مجتمع

قروري: الأسرة ليست حلبة صراع بين الرجل والمرأة والمدونة ليست عصا سحرية

قروري: الأسرة ليست حلبة صراع بين الرجل والمرأة والمدونة ليست عصا سحرية

اعتبرت بثينة قروري، أستاذة جامعية في القانون الدستورية وعلم السياسة بجامعة محمد الخامس ورئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، أن انتشار التعديلات التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول مدونة الأسرة، والتي تمثل مطالب جزء من المجتمع المدني سببت نوع من رد الفعل المتخوف من هذه المطالب التي تحاول الدفاع عن المرأة التي تعيش نوع من الظلم داخل المجتمع وداخل الأسرة.

وأوضحت قروري، خلال مرورها ضمن الحلقة الأولى من برنامج “بودكاست مدار21″، الذي تقدمه الزميلة خولة جصاب، أن هذه التخوفات تقدم مؤشرات على حرص المجتمع المغربي على عدم المساس بالتوازنات داخل الأسرة وأن تمس المرجعية الإسلامية، مضيفة أن التعديلات ستهم الجوانب القضائية والمسطرية التي أبانت عن وجود إشكاليات في تطبيق المدونة، موضحة أن الجوانب الدينية سيبدي فيها رأيه المجلس الأعلى العلمي وكذلك الملك محمد السادس بصفته أمير المؤمنين، الذي أكد غير ما مرة على أهمية الأسرة.

وترى رئيسة منتدى الزهراء أن الأسرة ليست بنية عادية بل أساسية وهي أقدم بنية اجتماعية عرفتها المجتمعات، وبالتالي فإن الحفاظ على الأسرة حفاظ على الدولة واستقرارها وحفاظ على الحضارة واستمرارية الأمة، موضحة أن الحفاظ عليها لا ينبغي أن يكون شكليا بقدر ما يجب الحفاظ على روحها كبنية روحية تسندها قيم العدل والإنصاف يجد في الزوج والزوجة نفسيهما معا، وكذلك الأطفال.

وأوردت أن ما يروج من كلام عبر مواقع التواصل الاجتماعي يقدم الأسرة وكأنها حلبة صراع بين الرجل والمرأة، مضيفة أن تسمية مدونة الأسرة تفيد بإعطاء الحقوق للأطراف جميعها، مشيرة بالمقابل إلى أن القانون ليس هو العصا السحرية التي ستحل جميع المشاكل بالمجتمع المغربي، لكن المعول عليه هو التربية أساسا والتوعية للرفع من التعامل الراقي ما بين الرجل والمرأة داخل المجتمع.

وحول سيادة المنطق المادي في النقاش حول مدونة الأسرة، كشفت قروري أن عقد الزواج لديه نوع من القدسية، لكن النمط الثقافي للمجتمع المغربي تأثر بالنمط الثقافي العالمي الرأسمالي، الذي اقتحم الأسرة وجعل عقد الزواج مثل عقد المعاوضة أو شركة، لافتة إلى من بين عوامل هذا النقاش الوضعية الاقتصادية الهشة التي تعيشها مجموعة من الأسر؛ مما يجعل الجانب الاقتصادي حاضرا بقوة في مرحلة عقد القران والطلاق أيضا، داعية إلى العمل على تصحيح هذه المفاهيم.

وأوضحت أن تأثير اشتغال المرأة على مدونة الأسرة وانتشار الطلاق غير دقيق، خاصة في غياب دراسات اجتماعية، مؤكدة أن المعطيات المتوفرة تؤكد أن المرأة رغم دراستها وحصولها على شهادات وعملها ما تزال تقضي خمس ساعات من العمل المنزلي يوميا، مضيفة أن وضعية المرأة داخل الأسرة لم تتغير بمجرد خروجها للعمل.

ونبهت قروري إلى انتشار ظاهرة الطلاق بكثرة داخل المجتمع، إذ مقابل كل 100 عقد زواج يوجد 50 طلب طلاق، وهذا رقم خطير، مرتبط من جهة بالعامل الاقتصادي، ومن ناحية أخرى بتمثلات الطرفين للعلاقة الزوجية، خاصة في ظل التأثير الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي التي روجت بكثرة لثقافة الاستهلاك الرأسمالية، مضيفة أن هناك مشكل قانوني على مستوى الطلاق والتطليق، ذلك أن الجانب المسطري سهل الإجراءات، إضافة إلى أن الصلح في المدونة لم ينجح لأن القاضي ليست مهمته الصلح وله عدد كبير من الملفات، ما يجعل مصير الأسرة يحسم في دقائق.

وأشارت إلى أن منتدى الزهراء يقوم بجلسات للوساطة والصلح بين الأزواج، ما يجعل 70 في المئة من الحالات التي يتم العمل معها تتراجع عن قرار الطلاق، داعية إلى تقنين الوساطة الأسرية وجعلها موازية للمسطرة القضائية، مثيرة مشاكل ما بعد الطلاق وأهمها النفقة، التي تكون في عدد من الحالات قليلة.

وأثارت أيضا مشاكل الحضانة والولاية، التي حولها نقاش إيديولوجي وإشكالات واقعية، مضيفة أن حرمان المرأة من الحضانة بعد زواجها فيه حيف تجاهها، موضحة أنه ينبغي استحضار مصلحة الأطفال، وبالمقابل تشير قروري إلى وجود حالة ابتزاز للرجل وحرمانه من حق الزيارة للأطفال، لافتة أيضا إلى أن هناك رجال يستخدمون سلاح الولاية للانتقام من المرأة.

كما تطرقت قروري خلال هذه الحلقة إلى موضوع الاجتهاد في الأحكام الإسلامية، إضافة إلى مقاربتها إشكالية تزويج القاصرات، إضافة إلى عدد من الإشكاليات المرتبطة بالإصلاحات، مشددة على التركيز على الجانب القيمي وتكوين المقبلين على الزواج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News