سياسة

“حصاد 2023”..هل نجحت حكومة أخنوش في اختبار مواجهة الصدمات؟

“حصاد 2023”..هل نجحت حكومة أخنوش في اختبار مواجهة الصدمات؟

تطوي حكومة أخنوش  2023، وتستقبل عاما جديدا، بعد سنة من مواجهة الصدمات والأزمات على رأسها الورش الأولوي المتعلق بتدبير مخلفات زلزال الحوز، ويفرض العام الجديد الذي تستعد الحكومة لاستقباله رهانات كبيرة معقدة وملفات ثقيلة سياسيا واقتصاديا، تضع حملا ثقيلا على الحكومة التي تدخل السنة الثالثة من ولايتها.

وتُشكّل هذه التحولات اختبارا جديدا للحكومة ومدى قدرته على مواكبة هذه التحولات، في ظل سياق دولي متقلب يستوجب منها اعتماد مقاربة جديدة وتفعيل آليات عمل مبتكرة، قصد إغناء النقاش السياسي العمومي، واقتراح حلول تستجيب لتطلعات المواطنين.

ووجدت حكومة عزيز أخنوش أرضية سياسية متوافق حولها، مطبوعة بانخراط القوى السياسية وباقي الأطراف المجتمعية في تفعيل ورش الدولة الاجتماعية كخيار استراتيجي للمؤسسة الملكية. كما استفادت حكومة عزيز أخنوش من الزمن السياسي الذي انشغلت به الحكومتين السابقتين بقيادة العدالة والتنمية المتعلق بإخراج جل القوانين التنظيمية والأساسية ذات الصلة بدستور 2011.

وفي سياق دولي ووطني صعب موسوم بتوالي الأزمات وارتفاع حدة الصدمات، وجدت وحكومة عزيز أخنوش نفسها أمام محك تفعيل وتنزيل ورش الحماية الاجتماعية الذي قد يحسب لها سياسيا في حالة نجاحها في بلورته وفق الأجندة المرسومة زمنيا وكذا التوجهات الملكية لتعميم الحماية الاجتماعية بدءا بصرف “دعم الفقراء”.

وشكلت  2023 سنة فاصلة في مسار استكمال تنزيل أورش “الدولة الاجتماعية”، وتوفير الموارد المالية الكفيلة بضمان استدامتها، سواء ما يتعلق بتعميم التأمين الإجباري عن المرض، والدعم الاجتماعي المباشر الموجه للأسر التي توجد في وضعية فقر أو هشاشة، والدعم الموجه لاقتناء السكن الرئيسي.

ويرى مراقبون ومتتبعون للشأن السياسي المغربي، أن واقع مرافق الصحة والتعليم والعدل وباقي الإرادات العمومية، لا يختلف تدبيره عن مقاربات الحكومات السابقة، وهو ما يعني أن التدبير الحكومي الحالي مزال يراوح مكانه للوصل إلى النموذج التنموي المنشود من قبل المؤسسة الملكية.

أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة فاس أمين السعيد، أكد أنه “لا يمكن تبخيس المبادرات الاجتماعية التي قامت بها حكومة عزيز أخنوش منذ ثلاث سنوات من تنصيبها، خاصة فيما يتعلق بالدعم الاجتماعي المباشر، وتطوير صيغة دعم السكن، والرفع من كتلة الأجور في الكثير من القطاعات وإحياء الحوار الاجتماعي الذي تبلور فيما أضحى يعرف باتفاق 30 أبريل 2022.

وسجل الأستاذ الجامعي في حديثه لـ”مدار21” حرص الحكومة التي يقودها التجمع الوطني للأحرار، على تنزيل جزء من مخرجات الحوار الاجتماعي، وذلك من خلال رفع الحد الأدنى للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة نسبة 5 بالمئة، ورفع الحد الأدنى للأجر في القطاع الفلاحي بنسبة 10 بالمئة

وبالموازاة مع ذلك، قال أمين السيعد إن الحكومة عملت على الزيادة في المعاشات لفائدة المتقاعدين عن القطاع الخاص، المحالين على التقاعد إلى تاريخ 31 دجنبر 2019، بنسبة 5 بالمئة، مع حد أدنى قدره 100 درهم شهريا وبأثر رجعي من فاتح يناير 2020، بالإضافة إلى تخفيض الاستفادة من معاش الشيخوخة في القطاع الخاص، ورفع الحد الأدنى للأجر في القطاع العام إلى 3500 درهم، وحذف السلم 7 والرفع النسبي من حصيص الترقي.

