ثقافة | حوارات

رومات تكشف خبايا كتابها الأفضل بالعالم وتؤكد: الذكاء الاصطناعي جعل التعليم “قطاعا سياديا”

رومات تكشف خبايا كتابها الأفضل بالعالم وتؤكد: الذكاء الاصطناعي جعل التعليم “قطاعا سياديا”

تربع كتاب “الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي والبحث العلمي”، للباحثة المغربية فاطمة رومات، على عرش قائمة أفضل عشرين كتابا في العالم في كل الأوقات من طرف موقع “BookAuthority”، الرائد عالميا في تصنيف الكتب والمتخصص في تقديم توصيات وتقييمات حول أفضل الكتب المنشورة في كافة المجالات البحثية.

وفي حوار مع جريدة مدار21، تسرد الأستاذة الجامعية والعالمة في الذكاء الاصطناعي، فاطمة رومات، مراحل إصدار هذا المؤلَّف، الذي أشرفت على تنسيقه، من الفكرة إلى النّشر، وتحقيقه الريادة العلمية، ثم تعرج على الحديث عن أهمية إدراج الذكاء الاصطناعي في التعليم، وضرورة الارتقاء بواقع البحث العلمي بالمغرب.

بداية، ما طبيعة هذا المشروع؟

الأمر يتعلق بمشروع بحثي متكامل ومدروس بشكل جيد لكي نضمن له النجاح في كل المراحل التي مر منها إلى أن وصل إلى هذا المستوى. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المشروع ليس الأول الذي ننجزه بل سبق أن أشرفت على ثلاثة مشاريع من هذا النوع، واحد منهم تم نشره من طرف دار النشر نفسها، وقد كان المشروع الأول حول “المجتمع المدني والديمقراطية و شبكات التواصل الاجتماعي”، نشرت الطبعة الأولى منه سنة 2017 والطبعة الثانية سنة 2020.

الكتاب الثاني يحمل عنوان “الذكاء الاصطناعي والدبلوماسية الرقمية: التحديات و الفرص”، ونشر سنة 2021 مع دار النشر العالمية “سبرينجر”، و قد لقي اهتماما كبيرا من طرف الدبلوماسيين، لاسيما من طرف السفراء الأجانب للدول المتقدمة في مجال الدبلوماسية الرقمية، والتي تتوفر على مبعوثين خاصين بالذكاء الاصطناعي لدى الولايات المتحدة الأمريكية في وادي “السليكون”.

أما الكتاب الثالث فهو الذي حاز هذا الترتيب العالمي، والذي يحتل المرتبة الأولى في اللائحة التي تشمل أفضل عشرين كتاب في العالم وفي التاريخ حول الذكاء الاصطناعي.

كيف تولدت لديك فكرة إصدار هذا الكتاب؟

جاءت فكرة المؤلَّف خلال مشاركتي في صياغة التوصية حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، التي شاركت في كتابتها في أثناء تمثيلي للمغرب ضمن مجموعة مكونة من 24 خبيرا قسمت إلى 3 مجموعات مصغرة، اشتغلت كل واحدة على صياغة جزء من مشروع التوصية.

كُلفت بصياغة الجزء الأول (الديباجة) مع بعض الزملاء، وكان ذلك ضمن المجموعة المصغرة الأولى، وشاركت أيضا ضمن المجموعة المصغرة الثالثة التي أسند إليها صياغة التدابير والإجراءات السياسية. ضمن هذه المجموعة المصغرة، قمت بمهمة صياغة التدابير والإجراءات المتعلقة بعدد من المواضيع أهمها أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والبحث العلمي. بعد ذلك، ونظرا للتحديات الكبيرة التي يطرحها الذكاء الاصطناعي في التعليم والبحث العلمي، قررت إنجاز هذا الكتاب.

ما الذي يميز هذا المؤلَّف وجعله يحظى بهذه المرتبة؟

ما يميز هذا الكتاب كونه يندرج ضمن الدراسات المستقبلية كما هو واضح من العنوان وتبنينا فيه المقاربة الاستشرافية، إضافة إلى مقاربات أخرى. أيضا حاولنا أن نقدم من خلال هذا المشروع وجهات نظر من مختلف البلدان والقارات، باعتبار أن هناك مشاركين من أوروبا وروسيا وأمريكا اللاتينية وغيرها من الدول.

المشاركون ينتمون إلى حقول معرفية مختلفة من الرياضيات إلى القانون الدولي مرورا بعلوم الهندسة والبرمجيات والإعلام والتواصل، إلى جانب علوم الاجتماع والسياسة والاقتصاد. واعتمدنا كذلك على مقاربة النوع الاجتماعي، فكانت هناك مشاركات نسائية متميزة.

أعلنا عن دعوة لتقديم أوراق بحثية وتوصلنا بحوالي عشرين مقترحا أجنبيا، وثلاثة مقترحات من باحثين شباب في سلك الدكتوراه، لأنهم مطالبين بنشر مقالين على الأقل لقبول مناقشة أطروحة للحصول على شهادة الدكتوراه. تم قبول مقترحاتهم أولا لأهميتها، وثانيا لتعزيز المشاركة المغربية في هذا الكتاب.

ما المراحل التي مرّ منها الكتاب قبل أن يخرج إلى حيز الوجود؟

الأمر لم يكن سهلا نظرا للمعايير الأكاديمية الصارمة لدار النشر، لذلك فالكتاب مر من العديد من المراحل لتقييمه، والتي دامت سنتين.

