اقتصاد

دراسة: غياب صندوق الزكاة له “عيوب عديدة” وثقة المغاربة بالمؤسسات شرط لنجاحه

دراسة: غياب صندوق الزكاة له “عيوب عديدة” وثقة المغاربة بالمؤسسات شرط لنجاحه

بينما لم يرى صندوق الزكاة بالمغرب الضوء بعد رغم توالي الدعوات إلى تأسيسه، أبرزت دراسة حديثة حول “النية السلوكية للمشاركين في الزكاة تجاه صندوق الزكاة في المغرب”، نشرت ضمن المجلة الدولية للتمويل الإسلامي، أن ثقة المواطنين في المؤسسات العمومية ضرورية لتأسيس صندوق زكاة مركزي بالمغرب.

الدراسة التي أجراها أربعة باحثين، بينهم مغربي، استندت إلى استقصاء رأي أكثر من 300 شخص وإلى دراسات سلوكية، مؤكدة ضرورة بناء الثقة بين المواطنين والمؤسسات الحكومية لتأسيس صندوق الزكاة في المغرب، لاسيما وأن المغاربة يفضلونه حسب دراسات سابقة.

وتعرف هذه الدراسة الزكاة بأنها “أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية”، تستخدم “لتوفير الموارد النقدية اللازمة لتعزيز التنمية من خلال تأثيرها المباشر والفعال على اكتناز المال”، إذ يمكن استخدام المبالغ المحصلة من الزكاة في مشاريع تنموية مختلفة مثل توفير أدوات الإنتاج وخلق مشاريع مدرة للدخل.

وذهبت الدراسة إلى أن فعالية الزكاة كألية للحماية الاجتماعية تختلف باختلاف طريقة جمعها وإدارتها والظروف الجغرافية والسياسية للبلد.

“عيوب عديدة” لغياب صندوق الزكاة

واعتبر الباحثون الأربعة أن “غياب مؤسسة مركزية للزكاة له عيوب عديدة، بما في ذلك عدم توفر الملفات والوثائق الذي يصعب معرفة من دفع بالفعل الزكاة والمستفيدون منها، الأمر الذي يمكن أن يتسبب في حصول المستفيد على الزكاة أكثر من مرة، مقابل عدم حصول الآخرين.

وأوضحت الدراسة إن إدارة الزكاة تختلف من دولة إلى أخرى، إذ تتبنى العديد من الدول الإسلامية نظامًا لجمع الزكاة يتم تنفيذه من قبل الحكومة، حيث توجد في بعض الدول مؤسسات رسمية مع جعل دفع الزكاة طوعي مثل البحرين وبنغلاديش ومصر وإندونيسيا وإيران والعراق والأردن والكويت ولبنان وقطر والإمارات العربية المتحدة، بينما في حالات أخرى، يكون دفع الزكاة للحكومة إلزاميا مثل حالات دول ليبيا، السودان، اليمن، المملكة العربية السعودية، ماليزيا وباكستان)، غير أن الزكاة في بعض البلدان متروكة للأفراد دون أي تدخل الدولة مثل المغرب وتونس.

وأفادت الدراسة أن 21 بالمئة من المستجوبين لا يعرفون الفرق بين زكاة الفطر وزكاة المال، كما أكد استطلاع رأي 374 إجابة، من بيهم 49.2 في المئة نساء، أن 37.5 في المئة من المؤمنين بالزكاة تتراوح أعمارهم بين 25 و 35 سنة، في حين أن 58.1 في المئة منهم عازبون و 57.2 في المئة ليس لديهم مُعَالون.

ووفق الدراسة أكد 97.8 في المئة من المؤمنين بالزكاة بأن الزكاة إلزامية من الناحية الدينية، إضافة إلى أن 23.2 في المئة ادعوا أن الزكاة يجب أن تُدفع أكثر من مرة في السنة سنة، حيث رجحت الدراسة أنهم ربما أخذوا زكاة الفطر بعين الاعتبار .

واعتبر 67.3 في المئة من المؤمنين بالزكاة أن الفقراء والمحتاجين وحدهم المؤهلون لتلقي الزكاة، فيما وافق 88.3 في المئة من المستجوبين على أنه يجوز التبرع بالزكاة للمؤسسات الخيرية، وفق الدراسة.

