“زلزال الحوز”.. محنة الدواوير والقرى مُضاعفة وشهادات مؤلمة توثق هول الفاجعة

بالرغم من أن الآثار المدمرة لزلزال الحوز همت العديد من الحواضر المغربية، وخلفت مئات الضحايا، إلا أن المشاهد القادمة من عديد الدواوير والقرى القريبة من بؤرة الزلزال كانت أشد مرارة من غيرها، نظرا لحجم الأضرار البشرية والمادية الحاصلة.
بين ليلة وضحاها، تحولت عدد من الدواوير بجماعات قروية إلى أطلال، بعدما سوّى الزلزال، الذي ضرب بقوة 7 درجات على سلم ريشتر، كامل بناياتها، التي كان أغلبها منازل طينية لا تتوفر على شروط مقاومة القوة العنيفة لمثل هذه الكارثة الطبيعية.
دقائق قليلة بعد رصد الزلزال، على الساعة الحادية عشرة ليلا و11 دقيقة وثانية واحدة، بمركز جماعة إغيل إقليم الحوز، بدأت تصل نداءات الاستغاثة من دواوير إقليم الحوز وشيشاوة وتارودانت وغيرها، بأصوات وصرخات تختزل حجم المأساة.
وزاد من حجم الأضرار بالأقاليم القريبة من مركز الزلزال انقطاع عدد من الطرق المؤدية للدواوير والجماعات، خاصة الواقعة بالمناطق الجبلية، ما جعل ساكنتها في عزلة تامة، عمقها انقطاع شبكة الكهرباء والاتصالات.
واعتمدت هذه المناطق في تضميد جراحها، قبل وصول سيارات الإسعاف، على مجهودات أبنائها من الشباب الذين سارعوا، بإمكانيات بسيطة إلى الشروع في عملية الإنقاذ واستخراج الضحايا من تحت الأنقاض.
ومن بين المراكز الجماعية التي تضررت بشدة من الزلزال كل من دواوير جماعة ثلاث نيعقوب المحاذية لجماعة إغيل، بؤرة الزلزال، وجماعة مولاي إبراهيم، وجماعة إجوكاك، وجماعة أمزميز، وجماعة أغبار، وجماعة أزكور بإقليم الحوز، وجماعة أداسيل، وجماعة تافنكولت، وجماعة اداواكماض عمالة تارودانت، إضافة إلى عدد من الدواوير بجماعات شيشاوة وتارودانت، لا زالت تحت الأنقاض، في وقت لم يصدر جرد رسمي لأبرز الدواوير المتضررة.
ومع انقشاع ظلام الليل، تجلت بشكل أوضح معالم الفاجعة التي حلت بالدواوير والمراكز القروية بعدد من جماعات أقاليم الحوز وشيشاوة وتارودانت والجماعات المحاذية لمراكش، وذلك بعد انهيار معظم المنازل على أصحابها.
ورصدت كاميرا “مدار21” حجم الفاجعة التي حلّت بجماعة مولاي إبراهيم إقليم الحوز، حيث انهارت مجموعة من المباني على أصحابها، في وقت لجأ الناجون إلى نصب الخيم، تزامنا مع مواصلة فرق الإنقاذ المشكلة من القوات المسلحة والقوات المساعدة والوقاية المدنية عمليات الإنقاذ.
وأطلق العديد من مواطني هذه الدواوير نداءات استغاثة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من أجل إرسال بسيارات الإسعاف لإنقاذ المصابين ممن تعرضوا لإصابات بليغة وكسور وجروج خطيرة.
كما دعا أبناء هذه المناطق إلى فك عزلة هذه الدواوير من أجل وصول المساعدات وفرق الإنقاذ، في وقت عبأت القوات المسلحة الملكية وسائل بشرية ولوجيستية من أجل الإنقاذ، وأكدت وزارة التجهيز والماء مباشرتها عمليات فتح المسالك الطرقية.
ويحكي مواطن من إقليم الحوز، لجريدة “مدار21″، هول الفاجعة، قائلا إنها “كارثة بكل المقاييس، لم يسبق أن عاشتها المنطقة”، مؤكدا أن عائلته تم إنقاذها من طرف الجيران.
وأضاف المتحدث أن “الطامة الكبرى هي انهيار صخور من الجبل منعت وصول فرق الإنقاذ إلى الدواوير”، مناشدا السلطات للإسراع بالالتحاق بالمناطق المنكوبة.
وساعدت البنية التقليدية للمنازل، التي شُيد أغلبها باستخدام الطين، في حصول أضرار كبيرة، مادية وبشرية، ذلك أن دواوير بأكملها تحولت إلى أطلال، في وقت تتواصل عمليات الإنقاذ، في انتظار تقييم حجم الكارثة الإنسانية.
ويروي أحد ساكنة دوار بإقليم أن أغلب الساكنة لقت حتفها جراء الزلزال، بعد انهيار جل المنازل، موضحا أن الناجين لم يعد لديهم مأوى يلجؤون إليه، ويضيف بصوت تختلجه الدموع، تزامنا مع إخراج إحدى الجثث، “نطالب من السلطات مساعدتنا لأن هذه الكارثة لم نعشها يوما من قبل”.
ويحكي المتحدث عن لحظة الكارثة أنه فرّ رفقة بعض من أهل الدوار إلى منطقة فارغة لحظة الزلزال، قبل أن يعودوا لإنقاذ عائلاتهم بعد توقفه بلحظات، مؤكدا وفاة أخته وأخيه وابنته ذات العشر سنوات.
أحد سكان دوار تاجگالت، الذي فقد والده وأخاه وبناته في الزلزال، مع إصابة والدته بجروح بليغة، يروي بحزن شديد لجريدة “مدار21” تلقيه الفاجعة التي ألمت بعائلته من أبناء الدوار، مؤكدا أن حوالي 57 من سكان الدوار لقوا حتفهم، في وقت لا يزال آخرون تحت الأنقاض.
ويضيف المتحدث “لم أكن يوما أتوقع حدوث مثل هذا الزلزال”، واصفا ما حدث بـ”الكارثة”، مناشدا السلطات العمومية التدخل، موضحا أن أخاه وبناته لازالوا تحت الأنقاض إلى حدود اللحظة.
ولا تزال فرق الإنقاذ بشتى تلاوينها تواصل العمل من أجل إنقاذ الضحايا من تحت الأنقاض، في انتظار الوصول إلى باقي الدواوير المنكوبة.
ووثقت مقاطع فيديو شروع ساكنة الدواوير في دفن ضحايا الفاجعة، إكراما لهم، في انتظار استئناف عمليات الإنقاذ وانتشال الجثث، في وقت تشير كل المعطيات إلى أن هذه المناطق تلزمها أيام للتعافي من حجم الكارثة المادية، أما البشرية لمن فقدوا أحبابهم، فهي لن تعوض بأي حال من الأحوال.