مجتمع

هيئة مكافحة الرشوة تطالب بإقرار عقوبات سجنية لتجريم الإثراء غير المشروع

هيئة مكافحة الرشوة تطالب بإقرار عقوبات سجنية لتجريم الإثراء غير المشروع

وسط تأخر الحكومة في إخراج مشروع القانون الذي يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، والمتضمّن لمقتضيات تجرم الإثراء غير المشروع، دعا محمد بشير الراشدي رئيس للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إلى إدراج هذه الجريمة ضمن قانون خاص، وضمن الجرائم الجنائية، مع اعتماد العقوبة السالبة للحرية في معاقبة المتورطين فيها.

واقترحت هيئة مكافحة الرشوة، حسب ما أعلن ذلك الراشدي خلال اجتماع لجنة مراقبة المالية بمجلس النواب، تجريم حصول زيادة كبيرة في ثروة الموظف العمومي أو من في حكمه أو في ثروة زوجه أو أبنائه القاصرين بعد تولي الوظيفة أو قيام الصفة، مع عدم تناسب الزيادة مع المداخيل المشروعة، والعجز وعدم القدرة على تبرير ذلك.

وباستقراء المرجعيات الدولية لمكافحة الفساد، طالبت الهيئة الدستورية، باعتماد مبدإ الحكم بالغرامة المساوية لقيمة الكسب غير المشروع مع رد الأموال، على أن سقوط الدعوى الجزائية بالوفاة لا يحول دون تنفيذ الحكم برد الأموال، مشددة على ضرورة إخضاع الأشخاص المعنويين لأحكام قوانين الإثراء غير المشروع، واعتماد آلية استرجاع الموجودات غير المشروعة العائدة للسياسيين الأجانب أو أقاربهم.

ومنذ أن أحالته حكومة عبد الإله بنكيران على مجلس النواب المغربي بتاريخ 24 يونيو 2016، ظل مشروع القانون الذي يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، خصوصا الفصل المتعلق بالإثراء غير المشروع، مثار جدل ونقاش واسع دون أن يعرف الانفراج.

وقررت حكومة أخنوش سحب المشروع من البرلمان مبررة خطوتها “بضرورة مناقشة مشروع القانون المثير للجدل في شموليته”، وفق ما قاله الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس.

وينص الفصل 8-256 من مشروع القانون، “يعد مرتكبا لجريمة الإثراء غير المشروع، ويعاقب بغرامة من 100 ألف إلى مليون درهم كل شخص ملزم بالتصريح الإجباري بالممتلكات طبقا للتشريع الجاري به العمل ثبت توليه للوظيفة أو المهمة أن ذمته المالية أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح عرفت زيادة كبيرة وغير مبررة، انطلاقا من التصريح بالممتلكات الذي أودعه المعني بالأمر بعد صدور هذا القانون مقارنة مع مصادر دخله المشروعة، ولم يدل بما يثبت المصدر المشروع لتلك الزيادة”.

وأضاف الفصل ذاته أنه “علاوة على ذلك يجب في حالة الحكم بالإدانة، الحكم بمصادرة الأموال غير المبررة طبقا للفصل 42 من هذا القانون والتصريح بعدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف أو المهام العمومية طبقا للفصل 86”.

وحسب مقترحات هيئة مكافحة الرشوة التي تضمنها تقريرها السنوي برسم 2021، يتعين الحرص على  تحقيق التوازن بين حق الدولة في حماية أمنها وأمن مجتمعها، وحق المواطنين في إثبات براءتهم، داعية النيابة العامة إلى رصد أي “زيادة كبيرة” في ثروة الموظف العمومي أو من في حكمه أو في ثروة زوجه أو أبنائه القاصرين بعد تولي الوظيفة أو قيام الصفة، مع عدم تناسب الزيادة مع المداخيل المشروعة.

واقترحت الهيئة التي يرأسها محمد بشير الراشدي، إعمال مبدإ تحويل عبء إثبات مشروعية زيادة الثروة من النيابة العامة إلى المتهم، على غرار مجموعة من الجرائم التي لا يمكن إثباتها بغير هذا الإجراء المسطري، مع اعتبار هذه الجريمة جريمةً مستقلة بمقوماتها الجرمية وعقوباتها وقواعدها الإجرائية.

