ثقافة

“أزمة وساطة” و”غياب” ثقة في المؤسسات.. خبراء وباحثون يكشفون أسباب “تفجّر” الحركات الاجتماعية

“أزمة وساطة” و”غياب” ثقة في المؤسسات.. خبراء وباحثون يكشفون أسباب “تفجّر” الحركات الاجتماعية

حاول خبراء وأساتذة وباحثون في الندوة التي نظمتها مجلة دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، أول أمس الأربعاء، بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، النبش في موضوع “الحركات الاجتماعية وأزمة آليات الوساطة”.

أزمة وساطة وأزمة ثقة

قال الأستاذ الجامعي، أحمد البوز، إننا نعيش “أزمة وفي الوقت نفسه تحولا على مستوى الوساطة الممارسة من قبل المؤسسات التقليدية”.

وحدد البوز، في مداخلة أثناء هذه الندوة، عناصر الأزمة في “التصور المحدد للأحزاب السياسية والوظائف التي يجب أن تشغلها في النسق السياسي المغربي”، مبرزا أننا “لم نخرج من معضلة الحزب الأغلبي في السنوات الأخيرة، وعدم وجود تصور مضاد أو مشروع منافس يمكن أن ينافس المشروع المهيمن”.

واشار المتحدث ذاته إلى أن هاته المشاريع تطرح في ساحة التنافس الإنتخابي، وبالتالي تحملها أحزاب وحركات، مشدّدا على أنه “يفترض على الدولة أن تكون فوق هاته المشاريع والتنافس”.

ولفت البوز إلى أن الأحزاب “تقدم المشاريع ذاتها”، موضحا “يبدو أن الأحزاب اعتادت على إطار مرسوم لها واستأنست على هذه الوضعية التي حُشرت فيها منذ السبعينات إلى اليوم”.

وتابع: “عند الحديث عن الأزمة يجب أن نستحضر هذه الهوة السحيقة بين الحقل الحزبي والروافد الاجتماعية”، كاشفا أن هناك استطلاعات “تبين الصورة السلبية المسوقة عن الأحزاب والمؤسسات والحقل الحزبي، ومنه الانتخابات، لدى الرأي العام، إلى جانب النخبة السياسية التي تسجل نسبة عالية في العزوف السياسي، بسبب فقدان الثقة”.

ويرى الأستاذ الجامعي عينه أن الخطاب السياسي الرسمي يكوّن “صورة سلبية عن الأحزاب، وحتى هاته الأحزاب السياسية بنفسها تقدم صورة سلبية عن نفسها ما يولد الأزمة”، وأبرز أن الدينامكية الاجتماعية “أدت دورا إيجابيا وآخر سلبيا في إضعاف الحقل الحزبي، ناهيك عن وجود نوع من الإغراء الذي غذته الشعبوية ووسائل التواصل الاجتماعي”، مضيفا: “الآن المواطن أصبح هو نفسه جريدة وحزب ويطمح أكثر إلى تأسيس قنوات اتصال مباشر مع الفاعل المدني والحزبي والمؤسساتي والمؤسسة الملكية”.

مؤسسات الوساطة.. ضرورة ملحة

من جانبه، قال عضو المجلس الدولي للمنتدى الاجتماعي العالمي كمال لحبيب، إن الإشكالات التي نواجهها داخل هاته الحركات الاجتماعية “تكمن في كيفية ضبطها والتجاوب معها والرد على مشاكل الساكنة، في ظل غياب الديمقراطية وغياب الحلول التي تحد من التطور”، وفق تعبيره.

وأضاف لحبيب، في مداخلته، أن الاحتجاجات في غالبها تكون حول “غلاء المعيشة” و”إشكال التشغيل”، مؤكدا أن اللجوء إلى مؤسسات الوساطة “بات ضروريا في ظل الواقع الذي يفرض إيجاد حلول”، مشددا على أنه ينبغي منحها “صلاحيات أوسع لنخطو خطوة في مسار التقدم، حيث إن غياب أطراف تستمع وتتفاعل تزيد من حدة الوضع”.

بدوره، أكد لحبيب أن ثمة “فقدان للثقة في الأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة بشكل كبير”، مستغربا في الوقت ذاته توقف الحوارات التي فتحت في وقت مضى في عدد من القضايا التي تهم المجتمع.

وأوضح المتحدث نفسه قائلا: “هاته الحركات والمجتمع والساكنة لا تطالب بالإشراك، بل تطالب بشراكة وفق ما ينص عليه الدستور الذي يلزم بذلك، في حين أن الدولة لا تحترم هذا الأمر”.

ولفت لحبيب وهو أيضا عضو مؤسس لمنتدى بدائل المغرب إلى أن “الأحكام الثقيلة التي صدرت في حق المحتجين ساهمت في زرع الخوف في صفوف بعض الأشخاص”، مشددا على ضرورة خلق الوساطة بين المتضرر والمؤسسات.

واسترسل: “إن الإشكال في الغموض الذي يلف حول سياسة الدولة والحرج الذي تكون فيه الأحزاب والنقابات في بلورة مطالب جريئة”.

بروز الحركات الاجتماعية سببه غياب الثقة في المؤسسات

أما الباحث في علم الاجتماع عبد الرحمان رشيق، فقال إن الحركات الاجتماعية الجديدة برزت في الثمانينات، إذ منها من تُعنى بحقوق الإنسان وتدافع عن قيم المساواة والعدالة، وجمعيات إسلامية، وأخرى نسائية تجتمع في الدفاع عن القيم”.

وأشار رشيق إلى ظهور أشكال جديدة تنافس النقابات مثل “التنسيقية” غير أنها لم تحصل على اعتراف قانوني، مثل “تنسيقية الأساتذة المتعاقدين التي رفضت الحكومة التحاور معها”.

وفي ما يخص التدبير السياسي لهاته الحركات، كشف المتحدث ذاته أن سنة 2005 شهدت 700 وقفة التي أدلى بها آنذاك شكيب بنموسى باعتزاز، باعتباره مؤشرا عن الديمقراطية في البلاد، ثم انتقلنا في سنة 2008 إلى 5000 وقفة، قبل أن يفوق العدد 10 آلاف وقفة ما بعد سنة 2010، قبل أن يتم منع الاحتجاجات في الشوارع دون رخصة قانونية في عهد حكومة عبد الإله بنكيران.

واستحضر رشيق الاعتقالات التي شهدتها احتجاجات الحسيمة التي أسفرت عن إصدار عقوبات ثقيلة في حق العديد من المتظاهرين.

وتحدث الباحث أيضا خلال الندوة عن مسألة الثقة الضعيفة في المؤسسات التي منحت للحركات الاجتماعية البروز مثل “التنسيقيات” و”حركة 20 فبراير”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News