بيئة

الهيدروجين الأخضر.. خطط طموحة للمغرب برهانات بشرية وجغرافية

الهيدروجين الأخضر.. خطط طموحة للمغرب برهانات بشرية وجغرافية

يخطو المغرب منذ سنوات بخطى ثابتة في محاولة لتسريع انتقاله نحو الاعتماد على مصادر الطاقة المستدامة ومكافحة تغير المناخ، ويراهن على تبني الهيدروجين الأخضر، الذي يعتبر محور الرؤية الملكية الرائدة نحو مستقبل مستدام.

رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أكد في مداخلة ألقاها خلال ندوة حول موضوع “الطاقة، الأمن والتنقل”، عقدت يوم أمس الإثنين الماضي في إطار أشغال قمة “إيطاليا-إفريقيا.. جسر للنمو المشترك” بروما، أن المغرب أضحى رائدا في مجال الطاقات المتجددة على المستويين الإقليمي والقاري منذ أزيد من 15 عاما.

ولفت أخنوش إلى أن هذه الريادة تعززت من خلال الانخراط في تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، وتنفيذ مبادرة أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، التي ستساهم في تعزيز الأمن الطاقي لغرب إفريقيا والاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن الطاقات المتجددة أضحت تمثل أكثر من 40 في المئة من المزيج الطاقي بالمغرب، في أفق بلوغ 52 في المئة بحلول العام 2030.

وأوضح أنه في الوقت الحالي الذي يتسم بسلسلة من الأزمات، فإن الحاجة إلى بناء تحالفات متينة بين شركاء موثوقين أضحت أكثر إلحاحا، معربا في نفس الوقت عن قناعته بأن إيطاليا بوسعها المساهمة في تنمية بلدان القارة، لاسيما من خلال التعاون في مجالات البنية التحتية، التكوين، الطاقة، الأمن، التعليم، الصحة والهجرة.

وفي هذا السياق، أكد مصطفى بنرامل، رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، أن المغرب شرع منذ سنوات في تنفيذ العديد من المشاريع الوطنية في مجال الطاقات المتجددة، والتي ابتدأت بطاقات شمسية كمحطات “نور”، وطاقات ريحية كـ”مزرعة العنفات الهوائية” بمدن عديدة كطنجة وبوجدور.

وأوضح في تصريح لجريدة “مدار21″ الإلكترونية، أن المغرب أعلن عن خطة طموحة في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، موضحا أن هذه الخطط ستجعل من المملكة محطة للتجارب من خلال تحرير الهيدروجين الأخضر ونقله إضافة إلى تصديره.

من جهة ثانية، فإن الرؤية الرائدة للملك في مجال الطاقات المتجددة، تُمكِّن المغرب من أن يصبح رائدا قاريا في هذا المجال على المستويين الإقليمي والقاري لارتباط ذلك بالعديد من العوامل المؤهلة جغرافيا وبشريا وماليا. وتراهن المملكة، حسب رئيس الحكومة، على الموارد البشرية وعلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي للإقلاع بقطاع الهيدروجين الأخضر، على اعتبار أن المغرب يوجد في وضع جيد على خريطة الهيدروجين العالمية.

في هذا السياق، أكد بنرامل على أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو تكوين أطر ذات كفاءة عالية في هذا المجال، إضافة إلى تحضير التقنيات الملائمة للتصدير، وخلق بنيات تعمل على تنفيذ هذه المشاريع وتصديرها بطرق ثابتة.

وأوضح الخبير البيئي أن الرأسمال البشري، الذي يحتوي على أطر لها كفاءات عليا في المجال، يلعب دورا كبيرا في بناء محطات لتوليد الهيدروجين الأخضر وفقا لمعايير الجودة الدولية ومعايير السلامة البيئية، مردفا أن هذه الخطط تستوجب تقنيات تكنولوجية عالية وكوادر علمية بشرية مؤهلة، و‘‘هذا مايقوم به المغرب في معاهد متخصصة في الطاقات المتجددة بأكادير وبنجرير وباقي المعاهد والمدارس العليا الأخرى بالمغرب” حسب المصدر نفسه.

وبخصوص الرهان على موقع المغرب الاستراتيجي، أكد بنرامل على أن المغرب يتميز بموقع جغرافي يؤهله ليكون محطة مهمة للطاقات المتجددة، سواء من حيث المساحات الشاسعة للمناطق الصحراوية التي يُمكن أن تكون مزرعات للطاقات الشمسية، أو من حيث تواجده كموقع مهم للتيارات الهوائية التي تمكِّنه من إنتاج طاقات متجددة عن طريق “عنفات الرياح”.

ومن حيث الرهانات المالية، أضاف بنرامل في جواب عن سؤال يتعلق بما ينقص المغرب للقيام بهذه الطفرات في مجال الطاقة، أن التمويلات المالية هي الحل لاستمرار هذه المشاريع بوتيرة جيدة، مردفا أن “المغرب يسعى إلى تعبئة مجموعة من الموارد سواء من البنك الدولي أو المنظمات البيئية، أو من خلال عقد شراكات مع الدول من أجل تصدير هذه المادة سواء لإيطاليا، أو الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا وغيرها من المشاريع التي سترى النور مستقبلا”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن المملكة أصبحت محطة مهمة جدا لإعداد التجارب المتطورة في مجال الطاقات المتجددة وتجريبها وتصدير هذه الابتكارات لدول أخرى سواء كانت نامية أو متقدمة، موضحا أن هذه التجارب تنعكس على كل القطاعات، اجتماعية كانت أو اقتصادية أو بيئية وحتى الرياضية، بحيث تتيح الطاقات المتجددة للهيدروجين الأخضر كل الاستعمالات في كافة المجالات.

وخلص إلى أن المغرب يستفيد بشكل كبير من الهيدروجين الأخضر، خاصة أنه يسعى إلى السيادة الطاقية الكلية وعدم الاعتماد على استيراد الوقود الأحفوري الذي يكلف الدولة خزينة مهمة من جهة، وسيستفيد من ثمار المشاريع الرامية إلى تشغيل الشباب، وتشجيعهم على البحت العلمي، الذي يخول له أن يكون منصة علمية رائدة.

وتجدر الإشارة إلى أن الملك محمد السادس، أكد في مناسبات عديدة لخطابات عيد العرش المجيد، على مشروع الهيدروجين الأخضر باعتباره العنصر الأكثر أهمية ووفرة في العالم، داعيا الحكومة إلى السهر على التنفيذ السريع والنوعي لمشروع الهيدروجين الأخضر الذي تم إطلاقه في بداية 22 نونبر 2022.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News