ومن أجل تفعيل التوجهات المقترحة من أجل اعتماد تشريع ناجع، دعت هيئة محاربة الرشوة إلى تحديد المقومات المتعلقة بالتعريف الواضح والمتكامل لهذه الجريمة، وتحديد الأشخاص المعنيين بها، مع تثبيت أركانها الجرمية، وتحديد الجزاء المناسب لها.

وشدد المصدر ذاته على ضرورة إرساء الآليات الملائمة لرصدها والتحري عنها في إطار من التكامل والتعاون المؤسساتي، معتبرة أن الوعاء القانوني الأنسب لهذه الجريمة، هو إفرادها بقانون خاص يضبط مقتضياتها الموضوعية والإجرائية، بما ينسجم مع انفراد هذه الجريمة بخصائص تميزها عن باقي جرائم الفساد الأخرى.

ودعت الهيئة، إلى اعتبار هذه الجريمة من الجرائم المرتكبة من طرف الموظف العمومي بمفهومه الجنائي، مع إلحاق ثروة الأبناء القاصرين والمتكفل بهم، مطالبة بشمول نطاق الإثراء غير المشروع للموجودات بشكل عام؛ بما يستوعب الأموال، سواء المنقولة أو العقارية، أو غيرها من الأشياء الثمينة أو التي تحقق فوائد كبيرة.

وتعتبر هيئة مكافحة الراشدي، أن الإثراء غير المشروع، يتحقق بالزيادة الكبيرة في موجودات الموظف العمومي أو الأشخاص الملحقين به، والتي طرأت بعد تولي الوظيفة أو قيام الصفة، وكانت لا تتناسب مع مداخيله المشروعة، وعجز عن إثبات مصدر مشروعيتها، مع التأكيد على قيام جريمة الإثراء غير المشروع على مبدأ العمد،  أي تحقُّقِها بالقصد الجنائي العام بعنصريه العلم والإرادة

ومن أجل تجريمه، دعت الهيئة ذاتهـا إلى اعتماد الجزاء المناسب الذي يتضمن العقوبة الحبسية أو السجنية والغرامة، والحرمان من العائدات، وكذا الحرمان من بعض الحقوق، بما فيها إسقاط الأهلية لتولي المناصب العمومية أو الانتدابية أو تولي المناصب في المنشآت المملوكة كليا أو جزئيا للدولة، مع التأكيد على أهمية التنصيص على مبدأ نشر العقوبات.

وطالب المصدر نفسه، بإرساء الآليات الملائمة للرصد والتحري عن جريمة الإثراء غير المشروع من خلال رصدها عبر تتبع التصاريح بالممتلكات من قبل المجلس الأعلى للحسابات، عبر صلاحيات البحث والتحري عن جرائم وأفعال الفساد التي تضطلع بها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.

كما اقترحت “هيئة الراشدي”، اعتماد آلية لتلقي التنبيهات أو المعلومات عن حالات الاشتباه بها من المؤسسات المؤهلة لاكتشاف تطور الثروات، بحكم صلاحياتها وتوفرها على المعطيات، مع التنصيص على تحريك النيابة العامة للدعوى العمومية في جريمة الإثراء غير المشروع بشكل تلقائي، بناء على تلقيها الإحالات والمحاضر، خاصة من المجلس الأعلى للحسابات ومن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وبشكل عام، من قِبل السلطات المنتصبة التي يمكن أن ترصد أجهزتها الرقابية شبهاتٍ بالإثراء غير المشروع، وذلك طبقا لمقتضيات المادة 42 من قانون المسطرة الجنائية.

وشملت مقترحات هيئة مكافحة الرشوة، لتجريم الإثراء غير المشروع، احتساب تقادم الدعوى العمومية فيها يسري ابتداء من تاريخ اكتشافها، أو ابتداء من ترك الوظيفة بأي شكل من الأشكال، على أن تسري على التقادم في مصادرة عائدات هذه الجريمة، مدة مساوية للتقادم المنصوص عليه في قانون المسطرة المدنية بالنسبة للأحكام المتعلقة برد وإرجاع الأموال إلى المتضررين المطالبين بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News