أمن وعدالة

للحماية من التعذيب.. 24 ألف زيارة من قضاة النيابة العامة لأماكن الحرمان من الحرية سنة 2022

للحماية من التعذيب..   24 ألف زيارة من قضاة النيابة العامة لأماكن الحرمان من الحرية سنة 2022

قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، إن الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب تعتبر آلية مؤسساتية من شأنها الإسهام بشكل إيجابي في تطوير وتنمية الوعي الحقوقي ومنع التعذيب بالبلاد، مؤكدا على الدور الهام الذي تقوم به المؤسسات الأمنية في مجال الوقاية من التعذيب من خلال إذكاء البعد الحقوقي لمنتسبيها سواء عبر التكوين المستمر او التكوين الميداني، أو من خلال تدبير الأبحاث التي ينجزها ضباط الشرطة القضائية تحت إشراف النيابة العامة باعتبارها جهة قضائية تتولى مهمة الرقابة على عمل الشرطة القضائية. و للإشارة فإن هذه الرقابة القضائية تلتقي في الأهداف والغايات التي تسعى لتحقيقها مع الرقابة الإدارية التسلسلية التي تضطلع بها الجهات الأمنية المختصة من خلال المفتشيات العامة و غيرها من أجل ضمان انفاذ القانون بالشكل الصحيح.

وسجل الداكي في كلمة له صباح اليوم الخميس، بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، في افتتاح المؤتمر الإقليمي حول “دور المؤسسات الأمنية في الوقاية من التعذيب : تجارب وتحديات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، إن هذه الرقابة المزدوجة القضائية والإدارية على عمل ضباط الشرطة القضائية من شانها تكريس احترام حرية وكرامة الاشخاص وتعزيز مجهودات أجهزة إنفاذ القانون في مجال الوقاية من التعذيب.

وانسجاما مع هذا المنحى الذي يدعو إلى تعزيز حماية الأشخاص المحرومين من حريتهم من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة باعتباره الهدف الأساس من اعتماد البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، أكد الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة أن الأمر يقتضي اتخاذ تدابير فعالة لتكريس الوقاية من هذه السلوكات، “وهو ما تحرص عليه مختلف الجهات الساهرة على إنفاذ القانون، ومن ضمنها رئاسة النيابة العامة التي تعمل على جعلها في مقدمة أولويات تنفيذ السياسة الجنائية”.

وأشار إلى أن النيابة العامة تحرص على ضمان التفعيل الأمثل لدور قضاة النيابة العامة الرقابي لأماكن الحرمان من الحرية بما يكفل حماية حقوق الأشخاص المسلوبة حريتهم من أي اعتداء، لافتا إلى أنها تعمل على مواكبة الزيارات الرقابية التي يقوم بها قضاة النيابة العامة لهذه الأماكن، والحرص على تنفيذها بشكل منتظم وفعال بما يتوافق ومقتضيات المادتين 2 و16 من اتفاقية مناهضة التعذيب اللتين تلزمان كل دولة طرف باتخاذ تدابير فعالة لمنع أعمال التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، وفي هذا السياق أصدرت رئاسة النيابة العامة عددا من الدوريات التأطيرية لهذه الزيارات والتي أفضت إلى قيام قضاتها بما مجموعه 24022 زيارة خلال سنة 2022 وهو رقم يتجاوز عدد الزيارات المقررة قانونا والمنصوص عليها في المادة 45 من قانون المسطرة الجنائية وذلك بنسبة بلغت 120 %.

كما حرصت النيابة العامة، ووفق ما جاء على لسان مولاي الحسن الداكي، على القيام بزيارات تفقدية للسجناء بشكل منتظم وفق الآجال المقررة قانونا مع إعداد تقارير خاصة بكل زيارة، تتوخى الاطلاع على شرعية وظروف اعتقالهم ومدى احترام حقوقهم المقررة قانونا، مع التحقق من وضعية بعض الفئات الخاصة من المعتقلين بمن فيهم الخاضعين للعلاج أو الاستشفاء، أو ممن لديهم شكايات أو ملتمسات أو تظلمات، إضافة ّإلى القيام بزيارات منتظمة لمؤسسات معالجة الأمراض العقلية وفق ما تفرضه مقتضيات المادة 25 من ظهير 30 أبريل 1959 المتعلق بالوقاية من الأمراض العقلية ومعالجتها وحماية المرضى المصابين بها، مع إنجاز تقارير بشأن هذه الزيارات والتحقق من سلامة وصحـــــة ظروف إيداع الأشخاص بموجب أوامر قضائية بمستشفيات الأمراض العقلية.

وأكد أن النيابة تدعم أيضا عمل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، مشيرا أنها عملت وفي إطار تفاعلها الإيجابي مع عمل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب التابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، على توجيه تعليمات كتابية إلى النيابات العامة بمختلف المحاكم من خلال الدوريتين الصادرتين عنها تحت عدد 40/ ر.ن.ع/د بتاريخ 01 أكتوبر 2019، والثانية تحت عدد 44س/ ر.ن.ع بتاريخ 16 أكتوبر 2019، اللتين وجهتا النيابات العامة إلى الحرص على التطبيق الفعال للمقتضيات الواردة في القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خاصة ما يتعلق بالتزامات السلطات العمومية اتجاه الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب والتي تتمحور أساسا في تسهيل عملية الزيارات التي تقوم بها الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب لأماكن الحرمان من الحرية وتمكينها من الولوج إلى جميع هذه الأماكن ومنشآتها ومرافقها وإجراء مقابلات خاصة مع الأشخاص المحرومين من حريتهم بصورة منفردة، مع تمكينها من مختلف المعلومات المتعلقة بوضعية الحرمان من الحرية بما في ذلك المعلومات المتعلقة بمعاملة هؤلاء الأشخاص وظروف احتجازهم.

