اقتصاد

خبير يكشف تأثير التساقطات المطرية على الأسعار ويؤكد وجود خلل هيكلي بالاقتصاد الوطني

خبير يكشف تأثير التساقطات المطرية على الأسعار ويؤكد وجود خلل هيكلي بالاقتصاد الوطني

مع تسجيل البلاد لتساقطات مطرية في العديد من الأقاليم في اليومين الماضيين انتعشت الآمال في إنقاذ الموسم الفلاحي الذي يتهدده الجفاف المتعاقب على المغرب في السنوات الماضية، وذلك بسبب الارتباط القوي ما بين الأمطار وقوة الاقتصاد الوطني، ما دفع إلى طرح تساؤلات حول كيفية تأثير التساقطات على هذا الأخير وخاصة على مستوى خفض الأسعار التي شهدت ارتفاعا كبيرا هذه السنة.

وكشف الطيب أعيس الخبير الاقتصادي والمالي المغربي، في تصريح ل”مدار21″، التأثير الكبير للتساقطات على انخفاض الأسعار بسبب العلاقة المباشرة بينهما بسبب النموذج الاقتصادي المعتمد بالمغرب، مشيرا إلى أن هذا الأخير يعيش “خللا هيكليا”، مع تحذيره من الأزمة الخطيرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي الذي يمكن أن تقود إليها سنة إضافية من الجفاف.

وأوضح الطيب أعيس وجود ارتباط مباشر ما بين التساقطات المطرية والانخفاض في الأسعار، ذلك أن التساقطات تساهم في توفر الفواكه والخضر والحليب وغيرها من المنتوجات بكثرة، مما يؤثر على انخفاض أثمانها، في حين أن الجفاف يؤدي إلى قلة الإنتاج الشيء الذي يرفع الأثمان بسبب قلة هذه المواد في الأسواق المغربية.

خلل هيكلي..

وأكد الخبير الاقتصادي والمالي أن “التساقطات المطرية لها دور كبير في الاقتصاد المغربي نظرا لسبب هيكلي مرتبط بطبيعة هذا الاقتصاد”، مشيرا إلى أن الساكنة التي تقطن في البوادي وتعتمد على النشاط الفلاحي تمثل 40 في المئة من ساكنة المغرب، في حين أن مساهمة القطاع الفلاحي في الناتج القومي الخام بالمغرب تبلغ 15 في المئة فقط، ما يعني وجود خلل هيكلي في الاقتصاد الوطني.

وتابع أعيس، في التصريح نفسه، أنه “عندما يكون هناك إشكال في التساقطات المطرية فإن نسبة 40 في المئة من الساكنة تتوقف عن العمل، الأمر الذي يطرح إشكال اقتصادي واجتماعي في نفس الوقت، وعلى العكس من ذلك فوفرة التساقطات المطرية تؤدي إلى انتعاش الفلاحة وبالنتيجة انتعاش الاقتصاد نظرا لوجود علاقة مباشرة بين اقتصاد البادية واقتصاد المدينة، ذلك أن ساكنة البادية تقبل أكثر على الاستهلاك حينما تكون المحاصيل جيدة الأمر الذي يخلق رواجا اقتصاديا”.

والملاحظ، وفق الخبير الاقتصادي والمالي، أن المغرب يعيش في السنوات الأخيرة جفافا شبه هيكليا بسبب النقص الكبير في التساقطات المطرية نظرا للتغيرات المناخية، مما أثر على الفلاحة بشكل خطير وتعدى ذلك إلى التأثير على وفرة المياه، وهذه التأثيرات وصلت إلى المدن خاصة ما يتعلق بتأمين مياه الشرب، مما ينذر بأزمة حقيقية تلوح في الأفق، يحذر الطيب أعيس.

وأفاد الخبير الاقتصادي أن “استمرار الجفاف هذه السنة، وهو السيناريو الذي نتمنى عدم حدوثه، سيطرح إشكالا على المستوى الفلاحي إضافة إلى الإشكال في مياه الشرب بالمدن، مما سيضطر الدولة إلى اتخاذ إجراءات من قبيل قطع المياه عن المدن لفترات معينة”.

مراجعة النموذج الاقتصادي

الأمر الذي يدعو، وفق الخبير الاقتصادي، إلى مراجعة النموذج الاقتصادي المعتمد حاليا بالمغرب، من خلال مجموعة من الآليات، أولها خلق أنشطة أخرى بالنسبة لساكنة البادية من قبيل الصناعات أو غيرها من الأنشطة الاقتصادية غير الفلاحية، حتى تجد نسبة ال40 في المئة من الساكنة مصادر أخرى للعيش بغض النظر عن تأثر النشاط الفلاحي بسبب أزمات الجفاف.

وعلى مستوى المياه سواء المخصصة للفلاحة أو الصالحة للشرب، يؤكد الطيب أعيس أنه “يجب مراجعة المنظومة من خلال القطع مع تبذير المياه سواء في المدن أو الفلاحة، ذلك أن هذه الأخيرة تستهلك أكثر من 75 في المئة من المياه، مما يدعو إلى الابتعاد عن الفلاحات التي تستنزف المياه من قبيل زراعات “الدلاح” أو الأفوكادو، والتوجه إلى أنشطة فلاحية أقل استهلاكا للمياه، مما يتطلب تطوير البحث العلمي لمعرفة أنواع الزراعات الصالحة وأنواع الخضر والفواكه والنباتات الأقل تطلبا للماء وتكون فوائدها الاقتصادية جيدة”.

ويضيف الخبير نفسه، في حديثه مع “مدار21″، أنه “على مستوى المدن يُسجل تبذير كبير للمياه بسبب تهالك البنية التحتية التي أصبحت قديمة، ما يسبب في ضياع الماء بسبب أعطاب على مستوى قواديس المياه بنسب تصل إلى 50 في المئة، ما يدعو إلى تشديد مراقبة تبذير المياه في المدن المغربية”.

وأضاف الخبير أنه يجب البحث عن بدائل في ما يخص تأمين المياه وعدم انتظار تساقطات الأمطار، من خلال الاشتغال في جانب تحلية مياه البحر وغيرها من الأساليب للخروج من دوامة، وأن لا يبقى الاعتماد فقط على التساقطات المطرية، التي قد تأتي أو لا تأتي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News