائق الغابات على الصعيد الوطني، ذلك بهدف إشراك الجيل الناشئ في عملية التوعية بمخاطر الحرائق، من خلال تقديم أنشطة تحسيسية.

وحسب بلاغ للوكالة الوطنية للمياه والغابات، توصلت “مدار21” بنسخة منه، فإن الوكالة، وبتعاون مع شركائها المعنيين، كوزارة الداخلية والوقاية المدنية، اختارت غدا الثلاثاء وتبعا للمصدر ذاته، يوما للتوعية بأهمية الغطاء الغابوي خاصة في ظل التغيرات المناخية الصارخة التي يعيشها العالم وإشكالية ندرة المياه مع شبح الجفاف.

الخبير البيئي، مصطفى بنرامل، أوضح في هذا السياق، أن اقتراب فصل الصيف وبداية ارتفاع درجة الحرارة، ينذر بارتفاع أخطار حدوث حرائق بالغابات بالمغرب، نظرا للأنشطة البشرية الكثيفة التي أصبحت تعرفها البلاد نتيجة حركية الساكنة المحلية القروية أو السياحة الإيكولوجية بالمنتزهات الغابوية.

واعتبر ضمن تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن حرائق الغابات غير منضبطة تلتهم مساحات واسعة من الأراضي العشبية، وتُعدّ من الكوارث الطبيعية المدمرة التي تُهدد البيئة والحياة البشرية على حدٍّ سواء، مردفا بقوله، ‘‘حرائق الغابات كارثة بيئية لها أبعاد عديدة تشترك فيما هو إنساني وبيئي’’.

وعزا المتحدث ذاته، ضمن تقرير اطلعت “مدار21” على نسخة منه، أسباب حرائق الغابات إلى عاملين رئيسين، يتجلى السبب الأول في العوامل الطبيعية المتمثلة في البرق والجفاف الشديد مع رياح “الشرقي”، بينما حدد الثاني في الأنشطة البشرية التي تعود إلى إهمال إطفاء النيران، وإلقاء أعقاب السجائر، بالإضافة إلى الحرق المتعمد.

وبخصوص أهمية المجال الغابوي بالمغرب كمجال طبيعي مفتوح، اعتبر التقرير ذاته، أن هذا المجال يتعرض لعدة ضغوطات تأثر سلبا على أدواره الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، حيث ينتج عن هذه الأنشطة البشرية ارتفاع خطر حدوث ونشوب حرائق بالمجال الغابوي، خاصة وأن الغابات المغربية، مثل نظيراتها في البحر الأبيض المتوسط، تتوفر على أصناف تتميز بقابلية اشتعال مرتفعة خلال فصل الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض رطوبة الهواء وشدة الرياح الجافة من نوع “الشرقي”.

وقسم التقرير أنواع الحرائق، إلى حرائق سطحية، تلتهم الأعشاب والنباتات القصيرة على سطح الأرض، وحرائق متوسطة تُصيب الأشجار والشجيرات المتوسطة الارتفاع، تنضاف إليها الحرائق التاجية التي تُلتهم أطراف الأشجار العليا، وتُعدّ الأكثر خطورة.

وشدد رئيس جمعية “المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ”، على الآثار البيئية التي تخلفها حرائق الغابات، أهمها موت الحيوانات والنباتات والجفاف، بالإضافة إلى انبعاث غازات دفيئة، وثلوث الهواء وانجراف التربة. بينما الٱثار الإنسانية يضيف بنرامل، تشكل تهديدا لسلامة السكان، نتيجة إجلاءهم، ووقوع خسائر اقتصادية فادحة، بالإضافة إلى أضرار في الممتلكات والبنى التحتية، ومشاكل صحية ناتجة عن التلوث.

وللحد من آثار هذه الحرائق والتصدي لها، اقترح الخبير البيئي ضرورة التحسيس ونشر الوعي بأهمية حماية الغابات ومخاطر الحرائق والقيام بمناورات محاكاتية لحريق الغابة بمشاركة كل المتدخلين المحلين والمجتمع المدني والساكنة، بالإضافة إلى الوقاية والتشديد على تطبيق القوانين المعمول لجرائم حريق الغابات بصرامة للحد ومنع الحرائق، عن طريق مراقبة الغابات، إزالة المواد القابلة للاشتعال، إنشاء ممرات الحرائق وخلق تجهيزات للتنبؤ بها.

ووجد بنرامل طرقا أخرى لرفع التنبيهات والتعامل مع الحرائق، أهمها استخدام تقنيات حديثة لإخماد النيران، وتوفير فرق مُدربة لمكافحة الحرائق، وتجهيزها بالمعدات اللازمة، خاتما قوله: ‘‘حرائق الغابات مسؤولية الجميع، وتضافر الجهود لمنعها ضرورة لحماية بيئتنا والحفاظ على مستقبلنا وحماية غاباتنا من الاندثار’’.

الأسبوع الماضي، كشفت اللجنة المديرية للوقاية ومكافحة الحرائق الغابوية أن المساحات الغابوية المتضررة من الحرائق سنة 2023 بلغت ما مجموعه 6426 هكتارا وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 70 بالمئة مقارنة بالمساحات المتضررة سنة 2022 (22760 هكتارا)، وذلك وفق حصيلة للوكالة الوطنية للمياه والغابات.

وتم خلال موسم 2023 تسجيل 466 حريقا أتت على مساحة تقدر بـ6426 هكتارا من الغابات، 35 في المئة من هذه المساحات المحروقة عبارة عن أعشاب ثانوية ونباتات موسمية.

أما من حيث المساحة المحروقة، فإن الجهة الشرقية، وفق المصدر نفسه، كانت الأكثر تضررا من حرائق الغابات بمساحة تقدر بـ2552 هكتارا (أي 40 في المئة من إجمالي المساحة المحروقة على المستوى الوطني)، مشيرة إلى أن هذه الجهة شهدت أكبر حريق خلال سنة 2023 والذي أتى وحده على مساحة تقدر بـ2347 هكتارا من غابات إقليم بركان.

وأضافت أن الظروف المناخية لسنة 2023 على الصعيد العالمي تميزت بجفاف وسلسلة موجات حر استثنائية موضحة أن عدة مناطق في المغرب، على غرار باقي بلدان العالم، شهدت موجات حر شديدة خاصة في شهر يوليوز، حيث تم تسجيل أرقام يمكن وصفها بـ”القياسية”.

وأشار المصدر نفسه إلى أن هذه الظروف المناخية والجوية الاستثنائية ساهمت في نشوب وانتشار حرائق مهولة في عدد من بلدان البحر الأبيض المتوسط مسجلة أنه بالنسبة للمغرب، فإن سياسة الوقاية من الحرائق ومكافحتها المعتمدة من طرف جميع الشركاء المعنيين، خاصة وزارة الداخلية والوكالة الوطنية للمياه والغابات والسلطات المحلية والوقاية المدنية والدرك الملكي والقوات الملكية الجوية والقوات المسلحة الملكية والقوات المساعدة، ساهمت بشكل كبير في التقليل والحد من الآثار والخسائر الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الناجمة عن حرائق الغابات خاصة مع الظروف المناخية التي شهدتها المملكة سنة 2023.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News