وإلى جانب ذلك، أوضح الداكي أن النيابة العامة حرصت على التفاعل الإيجابي والانخراط في برنامج دعم الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بالبلاد الذي يشرف عليها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وذلك من خلال المساهمة في إعداد بعض الدلائل التوجيهية المرتبطة بعمل هذه الآلية الوطنية كما هو الشأن بالنسبة للدليل الخاص بحقوق السجناء الذي شارفت اللجنة المكلفة بصياغته على الانتهاء من محتواه، والتي تعتبر رئاسة النيابة العامة جزءا منها.

وموازاة مع ما تفرضه المادة 22 من البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب من التزام ببحث التوصيات الصادرة عن الآلية الوقائية الوطنية، يسجل الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، أن الأخيرة حرصت على التفاعل الإيجابي مع مختلف التوصيات المضمنة في تقارير الزيارة الصادرة عن الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب لمختلف أماكن الحرمان من الحرية، مضيفا :”كما انخرطت رئاسة النيابة العامة بشكل فعال في إنجاح الزيارة التي قامت بها اللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب إلى بلادنا خلال الفترة الممتدة ما بين 21 و 28 أكتوبر 2017، وذلك انسجاما مع مقتضيات المادة 4 من البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب التي تخول للجنة صلاحية زيارة كافة أماكن الحرمان من الحرية، وهكذا فقد تم توجيه تعليمات كتابية إلى المسؤولين عن النيابات العامة لدى المحاكم بموجب الدورية رقم 2س/ر ن ع الصادرة بتاريخ 17 أكتوبر 2017، قصد ضمان حرية ولوج اللجنة طوال فترة الزيارة لجميع أماكن الحرمان من الحرية بما في ذلك: المؤسسات السجنية، مخافر الشرطة والدرك الملكي، مراكز حماية الطفولة”.

وشدد على أن الحيلولة الفعالة من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة تقتضي حسب ديباجة البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب التثقيف في هذا المجال، وذلك من خلال برامج تستهدف أساسا نشر أحكام الاتفاقية والبروتوكول الملحق بها، وهو الجانب الذي حرصت رئاسة النيابة العامة على تفعيله من خلال عدة برامج وتدابير، همت إصدار دلائل عملية لفائدة قضاة النيابة العامة في مجال حماية حقوق الإنسان بما في ذلك الدليل الإسترشادي الخاص بمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة سنة 2019، كما عملت على إطلاق برنامج متخصص لتعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان، والذي شمل محورا خاصا بالتدريب على إعمال اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والبروتوكول الملحق بها، وقد انطلق هذا البرنامج بتاريخ 10 دجنبر 2020 حيث استفاد منه 950 مشاركا من قضاة النيابة العامة والحكم وضباط الشرطة القضائية وأطر المؤسسات السجنية والمجلس الوطني لحقوق الانسان والمندوبية الوزارية لحقوق الانسان ، ولازال هذا البرنامج مستمرا حتى الآن ، حيث من المزمع تنظيم ندوة حول البلاغات الفردية في شهر دجنبر المقبل.

وفضلا عن هذه التدابير، قال إن حرصت رئاسة النيابة العامة على تكريس مبدأ التخصص في معالجة قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك قضايا التعذيب إن على المستوى المركزي أو على مستوى المحاكم، حيث تم إحداث قطب خاص برئاسة النيابة العامة مكلف بقضايا حقوق الإنسان والتعاون القضائي الدولي يضم وحدات متخصصة في معالجة قضايا حقوق الإنسان بما في ذلك قضايا التعذيب، أما على مستوى المحاكم فقد تم تعيين قضاة للنيابة العامة متخصصين في معالجة قضايا حقوق الإنسان كنقط اتصال بهذه المحاكم بموجب الدورية الصادرة عن هذه الرئاسة تحت عدد 29/ر ن ع/د بتاريخ 25 يونيو 2020، وذلك بهدف ضمان فعلية الحماية المقررة لفائدة الأشخاص المحرومين من الحرية من كافة الانتهاكات التي قد تطالهم بما في ذلك التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة.

وأبرز المتحدث أن حماية حقوق الإنسان خيارا استراتيجيا بالنسبة للمملكة المغربية، معتبرا أن ذلك يظهر جليا من خلال انخراط المملكة في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وتعزيز ممارستها من خلال الانضمام لعدد من الاتفاقيات الدولية الأساسية بما في ذلك اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والبروتوكول الاختياري الملحق بها الذي تمت المصادقة عليه من قبل بلادنا بتاريخ 24 نونبر 2014.

وفي هذا السياق، يشدد الداكي على أن المملكة، واصلت انخراطها في مسار تحديث منظومتها التشريعية والمؤسساتية بما يتلاءم وأحكام هذه الاتفاقية والبروتوكول الملحق بها، حيث تم إصدار الظهير الشريف رقم 1.18.17 بتنفيذ القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتاريخ 22 فبراير 2018، والذي عمل على إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب وذلك تفعيلا لمقتضيات المادة 17 من البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، التي تنص على التزام الدول الأطراف بإحداث آليات وطنية مستقلة للوقاية من التعذيب، مع ما وفره القانون الوطني من صلاحيات لهذه الآلية بما يتلاءم وأحكام المواد 19 و 20 و 21 من البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، والتي تشمل القيام بزيارات لأماكن الحرمان من الحرية والحصول على جميع المعلومات المتعلقة بالأشخاص المحرومين من حريتهم، وعقد اللقاءات اللازمة معهم إلى غير ذلك من الصلاحيات المقررة بموجب البروتوكول الاختياري، والمكرسة على مستوى التشريع الوطني.

تعليقات الزوار ( 1 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News