واختار المستجوبون تخصيص الزكاة لصالح أفراد المجتمع القريب منهم، يليها التبرع بالزكاة للجمعيات أو المنظمات غير الحكومية الأخرى التي تتواصل مع المحتاجين، بينما يأتي في الدفعة الثالثة المستفيدين من الأسرة المباشرة والممتدة (الإخوة، الأخوات، أبناء الأخ، أبناء العم، بنات الأخ، إلخ).

وأبرزت الدراسة أن “قلة فقط من المؤمنين بالزكاة يعطون الأولوية للأشخاص من نفس منطقة الأصل أو القبيلة أو المجموعة الاجتماعية، فيما جاء دفع الزكاة للإمام أو المسجد كخيار أخير يختاره المؤمنون بالزكاة “.

وأكدت الدراسة أنه “بناء على بيانات عام 2007، تم تقدير الدخل المحتمل من الزكاة في المغرب 1.3 مليار دولار في السنة، لعدة سنوات، وتزايدت هذه الإمكانية على مر السنين، خاصة مع تنمية اقتصاد البلاد وكذلك الارتفاع المطرد في مستوى المعيشة في السنوات الأخيرة “.

كما أشار الباحثون إلى دراسة سابقة أجريت عام 2019، ووجدت أن “غالبية المبحوثين يوافقون على إنشاء مؤسسة زكوية في المملكة، لكنهم يفضلون هيكل خاص أو شبه عام مع إمكانية الاحتفاظ بجزء من الزكاة للتوزيع الإرادي، ما يفسر بنقص الثقة في القطاع العمومي بالمملكة.

العوامل المؤثرة في نية دفع الزكاة

وسلطت الدراسة الضوء على العوامل السلوكية المؤثرة في نية المزّكين بالمغرب لدفع الزكاة إلى صندوق الزكاة الوطني، معتبرة أن الأشخاص الذين لديهم موقف إيجابي تجاه دفع الزكاة لصندوق مركزي مؤهلون أكثر لدفع الزكاة لهذا الصندوق. وتوصل الباحثون إلى أن “الموقف الوحيد له تأثير إيجابي كبير على نية المغاربة”. وخلصت إلى أنه “لكي ينجح صندوق الزكاة، يجب على الحكومة أن تسعى جاهدة لخلق موقف إيجابي بين المغاربة تجاه الصندوق”، إذ يجب على السلطات بذل جهود كبيرة لرفع الوعي العام بدور صندوق الزكاة المركزي وقدرته على معالجة القضايا الاجتماعية.

وتوصلت الدراسة إلى أن التدين هو أحد الدوافع المهمة للموقف من الزكاة، ما جعلها تنصح بإعطاء صندوق الزكاة بعدا دينيا وليس سياسيا أو حكوميا، موضحة في هذا السياق أن السلطات يمكنها أن تقتدي بالتجربة الماليزية الناجحة لعزل مؤسسات الزكاة والوقف عن طريق وضعها تحت سلطة المجالس الدينية.

تعزيز الثقة..

ومن أجل تحسين ثقة بين المواطنين تجاه صندوق الزكاة ، أوصت الدراسة بتوفير منصة زكاة لإتاحة إمكانية التتبع والمراقبة من مرحلة التبرع إلى توزيع الأموال على المستفيدين، مع نشر التقنيات المالية من خلال اعتماد تقنيات العقود الذكية لضمان الأمان والموثوقية والشفافية وإمكانية التتبع.

وأوصت الدراسسة بنشر التقارير المالية عن طريق نشر التقارير ربع السنوية، مؤكدة على ضرورة تعيين مدققين داخليين للتأكد من أن أموال الزكاة تخضع للتدقيق الداخلي بانتظام لضمان توزيع أموال الزكاة المحصلة بحكمة، إضافة إلى مدققين خارجيين مستقلين لتقييم دقة التقارير المنشورة ونتائج التدقيق الداخلي، مع توفير التدريب الكافي لتأهيل الموظفين.

وسبق لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، أن حسم النقاش بشأن إحداث صندوق الزكاة سنة 2020، موضحا أنه المسألة يقرر فيها أمير المؤمنين الملك محمد السادس، في الوقت الذي يراه وبالكيفية التي يراها، موضحا أنه “منذ مدة، أمرنا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس بإعداد جميع الوثائق والتصورات المتعلقة بالزكاة ودليل خاص بها، وهي وثائق موجودة”، وأن الملك “سيقرر تنظيمها بالكيفية التي يراها مناسبة للشرع والاجتهاد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News