في المرحلة الأولى تم تقييم المشروع من طرف لجنة علمية دولية، وبعد التوصل بالتقارير الإيجابية من الجهات التي قامت بالمراجعة، والتي لا علم لي بمن تكون، كما أن المشروع أرسل لها دون أسماء، بعد ذلك تم إبرام العقد مع دار النشر المذكورة، وسلمنا الكتاب لها في التاريخ المنصوص عليه في العقد. أشير هنا إلى أن الكتاب حول الذكاء الاصطناعي والدبلوماسية الرقمية تمت مراجعته في جامعة “أوكسفورد” والجامعة الهولندية “لييدن”.

المرحلة الثانية كانت عرض الكتاب على السلسلة التي تبنت نشره و أيضا قامت بتقييمه، ثم جاءت بعد ذلك كانت المرحلة الأخيرة، التي انصبت على مراجعة المحتوى وتدقيقه سواء من حيث المضمون (غموض المعنى مثلا)، أو من حيث الشكل، أي تدقيق الإحالات والمصادر والروابط، وكذا التدقيق اللغوي. طيلة هذا المسار كان يجب أن أنسق من جهة مع الفريق البحثي المشارك في الكتاب، ومع الفريق الذي يشتغل على النشر والتابع لدار النشر المكون من أربعة أشخاص، وهم المسؤول على المراجعة، والمسؤول على إنتاج الكتاب، والمسؤول على الدعاية، والمسؤول المكلف بالتسويق، من جهة أخرى.

ما هي المواضيع التي يتناولها الكتاب؟

الكتاب يتناول مجموعة من المواضيع مثل الجامعات الافتراضية وتحديات أخلاقيات البحث العلمي في عصر الذكاء الاصطناعي، وتحولات الثورة العلمية والتكنولوجية، ناهيك عن دور الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي والبحث العلمي في إطار نموذج التنمية المستدامة، ثم التحديات القانونية والتشريعية المرتبطة بهذا الموضوع، والقرصنة العصبية والذكاء الاصطناعي وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي والتعليم العالي والبحث العلمي، وغيرها من الإشكالات.

ما رأيك في واقع البحث العلمي بالمغرب في السنوات الأخيرة؟

بالنسبة لواقع البحث العلمي، الميزانية المخصصة للبحث العلمي لا ترقى للتحديات المطروحة على البلد، إذ تمثل نسبة 0.75 في المئة من الناتج الداخلي بالمغرب، مقابل 0.76 في المئة في رواندا، و0.96 في المئة في مصر وفي الإمارات العربية المتحدة 1.45، فيما تبلغ بإسرائيل 5.44 في المئة، حسب الإحصائيات الأخيرة للبنك الدولي.

النشر في المجلات العلمية المصنفة والمشاركة في الندوات الدولية تؤدى عنها مبالغ مرتفعة، وكل الجامعات الدولية تقدم الدعم المادي لأنشطة البحث العلمي التي يقوم بها الأساتذة الباحثون والطلبة في سلك الدكتوراه ما عدا لدينا.

كما أن مظاهر التدبير السلبي للمؤسسات الجامعية ما يعرف بإجازة التميز وماستر التميز والتي تضرب مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين كل الطلبة، وتعزز الفوارق الطبقية بدل العمل على ضمان التميز للجميع والارتقاء بمستوى التعليم العالي للجميع كما هو الأمر في البلدان، التي لديها أنظمة تعليمية نموذجية مثل فنلندا وغيرها من الدول، التي تحتل جامعاتها الصدارة في التصنيفات العالمية.

إضافة إلى أن الذكاء الاصطناعي ارتقى بقطاع التعليم من مجرد قطاع يسهر على ضمان الحق في التعليم لكل الأفراد إلى قطاع سيادي يرهن سيادة الدول المستخدمة له، ويجب أن ينظر إليه على هذا الأساس، وفي أثناء تشكيل الحكومات وعلى مستوى قوانين المالية والميزانية المخصصة له.

وأذكر أيضا بأهمية المبادرات الفردية لبعض الأساتذة والأستاذات داخل الجامعات المغربية، خاصة في كليات العلوم، الذين يعملون على توجيه طلبة البحث العلمي المهتمين بالذكاء الاصطناعي وتأطير بحوثهم الجامعية، حتى في الغياب التام لأي دعم مادي لهؤلاء الباحثين الشباب، الذين اختاروا خوض هذه المغامرة الصعبة ومن منطلق أساسي ينبع من وطنيتهم وحبهم لهذا البلد، منتظرين، ومعهم نحن، وضع إستراتيجية تعليم معتمدة على الذكاء الاصطناعي وخلق البنية التحتية التكنولوجية المعتمدة على خارطة طريق واضحة كفيلة بجعل قطاع التعليم قطاعا سياديا.

يذكر أن فاطمة رومات أستاذة في القانون الدولي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، وتشغل مسؤولية الرئيس المؤسس للمعهد الدولي للبحث العلمي بمراكش، وعضو فريق الخبراء في الذكاء الاصطناعي بمنظمة اليونسكو، وكذا عضو مجموعة IFAP في اليونسكو، وعضو الاتحاد الدولي للاتصالات، ضمن الفريق (FG-AI4EE)، وعضو مؤسس في “AI Talk Initiative Code Explorer” ومؤسس الشبكة العالمية للذكاء الاصطناعي والمجتمع الدولي.

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. كنوز مختفية في الجامعات المغربية تجاهد وتكابد بمجهودها الخاص من أجل اشعاع المغرب
    برافووو فاطمة رومات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News