إدريس كسيكس: الحرية أفق مفتوح والإنسانية انطلقت من خرق القواعد

دافع الكاتب والإعلامي المغربي، إدريس كسيكس، عن إرث المتفلّتين من قيود التقاليد ورقابة المؤسسات والسلطات ومحاولات تحجيم الفعل الإنساني في أنماط متكرّرة، قائلا إن الإنسانية نفسها وليدة “عدم الانضباط” للأُطر المسطرة، في إشارة إلى “الخطيئة الأصلية” وأكل آدم وحوّاء من الشجرّة المحرّمة.

وقال صاحب كتاب “مسارات عدم الانضباط” (Les sentiers de l’indiscipline) إن “الإنسانية جاءت من حالة عدم الانضباط غير أن المؤسسات والأديان تحالفت لتأطير هذه الحالة”، مبرزا أن عدم الانضباط “طريقة في العيش جاءت كردة فعل على استفحال الظلم والتحكم وعودة الشمولية والنيو-ليبرالية وإخفاقات الديمقراطيات وتزايد أشكال الإقصاء والتمييز”.

وأكد، في ندوة بحثت “موقع الفكر الحر في عالم الغد؟” نظمت أمس الثلاثاء ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، أنه بعد اشتغاله لفترة طويلة على موضوع عدم الانضباط وصل إلى أنه في مجال الخلق والإبداع “الفنانون الأكثر إبداعا وأصالة وتفرّدا هم بالضرورة فنانون غير منضبطون”.

ونبّه، في هذا السياق، إلى أن عدم الانضباط لا يعني العبث والعشوائية وإنما يعني توقا للحرية ولنقل قيمتها للآخرين بعد تحقيق الفرد لاستقلاله الذاتي وانفكاكه عمّا يسميه الفيلسوف فريديرك نيشته بـ”أثر القطيع”.

وشدد على أن الحرية يجب أن تُفهم على أنها “أفق مفتوح ووعد متواصل وليست حالة” قارة، منوها بمن أسماهم ناقلي قيمة الحريّة وهم أشخاص “يفتحون آفاق الآخرين على إمكانات مجهولة وجديدة ويسمحون بنشوء حساسيات مختلفة” عما هو قائم.

وقال إن أحد الاتجاهات التي ظلت تعتمل عميقا في عجلة التاريخ وتكبح هذا التوق للحرية والاختلاف هو “تسييس الدين” وهو الأمر الذي يتكرر اليوم مع النيو-ليبرالية، منتجا تفكيرا مسطحا و”معياريّا”.

وحذر ، في نفس الاتجاه، من آفة أخرى باتت تهدد قدرات الفرد على التحرر الفكري وتستهدف إنسانيّته هي سطوة الخوارزميّات التي تجرّ الأفراد في عالم اليوم إلى التجسس على أنفسهم بشكل طوعي، داعيا إلى  فتح نوافذ ومسارات “تمكننا من حفظ إنسانيتنا، لأن الإنسانيّة بدورها بناء متواصل وليست حالة مكتسبة”.

وأدار الناقد بوعزة بنعشير الندوة التي شاركت فيها إلى جانب كسيكس أيضا الطبيبة والروائية المغربية سعاد جامعي.