ويرى أستاذ العلوم السياسية أن السؤال المطروح بشكل كبير في نهاية سنة 2023، يتجلى في مدى نجاح حكومة في تطبيق وتنفيذ ورش الدولة الاجتماعية كما هو منتظر من المواطنين، ذلك أن كل المؤشرات التي تكرست منذ ثلاث سنوات من تنصيب حكومة عزيز أخنوش، تجعل الحكومة الحالية تشتغل على هامش المشهد المجتمعي.

ولفت الأستاذ الجامعي، إلى  نصف مرحلة حكومة عزيز أخنوش اصطدمت مع مشكل احتجاجات قطاع التعليم وأثاره السلبية على العمل الحكومي في مجال حساس وغير قابل للتأجيل، منبها إلى توسع رقعة الاحتجاجات في قطاع التعليم ومخاطر انتقالها إلى قطاعات أخرى قد تشتت الجهد الحكومي وتفرمل البرنامج الحكومي وتنعش الأطراف التي تراهن على فشل حكومة عزيز أخنوش.

وتواجه حكومة عزيز أخنوش وهي تطوي سنتها الثانية وتستقبل أخرى، خمس مشاكل كبرى ومهيكلة في ظل التحولات الدولية المطبوعة المتأزمة والتي تنعكس على الاقتصاد المغربي. وترتبط المشكلة الأولى بكون المبادرات الاجتماعية التي قامت بها حكومة عزيز أخنوش يظل تأثيرها جد محدود في سياق متسم بالارتفاع الحارق والمهول للأسعار واستمرار أثار جائحة كورونا وتوالي سنوات الجفاف.

وتتعلق المشكلة الثانية بظاهرة التنسيقيات وتراجع دور الهيئات النقابية وتأثير ذلك على نجاح الحوار القطاع في القضايا الاجتماعية، بينما تبرز المشكلة الثالثة في عدم قدرة حكومة عزيز أخنوش على إحداث تحول نفسي في المعيش اليومي للمواطن الذي لا يشعر بأن حكومة عزيز أخنوش تمكنت من أن تنسيه هموم التدبير الحكومي السابق.

وتتمثل المشكلة الرابعة في هشاشة التواصل السياسي لحكومة عزيز أخنوش وغياب تصور سياسي قوي ومقنع قادر على بناء خطاب حكومي يناصر القرارات التي تتخذها الحكومة، في حين تهم المشكلة الخامسة هيمنة القنوات التقليدية التواصلية المعتمدة من قبل حكومة عزيز أخنوش، حيث يلاحظ أن فئة عريضة من قيادات حكومة عزيز أخنوش غير منفتحة عن الفضاءات الجديدة المنتعشة بالجمهور وخاصة الشباب العازف وكذا المقاطع للشأن السياسي.

ويرى الأستاذ الجامعي أمين السعيد، أن تقييم أداء حكومة أخنوش خلال السنة التي نودعها يفرض الوقوف على المقاربة التي تبنتها الفي احكومة لأسابيع الأخير الذي يتجلى في فتح مسالك غير ممأسسة للتفاوض مع بعض التنسيقيات، وهو ما يعني بشكل غير مباشر إضعاف النقابات وافراغها من القوة التفاوضية.

وحذر السعيد من تفاقم حدة هذا المنحى في حالة تحقيق التنسيقيات لمكاسب على مستوى الملف المطلبي مقارنة مع النقابات، الأمر الذي سينعكس على النقابات في القطاعات الأخرى، مشددا على أنه يتعين التفكير مستقبلا في إعطاء مكاسب قوية للنقابات على حساب باقي الصيغ الأخرى بهدف الحفاظ على الهيئات الممأسسة قانونيا وتنظيميا دون الأخذ بعين الاعتبار لمرجعيتها النقابية وعلاقتها بالأحزاب السياسية سواء المشاركة في الحكومة أو المتموقعة في المعارضة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News